استشهد ابن مدينة أمّ الفحم، محمد كيوان البالغ من العمر 17 عاماً، مساء اليوم الأربعاء، متأثراً بإصابة في رأسه برصاص حيّ أطلقه في اتجاهه عناصر شرطة إسرائيليون يوم الأربعاء الماضي في 12 مايو/أيار الجاري، عند مفرق ميعامي على مقربة من أمّ الفحم في الداخل الفلسطيني. وكان عدد كبير من أفراد عائلته وأصدقائه قد تجمّع في مستشفى رمبام في حيفا اليوم، بعدما علموا أنّ حالته الصحية تدهورت وقد دخل في موت سريري.
ومحمد وهو الابن الأصغر في عائلته، يتابع تعليمه في الصف الثاني عشر في مدرسة التسامح في أمّ الفحم، وهو رئيس لجنة التلاميذ في المدرسة. يقول والده محمود محاميد لـ"العربي الجديد": "أنا أتأسف على دولة مثل هذه الدولة تفعل ذلك بمواطنيها... بالتأكيد هم لا يُعَدّوننا مواطنين. وأتأسف على كلّ ما حدث وما يحدث. يجوز أنّنا في لحظة قلنا إنّ هذه الدولة جيدة ربّما، لكنّ هذا كله كلام فاضٍ". يضيف الوالد: "عندما يتوجّه أولاد إلى الشارع ليشاهدوا ما يحدث، ثمّ تأتي سيارات شرطة ويطلق العناصر فيها الرصاص عليهم، فيخرج الشبان من السيارة ويهربون فيما تلاحقهم الشرطة وتطلق الرصاص عليهم... ماذا أستطيع أن أقول؟ حسبي الله ونعم الوكيل".
ويشير والد محمد إلى أنّه كان "سيخضع بعد أسبوع إلى امتحان عملي للقيادة، وقد خضع إلى امتحانات البجروت (التوجيهي) وتبقّى له ربّما امتحان واحد". ويتابع: "هو شاب وردة، وحبّوب، وخلوق، ورئيس لجنة التلاميذ في المدرسة. والحمد لله"، متسائلاً "أين العدالة؟". ويوجّه الوالد رسالة إلى "العرب الذين يعملون في سلك الشرطة... على هؤلاء أن يخجلوا على دمهم. كفى". ويكمل: "غداً قد يكون ابن أحد عناصر الشرطة في سيارة ويطلق هو الرصاص عليه من دون أن يعرف (أنّه يستهدف ابنه). أنا أتأسف على هؤلاء الناس في سلك الشرطة". ويشدد الوالد: "أنا أتّهم الشرطة والمسؤول عن الشرطة. انظروا ماذا فعلوا في البلدات العربية بالسلاح. كم من الشباب ذهبوا ضحية؟ يا للعيب. أيّ دولة ديموقراطية هذه؟ يا للأسف".
من جهتها، تطالب الحاجة أمّ وسيم وهي عمّة الشهيد، أن "تقف الجهات الدولية معنا وكذلك كل الجهات في أراضي 48 والقوى اليسارية". تضيف لـ"العربي الجديد": "نحن لن نسكت لأنّه ضُرب بدم بارد. ضربوه بدم بارد وهو لم يقم بأيّ عمل. محمد كان في السيارة مع أصدقائه. عندما سمعوا بقيام تظاهرة، توجهوا إلى مفرق ميعامي بعدما تسحّروا. هناك، قال له شرطي ابعد، ثمّ ضربوه وأطلقوا الرصاص عليه. هو لم يرمِ حجراً. فليثبتوا أنّه قام بعمل ما. نحن لن نسكت، وإن شاء الله سوف نأخذ حقنا".
في سياق متصل، حمّل مركز "عدالة" (المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل) المؤسسة الإسرائيلية بكامل أذرعها مسؤولية استشهاد محمد كيوان، مشدداً على وجوب فتح تحقيق مستقل مع جهاز الشرطة الإسرائيلية ومتخذي القرارات حول سياسة الشرطة وتعاطيها المفرط في استعمال العنف واستعمالها غير القانوني للسلاح تجاه المواطنين العرب. ورأى مركز عدالة أنّ "السبب الرئيسي لإطلاق الرصاص الحي من قبل الشرطي على رأس الشهيد هو علمه يقينًا بأنّه لن يعاقب أو يحاسب، وأنّ المسؤولين عنه، بشكل مباشر أو غير مباشر وصولاً إلى متخذي القرارات حول السياسات في الموضوع، سيدافعون عنه ويجنّبوه أيّ تحقيق جدي أو محاكمة".
وتابع مركز عدالة أنّ محمد هو "أوّل شهيد يسقط خلال هبة الكرامة برصاص قوات الأمن، بعد أن سقط الشهيد موسى حسونة برصاص مستوطن"، لافتاً إلى أنّه "منذ بداية الهبة هدفت الشرطة إلى إحباطها بكل الوسائل العنيفة بما في ذلك استعمال الرصاص الحي ضد المواطنين العرب". وأكمل مركز عدالة أنّه توجّه برسالة في الأسبوع الفائت إلى "وزير الأمن الداخلي والمستشار القضائي للحكومة والمفتش العام للشرطة طالب فيها بمنع استخدام الرصاص الحي و/أو المطاطي لما فيه من خطر على المواطنين".
أمّا لجنة أولياء أمور الطلاب المحلية - أم الفحم، فقد أصدرت بياناً مساء اليوم أكّدت فيه أنّ المدينة فُجعت بخبر ارتقاء محمد محمود، مضيفة أنّه تقرّر "الإعلان عن يوم غد يوم حداد بكافة مدارسنا". وشدّدت اللجنة في بيانها على أنّ محمد "شهد له جميع من عرفه من معلمين وطلاب بدماثة أخلاقه وحُسن سيرته"، مناشدة "جميع طلابنا الأوفياء والأعزاء أن يشاركوا بجنازة المرحوم غداً الخميس".