مستوطنون يحفرون قبوراً قرب مدرسة شمال غرب أريحا

26 يناير 2024
قبور تناسب حجم الأطفال (حسن مليحات)
+ الخط -

في إطار الضغط الممنهج الذي يعتمده الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنون في الضفة الغربية، عمد المستوطنون أخيراً إلى حفر قبور قرب مدرسة، ما يعد دعوة صريحة لممارسة القتل الجماعي بحق الأطفال.

لم يكن ما فعله مستوطنون متطرفون بحق تلاميذ مدرسة التجمع البدوي "عرب الكعابنة" في منطقة عرب المليحات المعروفة بالمعرجات شمال غرب أريحا وسط الضفة الغربية، وقد حفروا مساء أول من أمس الأربعاء خمسة قبور إلى جانب المدرسة، سوى دعوة صريحة لممارسة القتل الجماعي بحق الأطفال الفلسطينيين، بحسب منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو في فلسطين.
ويؤكد المشرف العام للمنظمة، حسن مليحات، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "الخطورة لا تكمن في حفر القبور فقط، بل المكان الذي حفرت فيه أي في منطقة محاذية للمدرسة يمر فيها الأطفال، علماً أن حجمها يلائم حجم طفل صغير، وقد وضعوا على كل قبر زهرة حمراء للإيحاء بالنيّة المبيتة للقتل والتخويف".
وقبل حوالي شهر، كان المستوطنون قد علّقوا دمىً ملطخة بالدماء على أبواب المدرسة ذاتها، تبعها اقتحام المدرسة وتكسير أبوابها ونوافذها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ثم اقتحام صفوف المدرسة والتحقيق مع المعلمين والأطفال، وقد تعرض بعضهم للضرب المبرح من قبل 3 مستوطنين يتعمدون بشكل دوري التهجّم على أطفال المدرسة. 
يقول مليحات إن سلطات الاحتلال كانت قد أصدرت 27 إخطاراً بالهدم. وفي كل مرة تتعرض للهدم أو التكسير، تُبنى من جديد بجهود متبرعين، في إشارة إلى تقصيرٍ واضح من المؤسسات الرسمية الفلسطينية والمؤسسات الدولية المعنية بالطفل وحقوق الإنسان. 
ويتابع مليحات: "ناشدنا الوزارات المعنية في الحكومة الفلسطينية وأعضاءً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه، ويبدو أنه ما من أحد مهتم بهذه المدرسة ومنطقة عرب الكعابنة التي تتعرض للتهجير القسري، ومن المرجّح في الوقت القريب أن تصبح خالية من أصحابها".
ويحذّر مليحات من مصيرٍ يهدد مدرسة عرب الكعابنة، ويشبه ما حل بـ 25 تجمعٍا بدويا في الضفة الغربية أجبرت على ترك تجمعاتها خلال العام الماضي، وقد تعرّضت منطقة عرب المليحات التي تقع فيها المدرسة إلى 360 اعتداء خلال عام 2023. 

وكانت منظمة البيدر قد أصدرت بياناً حذرت فيه من حفريات ينفّذها "مستوطنون ترافقهم آليات ومعدات جيش الاحتلال الإسرائيلي، بهدف تجريف أراضٍ لتجمع عرب المليحات، تمهيداً للاستيلاء عليها ودفع السكان للرحيل القسري، ما يعني التطهير العرقي". ويعيش قرابة 1200 مواطن في التجمع البدوي عرب الكعابنة في منطقة محاذية لمستوطنة رعوية تدعى "ميفوت يريحو" وهي مقامة على أراضي الفلسطينيين، وتبعد عن التجمع مسافة كيلومترين، ويعيش أهالي التجمع في خيام أو منازل مسقوفة بالصفيح، كما هو حال مدرسة التجمع البالغ عدد تلاميذها 84.
وكان لاعتداءات المستوطنين على تلاميذ المدرسة تأثيرات نفسية، وبات البعض يتغيب عن الحضور كما يقول مدير المدرسة رامي الدمنهوري. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أن تلاميذ المدرسة يروون عدم قدرتهم على النوم ليلاً، ما أثر على حضورهم وتركيزهم. ويعزو مدير المدرسة تغيّب التلاميذ لسببين: "الأول هو تكرر اعتداءات المستوطنين برفقة جيش الاحتلال أو لوحدهم متنكرين بزي عسكري للجيش، والثاني وجود مستوطن بين منازل تجمع عرب المليحات وإقامته بيتاً يوجد فيه على الدوام، حيث يوجه أضواءً مزعجة إلى منازل الأهالي في سبيل إرهاب الأطفال، ما من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض وتراجع أعداد تلاميذ المدرسة".  

ويلفت الدمنهوري إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية بحق المدرسة قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي كانت تقع غالباً بعد انتهاء الدوام المدرسي، بينما تطورت الانتهاكات منذ التاريخ المذكور إلى اعتداءات خلال فترة دوام التلاميذ، وسجّلت المدرسة ما لا يقل عن 8 اعتداءات خلال الدوام، وذلك رغم الأيام القليلة التي وجدوا خلالها في المدرسة. 
وحاولت المدرسة قبل نحو شهرين بناء جدار من الطوب للحد من اعتداءات المستوطنين، إلا أن سلطات الاحتلال صادرت معدات البناء، فيما تعرضت المدرسة لاحقاً لهدم جزءٍ من غرفة صفّية، تبعتها إزالة العلم الفلسطيني عن السارية في المدرسة ورفع العلم الإسرائيلي ومنع أحدٍ من إزالته، بحسب الدمنهوري.
وتحصل معظم هذه الانتهاكات من قبل مستوطنين يرتدون لباساً عسكرياً، وفق بيانٍ صادرٍ عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية. وسجل "أكثر من 35 اعتداء نفذه مستوطنون بلباس جيش الاحتلال على ممتلكات المواطنين، بالإضافة إلى أكثر من 23 اعتداء جرى تنفيذها برعاية الجيش ومراقبته وحمايته، ما يدل على الرعاية اللوجستية التي تقدمها دولة الاحتلال للمليشيات المسلحة، في واحد من تجليات إرهاب الدولة الرسمي".
وتوضح الهيئة أن المستوطنين نفّذوا 120 اعتداء منذ مطلع العام الجاري، في ظل التطمينات التي يتلقاها المستوطنون من المستوى السياسي في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، والتي توفر لهم الحماية والحصانة أمام أي محاكمات وشيكة أو عقوبات قد تفرض عليهم. 

المساهمون