مئات العراقيات يتظاهرن رفضاً لتعديل قانون الأحوال الشخصية

09 اغسطس 2024
من احتجاجات نساء العراق، 9 أغسطس 2024 (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تظاهرات واحتجاجات واسعة**: شهدت بغداد ومحافظات عراقية تظاهرات حاشدة من قبل النساء والناشطات ضد تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي يسعى البرلمان لتمريره، والذي يرفع حق الحضانة عن الأم بعد الطلاق.

- **تحالف 188 ورفض التعديل**: تأسست مجموعة "تحالف 188" من ناشطات ومنظمات مجتمع مدني وقوى سياسية، وأعلنت رفضها القاطع للتعديل، معتبرةً أنه انتهاك للدستور والحقوق والحريات، ويحذر من انقسام مجتمعي.

- **عيوب التعديل وتأثيره السلبي**: أشار الناشط باسل حسين والحقوقية وسن الدليمي إلى أن التعديل يعزز تعدد الزوجات بلا ضوابط، ويشرعن زواج الأطفال، ويحرم المرأة من حقوقها، مما يزيد من معاناتها ويؤثر على استقرار الأسرة.

تتواصل تفاعلات قضية تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، فيما تسعى قوى سياسية وحزبية إلى تعديله عبر مجلس النواب، لكن هذا التوجه يتعارض مع وجهات نظر ناشطات عراقيات ومنظمات مجتمع مدني وبعض البرلمانيين الذين يرون في التعديل عودة إلى الماضي وزيادة في قمع المرأة، لا سيما أنه يشمل رفع حقّ الحضانة عن الأم بعد الطلاق.

وتظاهرت، اليوم الجمعة، مئات النساء والناشطات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، وعدد من المحافظات، من بينها البصرة وذي قار والنجف وكركوك والديوانية، للمطالبة بعدم تمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية من قبل البرلمان.

وشهدت الاحتجاجات مواجهة مع المؤيدين للتعديل وبعضهم رجال دين من الطائفة الشيعية، وردّد المتظاهرون من الجانبين هتافات شرحت مطالبهم، فيما شهدت تظاهرة مدينة النجف تجاوزات، لكن سرعان ما تدخلت قوات الأمن.

وترى ناشطات عراقيات في مجال حماية المرأة والطفل والأسرة أن "تعديل القانون الذي تسعى أحزاب وجهات دينية إلى فرضه عبر التصويت البرلماني يسيء للمرأة العراقية ويعد انتهاكا للطفولة"، كما يؤكدن أن التعديل يجعل الأسرة العراقية أمام تحديات اتساع سطوة رجال الدين على خيارات الزوجة والطفل، وهو ما يعرف بـ"القانون الجعفري"، الذي تطالب به قوى سياسية ورجال دين، ولعل أبرزهم الشيخ "محمد موسى اليعقوبي".

ويعمل العراق بقانون خاص للأحوال الشخصية، أُقّر عام 1959 خلال عهد رئيس الوزراء آنذاك عبد الكريم قاسم، وهو قانون يسري على جميع العراقيين من دون تمييز مذهبي حتى الآن، لكن التعديلات الجديدة تشير في إحدى فقراتها إلى أنه "يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية".

كما يُجيز التعديل الذي تقدم عليه الأحزاب العراقية حالياً لمن لم يسبق له اختيار تطبيق أحكام مذهب معين عند إبرام عقد الزواج، تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة لتطبيق أحكام الشرع على الأحوال الشخصية، وفق المذهب الذي يختاره، ويجب على المحكمة الاستجابة لطلبه، كما ينص التعديل على أنه "إذا اختلف أطراف القضية الواحدة في الأسرة بشأن تحديد مصدر الأحكام الواجب تطبيقها في طلبهم، فيعتمد الرأي الشرعي فيها".

بالإضافة إلى أن التعديل يلزم "المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والإفتاء في ديوان الوقف السني بالتنسيق مع مجلس الدولة بوضع مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية، وتقديمها إلى مجلس النواب للموافقة عليها خلال ستة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون".

نقاط خلافية حول قانون الأحوال الشخصية

ومن النقاط الخلافية ما بين مؤيدي التعديل الجديد ورافضيه، هو تحديد سن البلوغ القانونية للفتاة عند الزواج من الناحية الفقهية، وليس حسب القياسات العملية المتبعة سابقاً، حيث إن سن الزواج ببلوغ 18 عاما المعمول به حاليا، لكنه سينخفض إلى عمر 13 عاماً أو ربما أقل، لأن التعديل يتيح التزويج خارج المحكمة وعبر رجال الدين.

في الأثناء، أسّست مجموعة ناشطات عراقيات باسم "تحالف 188"، يضم مجموعة من ممثلات الحركة النسوية ومنظمات المجتمع المدني وممثلي عدد من القوى السياسية والأحزاب المدنية والديمقراطية وشخصيات قانونية وأكاديمية، واجتماعية، ودينية، وبرلمانية. وأعلن التحالف في أول بيان له رفضه القاطع إدراج تعديل قانون الأحوال الشخصية في جدول أعمال جلسات مجلس النواب.

وذكر البيان أن "التعديل المقترح انتهاك سافر للدستور والحقوق والحريات الواردة فيه، وكذلك كونه يمثل تراجعاً عن الحقوق القانونية والشخصية التي اكتسبتها المرأة العراقية طيلة المدة الماضية، فضلاً عن أنه سيؤدي الى انقسام مجتمعي (طائفي ومذهبي) بما يُكرّس النزعة المقيتة التي ألحقت أضراراً جسيمة بالمجتمع العراقي، وأشعلت الحروب والانقسامات التي ما زلنا نعاني من آثارها لغاية يومنا هذا. وكذلك سينتج المزيد من المشاكل الأسرية العامة والخاصة".

ولخص الناشط العراقي باسل حسين، على منصة "إكس"، عيوب مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية، وهي أنه "يعامل تعدد الزوجات وكأنه لعبة بلا ضوابط أو تنظيم، ويصور المرأة وكأنها مجرد سلعة جنسية أو وعاء لتفريغ الرغبات، دون اعتبار لقيمتها الإنسانية، ما يحط من كرامتها ويحولها إلى مجرد جارية، كما أنه يشرعن اغتصاب الأطفال، ويغضّ النظر عن الفظاعة في زواج الأطفال، ويحرم المرأة من حق الحضانة، ما يزيد من معاناتها ويؤثر على حقوقها كأم".

وأضاف أن التعديل "يحرم المرأة من حقوقها في الإرث، ما يزيد من الظلم وعدم المساواة، ويدعو إلى فسخ عقود الزواج القديمة باعتبارها غير شرعية، وتطبيق قانون جديد عليها قد يؤدي إلى خلافات تنتهي بالطلاق وزعزعة استقرار الأسرة العراقية، كما يُعزّز المقترح السلطة الدينية على حساب السلطة المدنية، ما يزيد من تدخل الدين في شؤون الدولة، ويسهم القانون في إضعاف العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، في وقت نحتاج فيه إلى تعزيز هذه العلاقة".

أما الحقوقية العراقية وسن الدليمي فقد أشارت إلى أن "إجراء التعديل على قانون الأحوال الشخصية قد يدمر العلاقات الاجتماعية والأسرة ويزيد مشاكلها، كما أنه سيُربك عمل محاكم الأحوال الشخصية حيث التداخل بالاختصاصات بين المحاكم المدنية والمحاكم الشرعية، وأن العراق يملك حالياً قانوناً يعتبر من أحسن القوانين"، موضحة لـ"العربي الجديد" أن "التعديل سيؤدي إلى فوضى بين القوانين الوضعية والتشريعات الإسلامية".

 

المساهمون