أقر مجلس المستشارين، الغرفة الثانية للبرلمان المغربي، مساء الثلاثاء، بالأغلبية مقترح قانون مثيراً للجدل بشأن إلغاء وتصفية معاشات أعضاء المجلس، في خطوة ينتظر أن تثير الكثير من الانتقادات والغضب الشعبي.
وصادق مجلس المستشارين، على مقترحي قانون، يتعلق الأول بإلغاء وتصفية معاشات أعضاء مجلس النواب، ويتعلق الثاني بإلغاء وتصفية معاشات أعضاء مجلس المستشارين.
وبهذه المصادقة سيتمكن 460 مستشاراً سواء من المنخرطين أو المستفيدين، مستشارين حاليين أو سابقين، من استرجاع اشتراكاتهم في صندوق التقاعد والاستفادة كذلك من مساهمات الدولة المعتبرة مالاً عاماً، بعد أن اعتبروا أن الرصيد الذي يتوفر عليه الصندوق ملك للمنخرطين وجب توزيعه على كل المعنيين بالصندوق من المستشارين.
وفي الوقت الذي كان فيه مجلس النواب قد أقر في وقت سابق تصفية تقاعد أعضائه من خلال استرجاع اشتراكاتهم في صندوق التقاعد فقط، كان مثيراً للجدل تنصيص المادة 2 من مقترح قانون إلغاء وتصفية نظام معاشات مجلس المستشارين، على استرجاع المساهمة الكلية التي تتضمن واجبات اشتراك المنخرطين في صندوق التقاعد ومساهمات المجلس.
وتبلغ ميزانية صندوق تقاعد المستشارين 130 مليون درهم (13 مليون دولار)، تتضمن نحو 98 مليون درهم (9.8 ملايين دولار) مساهمة المستشارين ومساهمة الدولة، فيما يقدر الباقي، المسمى بفارق احتياطي النظام، بحوالي 32 مليون درهم (3.2 ملايين دولار)، في حين كشفت دراسة أنجزها صندوق الإيداع والتدبير، الذراع الاقتصادية للدولة وعهد إليه بتشجيع وتدبير حسابات التوفير وتلقي ودائع صناديق التقاعد وتدبيرها، أن صندوق تقاعد المستشارين لن يعرف عجزاً دائماً إلا في سنة 2023.
وكان مجلس المستشارين قد تعرض لانتقادات حادة بسبب ما اعتُبِر "فضيحة سياسية وأخلاقية" و"خطأ جسيماً"، بعد أن كان يعتزم التصويت، في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، على مقترحي قانون بشأن إلغاء وتصفية معاشات البرلمانيين.
وتمكن المجلس من الالتفاف على الانتقادات التي أثيرت في الساحة السياسية وفي مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، على وجه الخصوص، من خلال قرار عدم التصويت على مقترحي قانون بشأن إلغاء وتصفية معاشات البرلمانيين في الغرفة الثانية، وإرجاعهم إلى اللجنة المختصة، لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بالمجلس.
مصادر برلمانية، تحدثت لـ "العربي الجديد"، اعتبرت مصادقة مجلس المستشارين على مقترح قانون تصفية وإلغاء بالصيغة التي جاء بها "أمراً غير مقبول أخلاقياً في الفترات العادية، فما بالك في هذه الفترة العصيبة، التي تتطلب بعث إشارات إيجابية بخصوص المال العام"، ولفتت المصادر، التي طلبت عدم كشف هويتها، إلى أن المصادقة على مقترح القانون تدعم ما يصفه مواطنون ومهتمون ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بأنه "تشريع يدخل في باب الريع".
ورغم أن صندوق معاشات البرلمانيين بالغرفة الثانية لا يعرف أية أزمة، في الوقت الراهن، وأن الدراسات الاستشرافية تشير إلى وقوع هذه الأزمة في غضون سنة 2023، إلا أن سبعة فرق ومجموعة برلمانية كانت قد وقعت على مقترح يروم تصفية معاشات المستشارين البرلمانيين التي أثارت جدلاً واسعاً في المغرب خلال السنوات الماضية.
وتُجمَع اشتراكات نظام معاشات البرلمانيين بالمغرب بموجب اقتطاعات محددة في 2500 درهم (نحو 250 دولاراً) شهرياً من تعويضات كل عضو فيه، بينما تؤدي الدولة المبلغ نفسه كمساهمة منها في هذا النظام، وبموجب هذا النظام، يُصرف معاشٌ قدره 5000 درهم (نحو 500 دولار) شهرياً لكل عضو في مجلسي البرلمان مباشرةً بعد انتهاء الولاية التشريعية التي تمتد إلى خمس سنوات.
وكان مجلس النواب قد قرر، في 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلغاء وتصفية نظام معاشات البرلمانيين، الذي كان طيلة السنوات الماضية محط رفض شعبي باعتباره "ريعاً سياسياً".