مساع قبلية لإلغاء قرار طالبان بمنع تعليم الأفغانيات

23 فبراير 2024
تحتاج أفغانستان إلى مئات الكوادر النسائية (شفيع الله كاكار/ فرانس برس)
+ الخط -

لا تظهر أية بوادر لفتح حكومة طالبان المدارس والجامعات في وجه البنات، رغم أن الشعب الأفغاني بأطيافه المختلفة يطلب منها ذلك، كما توجد خلافات داخل قيادات الحركة بشأن القضية.

رغم إصرار حركة طالبان على موقفها الرافض لتعليم الفتيات، والذي يثير ضدها انتقادات محلية ودولية، تسعى الزعامات القبلية إلى جانب علماء الدين في أفغانستان من أجل إقناع قيادات الحركة بتغيير موقفها، عبر الرسائل والمناشدات، وعقد الاجتماعات.
وفي 14 يناير/كانون الثاني الماضي، عُقد اجتماع ضم عدداً كبيراً من علماء الدين والزعامات القبلية في العاصمة كابول، وحضره مسؤولون كبار في الحكومة، وكان هدفه إقرار منح النساء والفتيات حق التعليم، وفتح المدارس والجامعات أمامهن.
وخلال الاجتماع، قال نائب رئيس الوزراء المولوي عبد الكبير، إن حكومة طالبان تعمل ليل نهار على خدمة جميع شرائح المجتمع الأفغاني، وفق ما تسمح به الشريعة الإسلامية والأعراف المحلية، مشدداً على أن الأوضاع في البلاد تحسّنت، والكثير من الأمور آخذة في التحسن بتعاون المجتمع مع الحكومة، وتحديداً القبائل وعلماء الدين.
من جانبهم، طالب عدد من علماء الدين وزعماء القبائل حكومة طالبان بفتح مدارس البنات، وفتح الجامعات أمام الطالبات، مؤكدين أنه من دون تعليم البنات لن يمكن للمجتمع التطور، وأنه على حكومة طالبان أن تسمع آراء القبائل وعلماء الدين الذين جاؤوا إلى كابول من مختلف الولايات لإقناع مسؤوليها بهذا المطلب، كما طلب علماء الدين والزعامات القبلية أن يكون هناك تواصل دائم مع الحكومة من أجل توصيل المطالب بشكل سلس، مشددين على أن القبائل، وعلى مر التاريخ، كانت ضحية ما يجري في البلاد، وتعاني مناطقها من مشاكل كثيرة يقع عبء حلها على الحكومة.

يقول المولوي نور الدين، والذي شارك في الاجتماع، لـ"العربي الجديد"، إن "العلماء والزعامة القبلية كان كلامهم واضحاً وصريحاً، ولم تكن مطالبهم تتعلق بمنطقة واحدة، أو بعرقية أو شريحة معينة، بل كانت تشمل كل أطياف الشعب الأفغاني، وتركز على حقوق النساء في ضوء الشريعة الإسلامية والأعراف المحلية، وفي مقدمتها حق التعليم، وضرورة فتح المدارس والجامعات أمام الفتيات، لأن القضية لم تعد تتعلق بالنساء والفتيات فحسب، بل بالشعب كله، فالبلاد تحتاج إلى كوادر علمية نسائية في العديد من المجالات المختلفة، وخصوصاً في مجالات الصحة والتعليم والقضاء والأمن".

تطالب الأفغانيات بحقهن في التعليم (عاطف أريان/فرانس برس)
تطالب الأفغانيات بحقهن في التعليم (عاطف أريان/فرانس برس)

يضيف نور الدين: "من ضمن ما جرى الحديث حوله الشح الكبير في الكادر الطبي النسائي بمختلف المناطق، خصوصاً المناطق النائية، حيث لا تتوفر طبيبات أو ممرضات، كما تحتاج البلاد إلى أعداد من المعلمات، والشرطيات، والعاملات في السجون وغيرها من القطاعات. نواجه شحاً كبيراً في مجالات عدة، في ضوء ما حصل من هروب من البلاد بعد خروج القوات الدولية، إثر سيطرة طالبان على الحكم. كان نائب رئيس الوزراء المولوي عبد الكبير، يسمع لزعماء القبائل وعلماء الدين في ذلك الاجتماع المهم، وهذا أمر إيجابي للغاية، وكان الرجل متفهماً الأوضاع، ويدرك ما يكنه الشعب الأفغاني لعلماء الدين والزعامة القبلية، وقد سمع بشكل مفصل مطالب المشاركين، وقدر شأن ما يقولون، ووعد بنقل الآراء إلى قيادة حكومة طالبان".
لم يشارك الزعيم القبلي بيرك خان في الاجتماع، لكنه مهتم بتعليم النساء والفتيات، ولديه 6 بنات محرومات من التعليم، ويقول لـ"العربي الجديد": "حكومة طالبان هي أحسن ما شهدناه من حكومات خلال العقود الأخيرة. هناك أمن واستقرار، والحياة الاقتصادية والمعيشية تتحسن، وهناك شعور بالمسؤولية، وعندما يحصل معنا أي شيء، ندرك أن هناك جهة سوف تحاسب، وأنه لا أحد فوق القانون، بينما في زمن ما قبل طالبان، كان أمراء الحرب لا يمكن مساءلتهم، ويقومون بما يحلو لهم، الآن إذا قام قيادي في طالبان بأي ظلم لمواطن، فهناك جهات نتقدم إليها، وتتم المساءلة، وهناك محاكم خاصة تعمل بسرعة من أجل محاكمة من بيدهم المناصب والقوة".

يضيف خان: "أصعب ما نواجهه حالياً كآباء هو موضوع منع تعليم الفتيات، وما يهمنا هو حق بناتنا. أفغانستان بلد واعدة، وكلها حالياً تحت سيطرة واحدة، وتنفذ القرارات والقوانين في كابول وقندهار، كما في مزار شريف وننغرهار وخوست، وفي كل ربوع أفغانستان، ولدينا جيش وشرطة وأمن ونظام، ونطلب من هذا النظام أن يسمح لبناتنا بالتعليم، وعلى حكومة طالبان أن تدرك أن القبائل ستكون سداً منيعاً في وجه أعدائها، وستقاوم أي تحد في داخل البلاد أو من خارجها، فلا نريد بأي حال أن تعبث أي جهة بما ننعم به حالياً من الأمن والاستقرار، وبالتالي نحن نقف مع هذا النظام، وسنقف معه بكل حزم في المستقبل أيضاً، لكن عليه السماح لبناتنا بالتعلم، في المدارس وفي الجامعات".

المساهمون