ما الأسباب الحقيقية لوفاة مهاجرين تونسيين في مراكز الحجز والترحيل الإيطالية؟

28 ديسمبر 2021
ظروف كارثية وغير إنسانية للمهاجرين التونسيين في مراكز الاحتجاز (العربي الجديد)
+ الخط -

يوجد 2465 مهاجراً تونسياً في مراكز الحجز والترحيل بإيطاليا، في ظروف كارثية وغير إنسانية ومنتهكة لجميع الحقوق والكرامة البشرية، وفق ما كشف عنه مشاركون في ندوة صحافية بتونس، اليوم الثلاثاء.

هذه الظروف غير اللائقة، نجمت عنها وفاة الشاب وسام عبد اللطيف يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بحسب ما أكدته عائلته اليوم في الندوة، مطالبة بمعرفة الحقيقة والعدالة في هذا الملف.

ودُفن وسام عبد اللطيف، أول أمس الأحد، في مسقط رأسه بمدينة قبلي جنوبيّ تونس بعد شهر من تاريخ وفاته، إثر استكمال التحقيقات في أسباب الوفاة التي انتهت وفق السلطات الإيطالية إلى الإقرار بأنها كانت وفاة عادية نتيجة سكتة قلبية.

غير أنّ عائلة الفقيد لم تقتنع بنتائج التحقيق، وأكدت أنّ ابنها توفي في ظروف مشبوهة بسبب سوء المعاملة بمركز الإعادة إلى الوطن في "بونتي جاليريا" بمدينة روما.

ويقول قريبه، منير الساري، في تصريح لـ"العربي الجديد": "وسام لم يمت بطريقة عادية، بل تعرّض للتنكيل وسوء المعاملة والتمييز على أساس جنسيته التونسية، خلافاً لبقية الجنسيات التي هاجرت بطريقة سرية، وجرى إيواء أبنائها في مراكز الاحتجاز والترحيل".

ويُضيف: "أكد لي وسام قبل وفاته أن ظروف إقامته خلال فترة الحجر الصحي، وبعدها كانت قاسية جداً، كذلك أُرغِم على تناول أدوية تخدير بحجة أنّ التونسيين مشاغبون، وكثيراً ما يسببون الفوضى".

ويُبين منير الساري أنّ "ظروف الإقامة وفق روايات العديد من شهود العيان هناك، وأيضاً بحسب وسام، مشابهة لظروف "سجن غوانتنامو"، وليست ظروف مركز احتجاز. يضاف إلى ذلك التمييز في المعاملة مقارنة بالجنسيات الأخرى. وقد تواصلت هذه المعاملة إلى أن تدهورت صحته النفسية والجسدية بسبب الأدوية التي تناولها، فانقطع الاتصال به منذ 15 نوفمبر/تشرين الثاني، وعلمنا بوفاته يوم 3 ديسمبر/كانون الأول".

مراكز الترحيل في إيطاليا هي مراكز اعتقال وانتهاك صارخ لجميع حقوق الإنسان"

من جهته، يؤكد محامي عائلة وسام عبد اللطيف، الأستاذ أحمد المسدي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "مراكز الترحيل في إيطاليا هي مراكز اعتقال وانتهاك صارخ لجميع حقوق الإنسان".

ويوضح: "وفق تجربتنا في منظمة "محامون بلا حدود"، ومن خلال الاستبيان الذي قمنا به مع المرحَّلين من المهاجرين السريين، تبين لنا أن كل ما يأتي به القانون الإيطالي من ضمانات، يُنتهَك في هذه المراكز".

ويتابع: "لاحظنا العديد من الإكراهات على الإمضاء على وثائق غير معلومة التفاصيل، إلى جانب عدم الاستجابة لمطالب اللجوء، والأدهى من ذلك أن التونسيين يخضعون لإجراءات سريعة ليُرحَّلوا قسراً في وقت قياسي، خلافاً للجنسيات الأخرى".

ويضيف: "نطالب السلطات التونسية بفتح تحقيق ومعرفة حقيقة ما جرى، سواء لوسام عبد اللطيف، أو لبقية المتوفين في ظروف غامضة على غرار عز الدين العلايمي".

وتقول شقيقة عز الدين العلايمي لـ"العربي الجديد" على هامش الندوة الصحافية: "شقيقي توفي في ظروف غير عادية وبطريقة مفاجئة بالنسبة إلينا، إذ أخبرنا قبل وفاته بأسبوع بأنه سيُرحَّل بعد القبض عليه في مشاجرة بالشارع، واحتجازه بأحد مراكز الترحيل التي توفي بها في ظروف مشكوك فيها".

من جهته، طالب الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، السلطات التونسية "بوقف كل مسارات التعاون مع إيطاليا ومع دول الاتحاد الأوروبي حتى معرفة الحقيقة في قضايا المفقودين والوفيات التي حدثت في مراكز الاحتجاز الإيطالية، وثانياً إيقاف عمليات الترحيل القسري الجماعي للتونسيين على خلفية جنسيتهم، حيث رُحِّل خلال السنوات الخمس الماضية عشرة آلاف تونسي بمعدل 65 بالمائة من مجموع المرحَّلين من مختلف الجنسيات الأخرى".

و"ثالثاً مسألة خطاب سيادة التونسيين وكرامتهم الذي طغى على خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيّد، وهو خطاب يُنسف يومياً من خلال سياسة الدولة في ملف الهجرة. فللأسف، ليس لدينا سيادة، لا في مجالنا البحري، ولا الجوي الذي انتُهك، بالإضافة إلى انتهاك المعطيات الشخصية للمهاجرين لدى البوليس الإيطالي".

وانتقد بن عمر، في سياق متصل، حيثيات زيارة وزير الخارجية الإيطالي لوجي دي مايو، اليوم الثلاثاء، وغياب أي معطيات عن أسبابها، ما يبين "أنّ المسار نفسه متواصل في العلاقات التونسية الإيطالية في التعامل مع ملف المفقودين في إيطاليا والهجرة السرية بصفة عامة، وهو مسار تنتفي فيه كل مقومات الشفافية والوضوح".

المساهمون