لا يملك كثير من الطلاب السوريين مواصلة الدراسة الجامعية بسبب ضغوط الحياة، فلا معيل لهم يؤمن التكلفة المادية، ولا مكان للاستقرار في ظل حياة النزوح والتهجير التي يعيشونها، ما دعا إلى ظهور مشاريع تعيد الأمل لهؤلاء الطلاب، خاصة في مناطق شمال غربي سورية.
يعمل فريق "رؤيا" على مشروع لدعم الطلاب الجامعيين، شملت المرحلة الأولى منه 27 طالبا. وقالت مديرة المشروع ومؤسسة الفريق أسوان نهار، لـ"العربي الجديد": "بدأت مشروع كفالة الطلاب الجامعيين في بداية عام 2019، انطلاقاً من معرفتي أن التعليم أحد أهم مناحي الحياة التي تضررت منذ انطلاقة الثورة السورية، في سنوات سابقة، ركزت على التعليم المدرسي بالتوازي مع الأعمال الإنسانية والتنموية في الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق المتضررة ، وقمنا بإنشاء مراكز تعليمية، وإقامة نشاطات الدعم الاجتماعي. بعد تهجير الغوطة الشرقية وتوجه الأهالي نحو الشمال، صدمت من حجم الكارثة التعليمية".
وأضافت نهار: "بدأت التركيز أكثر على المرحلة الجامعية من خلال تقديم ما يمكن من مساعدة معنوية ومادية، ووفق معايير وشروط يجب أن تتوفر بالطالب، كالرغبة في استمرار التحصيل الجامعي والظروف المادية السيئة، ويتم إرسال أشخاص موثوقين لجمع المعلومات، وبعدها نقدم قيمة القسط الجامعي، مع متابعة للتحصيل العلمي كشرط لاستمرار الدعم المادي، وبعدها قدمنا تدريبات لاحقة للطالب بعد التخرج لتساعده في سوق العمل".
وتابعت: "من خلال تواصلي مع عدد من خريجي الثانوية في الداخل السوري وفي تركيا، لاحظت أن غالبية الطلبة يعانون من ضعف التأهيل للمرحلة الجامعية، وقلة المعلومات عن التخصصات الجامعية بسبب الظروف المحيطة، فمنهم من يختار التخصص المناسب له بحسب تقديراته، ومنهم من يختار حسب قرب المكان. العامل المادي يعيق الطالب بشكل كامل، ويمكن العمل على تعزيز التعليم في المناطق المحررة من خلال تضافر جهود الأطراف المعنية بالعملية التعليمية، وفصل التعليم عن الوضع السياسي، وتكريس الجهود لمساعدة الطلبة الذين خسروا كثيرا خلال السنوات العشر الماضية، ومتابعتهم تعليميا ونفسيا، وتخصيص جزء من المساعدات الإغاثية لدعم التعليم، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان".
وقالت الطالبة فاتن حمودي إن الكفالة المالية لها تأثير إيجابي على مسيرتها التعليمية، إذ منحتها دعما معنوياً لاستكمال الدراسة، وقدمت لها حافزا لمضاعفة الجهد، وأضافت أن "هذه المشاريع تسد حاجة ملحة للطلاب، خاصة الذين يعانون لتأمين المصاريف الجامعية، وقد يلجؤون للعمل خلال أوقات الفراغ أو العطلة الصيفية، وهذا يزيد الضغوط عليهم".
وقال الطالب عدنان عبد الرحمن لـ"العربي الجديد": "التحقت بالجامعة في محافظة قونية التركية، وكطالب سوري كنت دوما أسعى للحصول على منحة دراسية كونها تخفف عبء المصاريف على أهلي، لكن الأمر لم ينفع. أحتاج لنحو 12 ألف ليرة تركية (1600 دولار) خلال العام الدراسي، وهذا مبلغ كبير مقارنة مع دخلي، خاصة أن اعتمادي في المصاريف على ما يقدمه لي أشقائي، وحاليا أنا أعمل، وفي كثير من أيام الأسبوع أعمل وقتا إضافيا كي أوفر المصاريف للعام الدراسي، لذلك فنحن كطلاب بحاجة لمشاريع تدعمنا، وإلا سنكون مجبرين على ترك الجامعة للعمل".
ويأمل فريق "رؤيا" في توسيع مشروع الكفالة خلال العام الدراسي المقبل، بهدف منع تسرب الطلاب بسبب الظروف المعيشية، وقد تساهم مشاريع مماثلة في دعم العملية التعليمية للطلاب الجامعيين في الشمال السوري وتركيا، ما يجنب العديد من الشبان قرار ترك الدراسة، ويخفف من ظاهرة الزواج المبكر للفتيات، كما يشجع الأهالي على دعم أبنائهم للحصول على شهادة جامعية.