يواجه مرضى القصور الكلوي في تونس، أزمة نقص الأدوية وإضرابات مراكز تصفية الدم، ما يزيد في معاناة أكثر من 13 ألف تونسي تبقيهم حصص التصفية على قيد الحياة نتيجة تضرر الوظائف الأساسية للكلى.
ومؤخرا، أعلن المكتب التنفيذي للغرفة الوطنية لأصحاب مصحات تصفية الدم اعتزامهم وقف نشاط عمليات التصفية للمرضى في كامل مصحات البلاد بداية من يوم 11 يناير/كانون الثاني المقبل، احتجاجاً على تردّي الوضع المالي للمؤسسات الصحية التي تؤمن الخدمة لأكثر من 8500 مريض يقومون بحصص التصفية في القطاع الخاص.
ويخشى المصابون بالقصور الكلوي من تداعيات وقف نشاط المصحات وعدم قدرتهم على الحصول على حصص التصفية في مستشفيات القطاع الحكومي التي تشهد اكتظاظاً كبيراً وتراجعاً في الخدمات، فضلا عن انقطاع التزويد بأدوية حيوية تساعد على استقرار معدلات البوتاسيوم في الدم وتحدّ من التسمم الناجم عن تراكم الأملاح داخل أجسام المرضى.
ويعدّ منتصر الأسودي (28 عاماً) واحداً من آلاف التونسيين القلقين على وضعهم الصحي في حال توقف عمل المصحات الخاصة خلال الأسابيع المقبلة، بعد أن حرمه نقص الأدوية في السوق وغلاء أسعارها من الحصول على دواء "كاكسالات" المهم بالنسبة لوضعه.
يقول منتصر لـ"العربي الجديد" إنه "لم يحصل على الدواء منذ نحو سنتين نتيجة عدم توفره في السوق وارتفاع سعره لنحو 110 دينارات (حوالي 35 دولارا) للعلبة الواحدة التي تكفي لـ18 يوماً فقط".
ويضيف أن دواء "كاكسالات" "مهم جدا لتحسين وضعه الصحي، إذ يساعد على تجّنب ارتفاع نسبة السموم في الدم والبوتاسيوم، كما يحافظ على استقرار ضغط الدم ويحمي من التجلطات وعدم انتظام دقات القلب". غير أن المريض العشريني لم يحصل عليه منذ ما يزيد عن 20 شهراً.
ويشير إلى أن "بعض مرضى الكلى يجلبون هذا الدواء من الخارج، بمعنى أن الحماية من تداعيات نقص العلاجات أضحت من حق الميسورين فقط".
ويوضح منتصر أنه "كان يحصل على حصص تصفية الدم في مصحة خاصة بمدينة سبيطلة بمحافظة القصرين، غير أن المصحة أغلقت أبوابها قبل أسبوعين بسبب صعوبات مالية، ما يجبره على التنقل لكيلومترات من أجل الحصول على حصة تصفية في مصحة أخرى بمقر محافظة القصرين، وهو ما يزيد من إرهاقه جسديا".
وتطالب غرفة مصحات تصفية الدم، السلطات بإيجاد الحلول الكفيلة لإنقاذ القطاع، مؤكدة في بيان أصدرته سابقاً أنها اضطرت إلى اتخاذ هذا القرار بعدما استوفى المهنيون كل محاولات الحوار مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض من أجل زيادة سعر حصص التصفية التي أصبحت الأقل سعرا عالميا.
وأكدت رئيسة الغرفة، هاجر الإمام أن "مصحة تصفية الدم في مدينة سبيطلة أغلقت نتيجة عدم قدرتها على مواصلة العمل وتحمّل الخسائر المتراكمة بسبب ارتفاع كلفة الاستغلال والتجهيزات باهظة الثمن".
وقالت الإمام وفقاً لما نقل عنها البيان أن "كلفة الحصة الواحدة لتصفية الدم تبلغ 180 دينارا( 58 دولارا) للفرد الواحد تتحمل فيها المصحات خسائر 64 دينارا". وأشارت إلى أن المصحات توفر خدمة التصفية لـ8500 مصاب بالقصور الكلوي من مجموع 13500 مريض يجرون هذه الحصص.
وكانت دراسة علمية أنجزها فريق من الأطباء والباحثين بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر بصفاقس، أكدت ارتفاع عدد المصابين بمرض القصور الكلوي، من 4200 مصاب في سنة 2000 إلى 10850 في سنة 2017 فيما يقبع 1400 مريض على قائمة المنتظرين لزرع الكلى.
كما أشارت الدراسة إلى ارتفاع كلفة علاج القصور، إذ يكلف خزينة الدولة أكثر من 90 مليون دينار سنوياً، بالإضافة إلى فقدان سجل وطني يحصر الحالة المرضية ويساعد على معالجتها والتقليص من آثارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية.