مع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا يومها السادس، بدأت تداعياتها على القطاع الصحي، إذ تعاني مستشفيات البلاد من ندرة الأدوية والمستلزمات الضرورية لمعالجة جرحى الحرب، فضلا عن نقص إمدادات الأوكسجين اللازمة لعلاج مرضى فيروس كورونا، وغيره من الأمراض.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن شاحنات نقل الأوكسجين لم تتمكن من توصيل الإمدادات من المصانع إلى مستشفيات أوكرانيا، الأمر الذي يهدد حياة المرضى، ما اضطر المنظمة إلى السعي لتقديم المعدات الصحية الأساسية عبر بولندا، في حين تتحدث تقارير صحافية محلية عن إمكانية نفاد المخزون خلال الـ24 ساعة القادمة.
لكن نقص الأوكسجين ليس المشكلة الوحيدة التي يعاني منها مرضى أوكرانيا، بل هناك تحديات أخرى تواجهها السلطات الصحية، بما في ذلك فيروس كورونا، وخطط التطعيمات الدورية، وخصوصا تطعيمات شلل الأطفال، والتي يخشى الأطباء تلف جرعاتها بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
ويرى خبراء الصحة أنه إذا طال أمد الحرب في أوكرانيا، فإن البنية التحتية للرعاية الصحية ستكون عرضة للدمار.
وأدى القتال في شرق أوكرانيا إلى هجرة جماعية إلى الغرب، مما تسبب في ازدحام مراكز النقل الجماعي والقطارات وتكدس الطرق، وتظهر الصور ومقاطع الفيديو المتداولة الأعداد الكبيرة من النازحين، ما يرجح إمكانية ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا، حسب الباحث في مركز الأمن الصحي بجامعة جونز هوبكنز، إريك إس تونر، فضلا عن مخاطر نقل اللاجئين الوباء عبر الحدود إلى بولندا والمجر وسلوفاكيا ورومانيا.
النزوح واللجوء يفاقمان تفشي فيروس كورونا
وقال مدير الصحة الدولية في كلية جونز هوبكنز، بول شبيجل، لمجلة "فوربس" الأميركية، إنه من المتوقع أن ترتفع حدة الإصابات بكورونا مع استمرار الحرب، إذ يختبئ الناس في ملاجئ مكتظة، ولا يمكن توفير أماكن للحجر الصحي للمصابين، مشيرا إلى أن "أوكرانيا على وشك كارثة صحية".
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اكتشفت السلطات الأوكرانية أول حالة شلل أطفال منذ خمس سنوات، لطفل يبلغ من العمر 17 شهراً، ثم تم العثور على حالة أخرى في يناير/ كانون الثاني الماضي، كما تم التعرف على 19 طفلاً آخرين مصابين بشلل الأطفال، ولكن من دون أعراض الشلل الواضحة، مما دفع السلطات إلى إطلاق حملة تحصين ضد شلل الأطفال على مستوى البلاد، لكن الحملة توقفت مع بدء القتال.
ويخشى عضو هيئة التدريس في مبادرة هارفارد الإنسانية، تيموثي إريكسون، عدم توقف تفشي شلل الأطفال في أوكرانيا، وأن يعاود المرض الظهور في بلدان كان يُعتقد في السابق أنها قضت عليه، وخاصة دول الجوار.
تداعيات الحرب تهدد حياة مرضى الإيدز والسل
ولا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة لمرضى نقص المناعة المكتسبة "إيدز"، والمعرضين حاليا لنقص الأدوية، كما حذرت وكالة الأمم المتحدة المعنية بالمرض من انتهاء صلاحية الكثير من الأدوية المتوفرة خلال الفترة القادمة، ما يعرض المرضى لخطر حقيقي.
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المعني بفيروس نقص المناعة، ويني بيانيما، إن "الأشخاص المتعايشين مع الفيروس في أوكرانيا لم يتبق لهم سوى بضعة أسابيع من الأدوية المتاحة، ومن دون إمكانية الوصول المستمر للعلاج فإن حياتهم معرضة للخطر".
ويعاني نحو 250 ألف شخص من الفيروس في أوكرانيا، وهو ثاني أكبر عدد في أوروبا بعد روسيا، بحسب بيانات صادرة عن السلطات الصحية الأوكرانية.
وتعاني أوكرانيا أيضاً من ارتفاع عدد المصابين بمرض السل. وحسب منظمة الصحة العالمية، يتم تسجيل نحو 30 ألف مصاب جديد بالسل سنويا.
ورغم أن السلطات نجحت خلال السنوات الماضية في خفض عدد الإصابات الجديدة، لكن لا يزال انتشار السل وكذلك مستوى الوفيات مرتفعين مقارنة بالدول الأوروبية.
وفي 28 فبراير/شباط، أكدت الحكومة الأوكرانية أن جميع عيادات السل لا تزال مفتوحة، وأنه تم تزويد المرضى بأدوية تكفي لمدة شهر تحسبا لتدهور الأوضاع.