مصر: غضب واسع من الإخلاء القسري لمئات الأسر في بورسعيد

18 فبراير 2024
إخلاء قسري لأهالي ضاحية الجميل في بورسعيد (فيسبوك)
+ الخط -

يتأجج غضب مئات الأسر في ضاحية الجميل في محافظة بورسعيد، شرق العاصمة المصرية، بينما تواصل الحكومة خطة الإخلاء القسري لسكان الضاحية وتجاهل مطالبهم بتقنين أوضاعهم بدلا من عدم تجديد عقود انتفاعهم المبرمة بينهم وبين الحكومة ممثلة في المحافظة. 

بدأت الحكومة المصرية عمليات الإخلاء القسري مطلع الأسبوع الجاري. متجاهلة الحلول التي قدمها الأهالي وبرلمانيون لتطوير المنطقة. 

ويقطن سكان ضاحية الجميل على بعد 5 كيلومترات من محافظة بورسعيد، وهي منطقة سياحية تتميز بموقع جغرافي على البحر الأبيض المتوسط، ويحتفظ أهالي المنطقة بعقود حق انتفاع طويلة الأمد تجدد سنويا. 

الإخلاء القسري وإزالة المباني متواصلة

وطبقا للعقد، يحق لأحد الطرفين "المحافظة – الأهالي" فسخ التعاقد، وهو ما يحدث حاليا، حيث إن المحافظة ترفض تجديد العقد، وأرسلت إنذارات للأهالي بإخلاء المساكن دون التشاور معهم، وقدم عدد من نواب محافظة بورسعيد طلبات بوقف قرار المحافظة بالإخلاء دون التشاور مع الأهالي وعرض مقترح السكان بشراء المنطقة. 

وبينما تستمر عمليات الإزالة والإخلاء القسري في حق سكان المنطقة، يواصل عدد من نواب البرلمان المصري، مناشداتهم للحكومة والسلطات، بوقف عمليات الإخلاء وهدم المنازل والبيوت، لحين إعادة دراسة الموقف وإيجاد حل يرضي جميع الأطراف، وهو الموقف الذي تبنته أيضا منظمات حقوقية ومجتمع مدني. 

إذ اعتبرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن "الحكومة المصرية تواصل عمليات الإخلاء القسري دون اعتبار لكيان الإنسان وأسرته، مما يشكل تهديدا خطيرا للمواطنين، ويعتبر استمرارا لسياسات التهميش والإهمال التي يعيشها المجتمع. كما يُظهر هذا السلوك الحكومي استخفافا بحقوق المواطنين في الحصول على المسكن الآمن والملائم، ويتسبب في إهدار حقوقهم الأساسية، ويتعرض سكان ضاحية الجميل غرب محافظة بورسعيد للطرد بالقوة من مساكنهم، والتعامل الحاد والمفرط من وزارة الداخلية لقمع أي محاولات من السكان للتمسك بمنازلهم". 

وأكدت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، أن ما يحدث حاليا في ضاحية جميل "هو انتهاك لحق أصيل من حقوق الإنسان في مسكن آمن وملائم، ونتيجته تشريد مئات الأسر دون توفير بديل، ومخالفة صريحة لمعاهدات مصر الدولية المتمثلة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتعليق العام رقم 7 للجنة الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المادة 11-1 من العهد (الخاصة بالحق في مستوى معيشي كاف بما في ذلك الحق في السكن الملائم) والتي تحظر عمليات الإخلاء القسري".

كما أكدت المفوضية أن عقود حقوق الانتفاع ما هي إلا تقنين مؤقت لحياة السكان يفتقد إلى عوامل أمان الحيازة الذي نصّ عليه التعليق العام رقم 4 من المادة والعهد المشار إليه.

وعبرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، عن تضامنها الكامل مع سكان ضاحية الجميل غرب بورسعيد، وأكدت على حقهم في منطقتهم بعد عرضهم شراء الأراضي وتجاهل الحكومة تلك الطلبات، وتجاهلها عرض بدائل مناسبة. 

وأكدت كذلك المفوضية أن "ما يحدث الآن مع سكان ضاحية الجميل ما هو إلا استمرار لنهج الدولة المجحف في التعامل مع المناطق غير المخططة ومناطق إعادة التخطيط، وإعادة تجسيد لما حدث سابقا مع سكان جزيرة الوراق، واقتحام منازلهم بالقوة، ووفاة أحد الأهالي الرافضين للإخلاء، وتلفيق القضايا للعديد منهم للتنازل عن أرضهم".

وأوصت المفوضية، بالوقف الفوري لأعمال الإخلاءات القسرية لسكان ضاحية الجميل، وعدم انفراد الحكومة المصرية بصناعة القرار دون إشراك الأهالي في حق تقرير مصيرهم، وباحترام مبادئ حقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تلتزم مصر بها. 

كذلك أوصت المفوضية، صناع قرار السياسات العامة بإعادة النظر في السياسات السكنية الحالية، حيث يجب على الحكومة الالتفات إلى حقوق المواطنين، وتوفير بدائل ملائمة قبل اتخاذ أي إجراء يؤثر باستقرارهم وحياتهم المعيشية، وتفهم أعمق للتحديات التي يواجهها المواطنون في مجال الإسكان، وعلى الحكومة أن تتخذ إجراءات فعّالة وشفافة للتصدي لهذه التحديات، بدلاً من تجاهلها، والاستمرار في سياسات تهميش المواطنين.

في السياق، أعلن برلمانيون عن محافظة بورسعيد، تقدمهم ببيانات وبلاغات عاجلة لوقف عمليات الإخلاء. 

وأعلن النائب أحمد فرغلي أنه تقدم ببلاغ "ضد رئيس الوزراء بشأن ما تشهده ضاحية الجميل السكنية من أعمال هدم للوحدات والمباني السكنية للأهالي، نتج عنها أعمال سرقة للوحدات وفزع للأهالي وانتشار البلطجية من تجار الخردة بالمنطقة، بعد بدء أعمال الهدم، وتعرض ضاحية الجميل السكنية لأعمال هدم للوحدات والمباني السكنية للأهالي دون سابق إنذار ودون قرار قضائي أو تنفيذي"، حسب بيان صادر عبر حسابه الرسمي الموثق على "فيسبوك".

وأضاف النائب في بيانه "تم تخصيص (319 قطعة بمساحة 120م2 – للقطعة) عام 1978 من المجلس الشعبي المحلي لمحافظة بورسعيد وقد التزم المنتفعون بسداد قيمة حق الانتفاع السنوي ورسوم الضريبة العقارية طوال السنوات الماضية بعقد حق انتفاع غير محدد المدة، وتم البناء وإدخال المرافق على نفقة المنتفعين، وقد اكتسب السكان وضعا قانونيا واجتماعيا قائما بالفعل لمدة 42 عاما، وقد نتج عن هذه القرارات حالة من الفزع لدى الأسر وانتشرت حالات السرقة". 

وتابع النائب "مع صدور توجيه السيد رئيس الجمهورية في 8/12/2020 إلى رئيس مجلس الوزراء بتكليف وزارة الإسكان (هيئة التخطيط العمراني) بالقيام خلال شهر بالتنسيق مع محافظة بورسعيد، بإعداد مقترحات للبدائل المختلفة، ومنها دراسة الالتماسات الواردة من المقيمين بالمنطقة باستعدادهم لشراء هذه الأراضي بالأسعار الحقيقية. وجب الإيقاف العاجل والفوري لأعمال الهدم، لحين دراسة المقترحات والبدائل المختلفة، والوضع القانوني للمنطقة".

كما تقدم النائب حسن عمار، ببيان عاجل للحكومة بشأن ما تشهده ضاحية الجميل من أعمال هدم للوحدات ومباني الأهالي، طالب فيه بمراعاة البُعد الاجتماعي لأهالي منطقة "ضاحية الجميل" غرب محافظة بورسعيد، وتحرك على مختلف المستويات، بشأن الأعمال التي تشهدها منطقة "ضاحية الجميل"، ووقف الأعمال من الهدم والإزالة لحين دراسة الموقف القانوني، ودراسة وجود البدائل المتاحة والمقترحة لأهالي منطقة الجميل.

المساهمون