مشروع لتعديل قانون الأحوال الشخصية يفجر غضباً واسعاً في العراق

23 يوليو 2024
قانون الأحوال الشخصية العراقي معمول به منذ عام 1959، 11 ديسمبر 2022 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **جدل حول تعديل قانون الأحوال الشخصية**: البرلمان العراقي يثير جدلاً بقراره تعديل قانون الأحوال الشخصية لعام 1959، حيث يسلب التعديل الجديد الأم حق حضانة الأطفال بعد الزواج ويعتمد على الفقه السني أو الشيعي في قضايا التفريق.

- **انتقادات حادة للتعديل**: الناشطون والحقوقيون ينتقدون التعديل، معتبرين أنه يحرم النساء من حقوقهن ويعزز الطائفية. النائب السابق آلا الطالباني ومنظمة حمورابي الحقوقية يعارضون التعديل بشدة.

- **دعم من قوى "الإطار التنسيقي"**: قوى "الإطار التنسيقي" تدعم التعديل بناءً على توصية المرجعية الدينية، متهمة أجندات خارجية بمعارضته. التعديل يواجه تظاهرات متكررة منذ 2019، مما أدى إلى تأجيل التصويت عليه.

لم تهدأ ساحة الرفض الحقوقي والإنساني في العراق منذ أيام، إثر قرار البرلمان العراقي إدراج التصويت على مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق المعمول به منذ عام 1959، وهو قانون مدني متكامل، والذي احتوى على فقرات وبنود اعتبرت تفسيرات دينية لا تناسب البلاد المتنوعة ثقافيا ودينيا ومذهبيا، كما ضمّ فقرات اعتبرت أنها حد أو حرامان لحقوق الأم والزوجة، وتحيز للرجال.

وأدرج البرلمان العراقي في الجلسة المقررة، غدا الأربعاء، القانون للتصويت عليه، وهو ما دفع الناشطين والحقوقيين إلى رفع أصواتهم محذرين من أن القانون يمثل وجها آخر للدولة الدينية التي تسعى إليها الأحزاب والكتل السياسية التقليدية بالبلاد.

حضانة الأطفال في قانون الأحوال الشخصية العراقي

وينص قانون الأحوال الشخصية المعمول به حاليا في العراق على أن للأم الحق بحضانة الولد وتربيته حال الزواج وبعد الفرقة، ولا تسقط حضانة الأم المطلقة بزواجها، غير أن التعديل الجديد المقرر التصويت عليه غدا يسلب الأم حق حضانة الولد إذا تزوجت، وللولد المحضون حق الاختيار عند بلوغ الخامسة عشرة من العمر، في الإقامة مع مَن يشاء من أبويه إذا أنست المحكمة منه الرشد في هذا الاختيار، بينما التعديل الجديد على القانون هو تخييره بعمر سبع سنوات فقط

كما ينص القانون المعمول به حاليا، على أن يكون التفريق وفقا للقانون المدني، لكن التعديل المقترح أن يتم وفقا للفقه السني أو الشيعي حسب اختيار الزوجين، وفي حال لم يكن للزوجة مذهب فقهي، للاحتكام إليه، تعتمد المحكمة مذهب الزوج في التفريق بينهما، بما يتعلق بالحقوق.

ويتضمن التعديل الجديد للقانون إدخال الوقفين السني والشيعي في قضايا الخلع والتفريق، وهو ما اعتبره الرافضون للقانون ترسيخاً للطائفية في إدارة الدولة والقضاء، وأيضا ابتعاداً عن الدستور الذي نص على مدنية الدولة العراقية.

ويتجاهل التعديل الجديد القانون حالات رفض الزوجين عقد الزواج وفقا للمدارس الفقهية السنية أو الشيعية، وهي ظاهرة متزايدة بالمجتمع العراقي الذي يشهد زيجات مختلطة من ديانات أو مذاهب متعددة، بينما القانون المعمول به حاليا في العراق يمنح منذ عام 1959 الدولة العراقية ممثلة بالقضاء المدني عقد القران والتفريق وفقا للقانون لا بحسب الطوائف أو الأديان.

حذر النائب السابق في البرلمان آلا الطالباني من تمرير القانون الذي اعتبرته ملغوما. وقالت في تدوينة لها تصف مشروع تعديل القانون: "ورقتان ملغومتان شرعيا وقانونيا وإنسانيا واجتماعيا ووطنيا"، مضيفة: "تلك هي تعديلات قانون الأحوال الشخصية المعروضة أمام مجلس النواب، هذا التعديل سيقسم العراق أكثر، وسيولد انفلاتا كبيرا في القانون وستتحول قضايا الأحوال الشخصية إلى خارج المحاكم الرسمية"، في إشارة إلى إدخال رجال الدين من كلتا الطائفتين الرئيسيتين في العراق.

ولسنوات طويلة تشهد البلاد ارتفاعا كبيرا في معدلات الطلاق، بلغت شهريا أكثر من 7 آلاف حالة طلاق، ويعزو مراقبون ومختصون ذلك لأسباب عدة أبرزها الزواج المبكر والوضع الاقتصادي وسوء استعمال مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي وتدخلات ذوي الزوج أو الزوجة بحياة الزوجين.

الناشط عمر حبيب قال إن "التعديل على قانون الأحوال الشخصية والذي سيصوت عليه مجلس النواب يوم الأربعاء يحرم الكثير من النساء من حقوقهن، منها اختيار مذهبهن بعقد الزواج ووضعه بيد الزوج وكذلك الحضانة والميراث والنفقة".

وتعتبر قوى "الإطار التنسيقي"، أبرز الداعمين للقرار، وسرب ناشطون نسخة من مشروع التعديل المطلوب عليها ملاحظة باللون الأحمر وهي (موصى به من المرجعية) في إشارة إلى مرجعية النجف الدينية الممثلة بالمرجع الديني علي السيستاني.

ودعت منظمة حمورابي العراقية الحقوقية إلى سحب القانون، وقالت في بيان سابق لها نشر على موقعها الإلكتروني، إنه "لغرض التصدي للمحاولات الرامية لإخضاع العلاقات الأسرية إلى قوانين وتشريعات ذات أسس طائفية، نرفض شرعنة الطائفية في قانون الأحوال الشخصية"، مضيفا أن "التعديل المقترح يضرب في الصميم مبدأ المساواة بين المواطنين الذي نصت عليه المادة 14 من الدستور، ويشرعن الطائفية الممزقة للنسيج الاجتماعي القائم على علاقات المصاهرة الأسرية المختلطة، ويهدد وحدة واستقلال القضاء الذي نصت عليه المواد 19 و87 و88 من الدستور من خلال ربط محكمة الأحوال الشخصية بالمجلسين العلمي الإفتائي السني والشيعي. إضافة إلى ذلك، فإن مشروع القانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي نصت عليها المادة 2 البند (ب)، ويتناقض مع التزامات العراق الدولية بالمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان".

وقال الصحافي والكاتب بهاء خليل في معرض تعليقه: "مكتوب على الورقة، (موصى به من قبل المرجعية) أي مرجعية؟، وهل جميع العراقيين يتبعون المرجعية؟ هل من دليل على أن المرجعية أوصت بهذا القانون؟ مضيفا: "تذكرني هذه العبارة بقائمة الشمعة 555 الانتخابية الذي قالوا إن من لا ينتخبها تحرم عليه زوجته بفتوى من المرجعية".

وبسبب الرفض لمشروع تعديل القانون تم تأجيل القراءة والتصويت عليه منذ عام 2019، وشهدت بغداد تظاهرات متكررة لنساء ورجال رافضين له. في المقابل، اتهم الشهر الماضي، عضو اللجنة القانونية في البرلمان محمد الخفاجي، ما قال إنها "أجندات خارجية ومنظمات دولية تقف بوجه تعديل قانون الأحوال الشخصية، وتسعى إلى منع إقراره داخل مجلس النواب من خلال نشر أفكار مضللة حول قانون التعديل". مضيفا للصحافيين أن "هذه المعارضات تستند إلى آراء غير عراقية ومواقف متحيزة، تهدف إلى إعاقة التقدم التشريعي بما يتماشى مع احتياجات المجتمع العراقي"، مشددا "نحن نرفض هذه الضغوطات ونتمسك بحقنا في إجراء التعديلات اللازمة التي تضمن حقوق جميع أفراد الأسرة." معتبرا أن التعديل على القانون "يهدف إلى تحقيق العدالة لجميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الرجل والمرأة والطفل".

المساهمون