استبعدت نقابة مدرّسي تونس اللجوء إلى تحركات تصعيدية مع بداية العام الدراسي الجديد 2023-2024، ومن بين ذلك مقاطعة العودة المدرسية، على الرغم من تمسّكها بمطالبها التي لم تتحقّق بعد، والتي خاض من أجلها المدرّسون احتجاجات عديدة على امتداد العام الدراسي الماضي.
وعقدت الجامعة العامة للتعليم الأساسي، اليوم الخميس، هيئة إدارية لتقييم مسارها التفاوضي مع وزارة التربية طوال الأشهر الماضية والنظر في كيفية مواصلة المسار من أجل تحصيل حقوق المدرّسين المادية والمهنية في تونس.
وقال الكاتب العام المساعد في الجامعة العامة للتعليم الأساسي، توفيق الشابي، لـ"العربي الجديد" إنّ "من غير المطروح مقاطعة العودة المدرسية"، لافتاً إلى أنّ "النية تذهب في اتجاه تأكيد مبدأ العودة إلى المفاوضات مع الوزارة، على الرغم من عدم استجابتها لمطالب النقابة بالجلوس مجدّداً إلى طاولة الحوار".
أضاف الشابي أنّ "العودة المدرسية تأتي وسط ظروف صعبة بالنسبة إلى المدرّسين الذين طاولهم حجب رواتب شهر يوليو/تموز الماضي، فيما أُعفي مديرو مدارس من مهامهم بسبب تمسّكهم في خلال العام الدراسي الماضي (2022-2023) بحجب أعداد التلاميذ للضغط على الوزارة من أجل الاستجابة لمطالب النقابة".
وبيّن الشابي أنّ "الوزارة تواصل حجب رواتب 3500 مدرّس منذ يوليو الماضي، إلى جانب انفرادها في اتخاذ قرارات كان من المفترض أن تكون محلّ تشاور مسبق مع النقابات". ورأى أنّ ذلك "ينعكس سلباً على الجوّ العام ويسبّب توتّراً لا يخدم سلامة مناخات العمل في خلال العودة المدرسية المرتقبة".
وتابع المسؤول النقابي، قائلاً إنّ "القطاع عرف في الموسم الدراسي الماضي أجواءً متوتّرة، وقد استمرّت أزمته حتى العطلة الصيفية، ومن ذلك اقتطاع أجور المدرّسين وانفراد الوزارة بتسمية مديري المدارس من دون الرجوع إلى الطرف النقابي".
وأكمل الشابي أنّ "نقابة المدرّسين ما زالت ترى أنّ الحلّ الأسلم لتهدئة الأجواء ما بين القطاع والوزارة يقضي بالعودة قريباً إلى طاولة المفاوضات".
يُذكر أنّ العام الدراسي الجديد ينطلق في تونس رسمياً في 15 سبتمبر/أيلول الجاري، بعد إجازة صيفية سادها التوتّر ما بين وزارة التربية ونقابة المدرّسين بعد الفشل في حلّ الأزمة الدائرة بينهما منذ أكثر من عام.
وكانت المشاحنات قد كثرت، في العام الدراسي الماضي، ما بين وزارة التربية ونقابة المدرّسين، الأمر الذي أدّى إلى حرمان تلاميذ معدّلاتهم.
فقد حجب مدرّسو المرحلة الابتدائية معدّلات التلاميذ كوسيلة ضغط على الوزارة من أجل الاستجابة للائحة مطالب تشمل زيادة في الرواتب وتسوية أوضاع آلاف المدرّسين المتعاقدين، الأمر الذي عدّته الوزارة مخالفاً للقانون وتقصيراً في المهام الموكلة إليهم، وبالتالي يستوجب إعفاء من المهام وحجب أجور سبّب حرمان تلاميذ الحصول على كشوف أعدادهم لمدة سنة كاملة بسبب تمسك المدرسين بحجب الأعداد كوسيلة احتجاج على عدم تلبية الوزارة لمطالبهم المالية والمهنية.
وبعد تصاعد الخلاف بين النقابات ووزارة التربية، ازداد التوتّر خلال الإجازة الصيفية مع إصدار الوزارة قراراً يقضي بإعفاء 350 مدير مدرسة ابتدائية من مهامهم وحجز رواتب أكثر من ثلاثة آلاف مدرّس تمسّكوا بحجب كشوف علامات التلاميذ.
ويتخوّف كثيرون من أن يُلقي تصاعد أزمة المدرّسين بظلاله على مستقبل العام الدراسي الجديد، بعد تلويح الجامعة العامة للتعليم الأساسي بمواصلة الاحتجاج على عدم تحقيق مطالبهم وسوء ظروف العمل.
ويطالب مدرّسو تونس بتطبيق اتفاقات سابقة وُقّعت مع الحكومة منذ عام 2021، تشمل ترقيات وحوافز لفائدة المدرّسين، إلى جانب تسوية أوضاع المدرّسين النواب، وتحسين ظروف العمل داخل المؤسسات التعليمية.
وفي سياق متصل، صرّح وزير التربية محمد علي البوغديري، بأنّ التحضيرات للعودة المدرسية جارية، متوقّعاً إنشاء 50 مؤسسة تربوية جديدة، بالإضافة إلى عمليات تأهيل البنى الأساسية للمدارس التي انطلقت في الربيع الماضي، وشملت خمسة آلاف مؤسسة تربوية.
كذلك أعلن البوغديري، في تصريحات صحافية أخيرة، أنّ الكادر التدريسي سوف يُدعم بـ1500 مدرّس من خرّيجي علوم التربية. وأشار إلى أنّه على أثر تسوية أوضاع المدرّسين النواب، ستعتمد الوزارة مستقبلاً في الانتدابات الجديدة على خرّيجي علوم التربية بالنسبة إلى المدرّسين.