حصلت بعض تأثيرات تغير المناخ المخيفة بفعل يد الإنسان التي امتدت إلى الطبيعة لتأخذ منها خصائصها المفيدة للحياة على وجه الكرة الأرضية، وفي المقابل أعطت الطبيعة غازات دفيئة ومركبات تحبس حرارة الأرض، بل وترفعها، ما سبب ذوبان جليد القطبين، وارتفاع منسوب مياه البحار، وأحدث حالات جوية وبيئية يصعب توقعها، وهذه المتغيرات تهدد بمستقبل مخيف للكوكب، فربما لا يمكن إعادة تأهيله أو إعادته إلى سابق عهده، أو أنه سيصبح غير قابل للإصلاح بحلول عام 2030، ووفقاً للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة لتجنب الآثار الكارثية للاحترار العالمي.
نعيش اليوم في حالة مناخية لا يمكننا وقفها خلال فترة عمرنا، وقد لا يتمكن الجيل الحالي من تخطيها إذا لم نتمكن من تخفيض غازات الدفيئة بعد عشر سنوات. رغم ذلك، فإن ارتفاع حرارة البحار لا يبدو أنه سيتراجع في القريب إلى سابق عهده في حال أوقفنا غازات الدفيئة، فالأمر قد يستغرق أكثر من مائة سنة أو أكثر لكي تزول هذه الآثار.
يحطم الاحترار العالمي أرقاماً قياسية جديدة كل عام، ولا تظهر أي علامات على انخفاض هذه الأرقام، ونحن نستخدم موارد الكوكب أكثر مما يمكنه أن يجدد. كل هذا يعتبر مرعباً، خاصة إذا ما علمنا بالحقائق المخيفة لتأثيرات تغير المناخ، فبدون حصول تغيير لأفعالنا المضرة بالكوكب سيؤدي تغير المناخ إلى القضاء على الشعاب المرجانية تماماً، ويمكن أن نشهد زيادة في انتشار الفيضانات والجفاف.
تعتبر مستويات غازات الاحتباس الحراري في أعلى مستوياتها على الإطلاق حالياً، وبالتالي فإن هناك غازات دفيئة في الغلاف الجوي أكثر من أي وقت مضى، وهذا يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض، ويساهم حرق الوقود الأحفوري، والانبعاثات من وسائل النقل، والأثر البيئي للزراعة المكثفة في ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، ويقول العلماء إن هذه أسرع وأكبر زيادة في ثاني أكسيد الكربون شهدها العالم في التاريخ.
أما من ناحية الكائنات الحية المتأثرة من تبعات تغير المناخ، فهنالك أكثر من مليون نوع تواجه الانقراض، في حين أن المعدل المتوقع لانقراض الأنواع عادة ما يكون نحو 5 أنواع فقط في السنة، ما يعني أننا نفقد 10 آلاف ضعف المعدل الطبيعي، ومن المعروف أن فقدان التنوع البيولوجي يؤدي إلى تقليل جودة المياه، ويضر بالأمن الغذائي، كما يؤدي إلى فقدان السيطرة الطبيعية على الآفات، حيث تنقرض الحيوانات المفترسة لها، مثل الضفادع والعناكب والسحالي وغيرها.
من جهة أخرى، يؤدي تغير المناخ إلى خلق أزمة لاجئين، إذ يفر ملايين الأشخاص من مناطقهم لتجنب آثار الجفاف والعواصف، وهذه الأرقام مهيأة للارتفاع، وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أن نحو 200 مليون شخص يمكن أن يتشردوا بسبب تغيرات المناخ بحلول عام 2050، وهؤلاء المشردون سيصبحون لاجئين فقراء.
ومع أن كوكبنا لا تزال لديه بعض الصحة الجيدة، فقد حذرت الأمم المتحدة من أن الحياة البحرية تواجه أضراراً لا يمكن إصلاحها بسبب ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية التي تلقى في المحيطات سنوياً، وقد ماتت نصف الشعاب المرجانية في العالم خلال السنوات الثلاثين الماضية، وتضرر ثلثا الحاجز المرجاني العظيم. كل هذا يحدث لأن درجة حرارة البحر مرتفعة، ولأننا نواصل استخدام موارد الأرض بمعدل متزايد، علماً أن القوى العظمى في العالم تستخدم وحدها أكثر من ضعف كمية الموارد التي يمكن للكوكب إنتاجها.
في النهاية لا بد من الإشارة إلى أنه يمكن للجميع القيام بواجبهم للمساعدة في منع آثار تغير المناخ، ويمكننا التأثير إيجاباً على صحة كوكبنا إذا تحولنا إلى الطاقة النظيفة في الحال.
(اختصاصي في علم الطيور البرية)