تلاحق الأزمات طلاب المدارس في مناطق سيطرة النظام السوري، بينما لا تهتم الجهات الحكومية بتحسين البنية التحتية، لتترك آلاف الطلاب يعانون من البرد في الصفوف نتيجة عدم توفر التدفئة، فضلاً عن العتمة نتيجة غياب الإضاءة.
يقول الناشط حسام الجبلاوي لـ"العربي الجديد": "معظم مدارس اللاذقية (غرب) لم تصل إليها مخصصات التدفئة، وحتى التي وصل إليها قليلٌ من المازوت تمت سرقته، وهناك ازدحام كبير، فبعد الزلزال لم تعد المدارس القائمة تستوعب الطلاب لوجود 270 مدرسة خارج الخدمة. في الأصل، تعاني محافظة اللاذقية من نقص في المدارس، عدا عن انقطاع الكهرباء، ولا مولدات أو ألواح طاقة شمسية، في حين تعمل معظم المدارس بنظام الدوامين، وتشهد نقصاً كبيراً للكادر التدريسي".
ويقول المدرس محسن عبد الله، من مدينة حمص، لـ"العربي الجديد": "هناك إهمال للمدارس من نواحٍ كثيرة، أهمها البنية التحتية، خاصة في فصل الشتاء الذي يشهد معاناة مع البرد، بينما الكثير من المدارس لا تتوفر فيها وسائل التدفئة. هناك توجه كبير إلى الدروس الخصوصية بسبب تردي التعليم في المدارس، وإهمال المدرسين، وكلفة الدرس الخصوصي تتراوح بين 30 إلى 70 ألف ليرة (2.4 - 5 دولارات)، ومن أجل توفير الكهرباء، تعتمد معظم المدارس على منظومات الطاقة الشمسية كون التيار الكهربائي مقطوعاً بشكل شبه مستمر، في حين أن الصفوف المدرسية تحتاج إلى إضاءة".
ويقول الناشط مدين عليان إن "عدد المدارس التابعة للنظام محدود في الحسكة، والوضع أفضل نسبياً في المدارس التابعة للإدارة الذاتية. عندما تزور جهة دولية مثل الصليب الأحمر الدولي أو يونيسف المنطقة، يأخذونهم إلى تلك المدارس، لكنها تعاني من الاكتظاظ، إضافة لغياب الكادر التدريسي، وكثيراً ما تتم الاستعانة بأمناء المكتبات أو المتقاعدين، كون أغلب الشباب تركوا التدريس".
يضيف عليان لـ"العربي الجديد": "معظم الأهالي يتوجهون نحو المراكز أو المدارس الخاصة، والتي تعاني من ذات المشاكل، وفي 4 قرى تحت سيطرة قوات النظام السوري في جنوبي القامشلي والمربع الأمني في مدينة القامشلي، تسطو قوات النظام على المساعدات المقدمة للطلاب من المنظمات الدولية، ويباع البسكويت المخصص للطلاب في الأسواق، وحصص محافظات الرقة ودير الزور والحسكة يأخذها النظام، ويقوم ببيعها عبر مكتب كل محافظة".
ويقول رئيس شعبة الطاقة بمديرية تربية السويداء، صالح مزهر، إن الكميات الموزعة بلغت 257 ألف لتر من أصل 1,2 مليون لتر مقررة، ويوضح أنه كان من المفترض توزيع المازوت الخاص بالمدارس في بداية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، لكن توريد المادة إلى مديرية تربية السويداء من فرع المحروقات تأخر حتى منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول.
ومن خلال متابعة سجلات التوريد في شركة محروقات السويداء، يتضح أن الشركة ورّدت إلى مديرية التربية منذ بداية الموسم 14 طلب مازوت، ما يعادل 168 ألف لتر، وهي كمية أقل بكثير من الكمية التي تدّعي مديرية التربية توزيعها على المدارس.
يقول أحد موظفي مديرية التربية لـ"العربي الجديد" إن الكمية المُعلن عنها موجودة في المدارس منذ نهاية الموسم الدراسي السابق، لكن جرى الاتفاق بين المديرية وشركة المحروقات والمسؤولين في المحافظة على أن يتم التلاعب بالأرقام من أجل التعتيم على حجم السرقات، ويضيف الموظف الذي طلب عدم كشف هويته أن "معظم المدارس لم تحصل على مخصصاتها، وسيبقى الطلاب من دون تدفئة دائمة في العديد من المدارس، وقد تصل المخصصات بعد نهاية فترة البرد رغم أن مديريات التربية تحصل على المخصصات الأقل بين مؤسسات الدولة. يصعب على أي جهة مراقبة توزيع المحروقات على المدارس، أو حتى مراقبة استهلاكها في المدارس، وبالتالي فإن هناك من يُدفئ منزله على حساب الطلاب، وهناك من بنوا منازل من مخصصات تدفئة الطلاب".
وحسب أحد العاملين بمدرسة في العاصمة دمشق، فإن كميات وقود التدفئة التي وزعت بالفعل لا تكفي أي مدرسة لمدة سبعة أيام، وأضاف الرجل الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد" أن إدارة مدرسته طلبت من العاملين تشغيل المدافئ في المكاتب طوال الدوام، وتشغيل مدافئ الصفوف في ساعات الصباح الأولى فقط، وهذا الأمر حصرياً في الأيام الأكثر برودة. كثيراً ما يُطلب منا تجهيز عبوة وقود لتأخذها معها إحدى الإداريات في نهاية الدوام".
ويعاني ريف دمشق من نقص كبير في توريد المازوت إلى المدارس، ويؤكد الأهالي أن معظم مدارس ريف دمشق لم تستخدم المدافئ حتى الآن، والعديد من المدارس لم يجهزها بعد، وهناك مدارس لم تحصل على مازوت التدفئة بالمرة.