مازوت سيئ للتدفئة في مناطق "قسد"... روائح كريهة وأوساخ

28 نوفمبر 2021
وقود الرقة غير مخصص لتدفئة المنازل (أليس مارتنز/ فرانس برس)
+ الخط -

تتشابه آلية توزيع الإدارة الذاتية وقود التدفئة في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مع تلك التي يعتمدها النظام السوري، من خلال استخدام البطاقة الذكية. واستهلت هذه السنة في 20 مايو/ أيار الماضي، بتعميم أصدرته إدارة المحروقات في الإدارة الذاتية وشمل كل المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد".

وفيما أوضحت إدارة المحروقات أن تحديد كميات المازوت التي ستقدم إلى الأهالي حصل بعد تنسيق المجالس المحلية مع اللجان المسؤولة في شأن الكميات المتوفرة، في خطوة يفترض أن تريح الأهالي باعتبارها تسمح بحصولهم على حصة من الثروة النفطية التي تديرها "قسد". لم تشر الوقائع على الأرض إلى أن توزيع المازوت يحصل بالآلية المثالية التي يروج لها، خصوصاً أنه من النوع الأكثر رداءة، ويتسبب في مشاكل صحية، وتصدر عنه روائح كريهة ويتسبب في اندلاع حرائق. 
يوضح محمد صالح الحمدان الذي يسكن في الرقة لـ"العربي الجديد" أن "كل عائلة تحصل بموجب بطاقة تمنحها الإدارة الذاتية على برميل مازوت بسعة 220 ليترا. وسعره رمزي يبلغ 22 ألف ليرة سورية (6.28 دولارات)، لكنه يحتوي على مازوت من نوعية سيئة جداً يبيعه الأهالي بدورهم إلى أصحاب الصهاريج بنحو 80 ألف ليرة (22.85 دولاراً).

وقد يحصل بعض الأهالي على وقود إضافي مدعوم مخصص لاستعمالات المساحات الزراعية بالسعر ذاته (22 ألف ليرة سورية للبرميل الواحد)، لكن في كل الأحوال لا تكفي الكمية الموزعة العائلات التي تضطر إلى شراء المازوت الحرّ بأضعاف سعر المازوت المدعوم".

ويشرح أن "مواصفات المازوت الحرّ أفضل ويخضع لآليات تصفية مختلفة عن مازوت التدفئة المدعوم الذي توفره الإدارة الذاتية، والذي يتضمن كمية كبيرة من الشحوم قد تتسبب في اندلاع حرائق وحدوث انفجارات داخل المنازل، ما يجعل الأهالي الذين يستخدمونه للتدفئة يخلطونه بالكاز لجعل مواده أثقل قليلاً، وإكسابها قدرة أكبر على الاشتعال". ويشير إلى أن كل عائلة حصلت العام الماضي على برميلي مازوت و12 أسطوانة غاز مدعومة".

وقد حصلت نسبة 70 في المائة من عائلات مدينة الرقة على الدفعة الأولى من مخصصات وقود التدفئة المدعوم من الإدارة الذاتية، لكن غالبيتها باعت الكميات التي منحت لها، واتجهت إلى خيارات بديلة للتدفئة من أجل تجنب الأمراض التنفسية الناتجة من المازوت السيئ.

يؤكد الرئيس الثاني في الإدارة العامة للمحروقات في الإدارة الذاتية، صادق الخلف، الحرص الشديد على ضمان توزيع عادل لمازوت التدفئة من خلال البطاقة الذكية. لكن الأهالي يشككون في فاعلية برامج التوزيع على غرار تلك المنفذة لمعالجة أزمتي الخبز والكهرباء، رغم أن المناطق التي تسيطر عليها "قسد" غنية بالثروات النفطية.
في مدينة منبج، يتحدث الشاب الأربعيني محمد لـ"العربي الجديد" عن أن "غالبية السكان تسلموا الدفعة الأولى من مازوت التدفئة، المقدرة بنحو 200 ليتر عبر بطاقات ذكية لها شيفرة وبسعر أقل بكثير من سعر المازوت الحرّ. لكن المسؤولين يتعمدون تقديم النوعية السيئة جداً لنا، في وقت لا نعلم أين يذهب المازوت الجيد الذي نعتقد بأنه حق لنا. وفي كل الأحوال، تحتاج عائلتي تحديداً إلى نحو 1000 ليتر من المازوت سنوياً لا يمكن توفيرها في ظل الظروف الحالية، لذا نحن مجبرون على الاعتماد على الكمية الممنوحة، وتحمّل كل ما يصدر عنه من روائح كريهة وأوساخ وشحّار".

أهالي الرقة يتحضرون لشتاء قاسٍ (دليل سليماني/ فرانس برس)
أهالي الرقة يتحضرون لشتاء قاسٍ (دليل سليماني/ فرانس برس)

ويكشف عضو في المجلس المحلي بريف دير الزور الشرقي التابع للإدارة الذاتية، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" أن كميات مازوت التدفئة المتوفرة تقل بحلول فصل الشتاء. ويشير إلى أن الإدارة الذاتية بدأت في توزيع المازوت قبل نحو شهرين، بعد استكمال إحصاء العائلات المستفيدة قبل خمسة أشهر.

وتقرر تسليم كل عائلة كمية 440 ليتراً من المازوت، تقسم على دفعتين، أولهما في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، والثانية في فترة لاحقة لم تحدد، وذلك بإشراف لجنة المحروقات التي تسلم البرميل لصاحب البطاقة نفسه".
وإضافة إلى نوعية المازوت السيئة، يعاني الأهالي من مشكلة تلاعب لجنة المحروقات بالكميات وآليات التوزيع، بحسب ما يخبر أحد وجهاء منطقة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي "العربي الجديد"، ويقول: "المازوت سيئ كالعادة، ولجنة المحروقات تضم لصوصاً بكل ما تعنيه الكلمة، وهم يردون على قول أصحاب المحطات بأن المازوت الموزع يشبه الوحل، بأن لا وجود لنوع آخر، وإذا أراد الأهالي استلامه ليأخذوه، وإذا لم يريدوا فهم أحرار، علماً أن هذا المازوت سيئ لدرجة، أننا نشعل النار أسفل خزان المازوت الصغير في المدفأة بأكثر من سعر المازوت كي يحترق".

المساهمون