مرضى ألزهايمر ضحايا الضياع في شوارع تونس

08 مايو 2024
يحتاج مرضى ألزهايمر إلى رعاية خاصة (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- عامر المولهي يعتني بوالده المصاب بألزهايمر لأربع سنوات، مع تدهور حالة والده الذي يبلغ من العمر 70 عامًا، مما دفعه للعيش معه لتقديم الرعاية اللازمة.
- محمد الشابي يعاني من فقدان والده المصاب بألزهايمر لأكثر من ستة أشهر، مما يبرز تحديات العائلات في التعامل مع ضياع المرضى وأهمية الرعاية المستمرة.
- الأخصائيون يقدمون نصائح للتعامل مع مرضى ألزهايمر تشمل مرافقتهم باستمرار، استخدام وسائل تعريف، وتنشيط الذاكرة، بينما تسعى جمعيات مثل جمعية ألزهايمر تونس لتوفير الدعم والتدريب للعائلات.

يتابع عامر المولهي الحالة الصحية لوالده منذ إصابته بمرض ألزهايمر قبل نحو أربعة سنوات، وكان يتفقده يومياً قبل الذهاب إلى العمل وبعد العودة منه، قبل أن يقرر أن ينتقل مع عائلته للعيش في منزل والده حتى يتمكن من رعايته، لا سيما أنه فقد الذاكرة، ولا يستطيع تذكر الأماكن ولا الأشخاص.
يقول عامر لـ"العربي الجديد": "يبلغ عمر والدي سبعين سنة، وبدأ يفقد الذاكرة قبل خمس سنوات، كان في البداية ينسى بعض الأمور، ولم أنتبه للأسف في بداية الأمر، إلى أن صار ينسى طريق العودة إلى المنزل. في أحد الأيام اتصل بي ليسألني عن اسم الشارع الذي يعيش فيه، وصدمني الموقف. بعد تلك الواقعة عرضته على أحد المختصين الذي شخص حالته على أنها بدايات إصابة بمرض ألزهايمر".
يضيف: "رغم اتباع إرشادات الطبيب، ومرافقة والدي دوماً، إلا أنّه فقد الذاكرة تماماً، وأحمد الله أنّنا استطعنا إيجاده بعد ضياعه مرتين، لأننا نتصل به دوماً على هاتفه، ووضعنا قلادة في رقبته تحمل جميع أرقامنا تحسبا لأي خطر، لكنه اليوم لا يخرج من المنزل إلا رفقة أحد منا، كما نراقبه باستمرار".
وتواجه العديد من العائلات التي لديها فرد مصاب بألزهايمر مشاكل مختلفة، لعل أبرزها ضياع المريض، وليس ذلك بسبب قلة الوعي بخطورة المرض، وإنما لأن الحالة قد تتطور فجأة إلى فقدان ذاكرة كامل، وعدم القدرة على تذكر مقر السكن، أو حتى اسمه.
يقول محمد الشابي إنّ والده اختفى قبل أكثر من ستة أشهر، ولم يتمكنوا من العثور عليه حتى الآن، مشيراً إلى أنهم لم يتوقعوا أن يصل به الأمر إلى نسيان مكان إقامته، ورغم تكرار محاولات البحث، ونشر صوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتم إيجاده.

يمر مريض ألزهايمر بعدة مراحل قبل أن يفقد ذاكرته تماماً

ويشير إلى أنّ والده أصيب بألزهايمر قبل سنتين، وكان يتلقى العلاج، وكانت العائلة تحرص على توفير مرافقة دائمة له، لكنه بات انطوائياً وقليل الكلام، ولا يحب الخروج كثيراً من المنزل، وخلال غياب العائلة، خرج من دون علم أحد، ولم يعد منذ ذلك الحين.
وتلجأ العديد من العائلات إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر صور المتغيبين، ونداءات للبحث عنهم، وعادة ما يمكن العثور على الأشخاص، في حين تتواصل عمليات البحث عن آخرين لأشهر، وقد لا يعثر البعض على ذويهم الذين يظلون مفقودين.
ويقدم الأخصائيون عدّة نصائح للتعامل مع مرضى ألزهايمر تشمل مرافقتهم باستمرار، وعدم السماح لهم بالخروج من البيت بمفردهم، وضرورة أن يحمل المريض قلادة أو إسوارة تحمل اسمه وأرقام التواصل مع عائلته لتسهيل عملية إيجاده والتعرف على هويته في حال ضياعه. لكن العديد من العائلات لا تتبع النصائح والتوجيهات لعدم توقعهم أن يصل الأمر بالمريض إلى نسيان اسمه أو عنوان إقامته.
ويقول المختص في التدريب على تنشيط الذاكرة، معز الطريقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ مريض ألزهايمر يمر بعدة مراحل، إذ يفقد في البداية الذاكرة قريبة المدى، ويبدأ في تكرار ذات الحديث أكثر من مرة، وفيما بعد تصبح لديه مشاكل في الحديث، وفي إيجاد الكلمات المناسبة، أو ينسى ما يريد الحديث بخصوصه، وفي مرحلة تالية يصبح المريض غير قادر على القيام ببعض الأشياء البسيطة، فيبدأ الشعور بالتوتر، أو يصبح شارد الذهن، في حين يصبح في المرحلة الأخيرة غير قادر على تذكر الأشخاص والأماكن.

ولا توجد في تونس إحصائيات دقيقة حول أعداد المصابين بهذا المرض، لكن أستاذ طب الأعصاب، جمال الزوالي، يشير إلى تسجيل ما بين 500 إلى 600 إصابة سنوياً بالمرض الذي يستهدف الأشخاص الذين تجاوزوا 65 سنة.
ووفرت جمعية ألزهايمر تونس ملفاً تدريبياً خاصاً بمساعدي رعاية مرضى ألزهايمر يسمح لعائلة المريض بالاعتماد عليه والإلمام بجميع جوانب العناية بالمريض، وأكدت أنّه تم الاتفاق مع مركز مختص بالتكوين المهني في المجال الصحي من أجل إنجاز برنامج تدريس لتكوين القائمين على رعاية مرضى ألزهايمر.
ويؤكد المدرب معز الطريقي أنّ "الدورات التدريبية في تنشيط الذاكرة التي يقوم بها تساعد على عدم النسيان، فتنشيط الذاكرة يساعد على تنمية القدرات في الدراسة والعمل، وفي الحياة الاجتماعية ككل، والفئات العمرية التي تشارك في هذه الدورات يتراوح عمرها بين 14 إلى 75 سنة، ويمارسون عدة تمارين تحفز الذاكرة، ولا يجب على أي شخص أن ينتظر الوصول إلى مرحلة فقدان الذاكرة، بل يجب القيام دوماً بأنشطة تحفيز الذاكرة".
ويضيف: "مريض ألزهايمر يحتاج إلى رعاية خاصة، ومرافقة مستمرة، لأنّ حالته النفسية تكون أكثر حساسية من أي وقت مضى، ولن يتحمل أي سوء تصرف أو سوء معاملة، وينبغي التحدث معه باستمرار حتى لا ينسى الكلمات، وهذا يتطلب توعية جميع أفراد العائلات بهذا المرض، وبطريقة التعامل مع المريض، وعلى العائلة الحذر من تركه وحيداً، أو خروجه وحيداً، فقد ينسى طريق العودة إلى البيت، ما يجعله عرضة للضياع".

المساهمون