يستعدّ متطوعون ليبيون لفصل الشتاء المقبل من خلال صيانة عدد من البنى التحتية المتهالكة في مناطقهم، في ظل إهمال حكومات البلاد المتصارعة، والتي تعاني من جراء الخلافات والحروب. وتحوّلت الطرقات في مدينتي طرابلس ومصراته إلى برك كبيرة من المياه بعد سقوط أمطار غزيزة الأسبوع الماضي، ما أدى إلى تعطيل الخدمات. وتداول كثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي صور الطرقات التي غرقت فيها السيارات ومنعت المارة من الحركة.
وفي تاجوراء (منطقة ساحلية تقع في العاصمة الليبية طرابلس)، يعمل فريق شبابي على تنظيف طريق رئيسي تمهيداً لتنظيف مسارات تصريف المياه المسدودة، فيما يستعد فريق آخر لحفر طريقين فرعيين بعدما عُرقلت حركة المارة والسيارات.
ويقول أحد أعضاء الفريق التطوعي في تاجوراء، مفتاج جغلوم: "منذ تسع سنوات، ونحن ننتظر أن تقوم البلدية التي عملت في ظل أربع حكومات متعاقبة، لإصلاح البنية التحتية للمنطقة من دون جدوى، ولا خيار لنا سوى الاعتماد على أنفسنا. وجمع الفريق، الذي وُزّعت المهام على أعضائه بإشراف لجنة أهلية، تبرعات مادية وعينية من تجار المنطقة". ويوضح جلغوم في حديث لـ "العربي الجديد" أن بعضهم "تبرّع بالإسمنت وآخرين بسيارات للمياه، إضافة إلى المال لشراء احتياجات الصيانة".
وفي كل فصل شتاء، يكشف تساقط الأمطار مدى تهالك البنى التحتية في عدد من المناطق الليبية، في ظل غياب أي حلول من قبل المسؤولين. ويقول جغلوم إنّهم لا يكفون عن الوعود، لكن "سئمنا التبريرات ونحن على يقين أن الأموال تسرق وتهدر".
وفي طرابلس، أدت مياه الأمطار إلى إغلاق طرقات المدينة الرئيسية، لا سيما الطريق السريع، كما هو الحال في مصراته التي توقفت فيها الحركة كلياً يوماً كاملاً بسبب الأمطار الغزيرة، ما أدى إلى تزايد أزمة الكهرباء بعدما اضطرت شركة الكهرباء إلى فصل خطوط التغذية تفادياً لحدوث أعطال أو مشاكل أخرى قد شكّل خطراً على حياة المواطنين.
ويُبرّر المسؤول في شركة الخدمات العامة - طرابلس عبد السلام كرواد، تأخر الإصلاحات في البنى التحتية بعدم قدرة الشركات الأجنبية على العودة إلى العمل في البلاد بسبب الظروف الأمنية الصعبة. ويقول: "حتى وقت قريب، كانت الحرب تهدّد كل طرابلس. فكيف يمكن إقناع الشركات بالعودة ولا يمكننا استبدالها بغيرها كالشركات المحلية بسبب وجود عقود مع الشركات الأجنبية؟".
لكنه جواب غير مقنع بالنسبة لعضو جمعية التيسير الأهلية، حسن بركان، الذي تشترك جمعيته مع السكان في حملة تطوعية لنقل مكبات القمامة في مدن عدة في الجبل الغربي إلى خارج المدن. ويقول بركان لـ "العربي الجديد": "لو منحت الحكومات ميزانيات البلديات ووزارة الحكم المحلي وشركات المياه وغيرها للجمعيات الأهلية والمتطوعين لحلت الكثير من المشاكل"، مشيراً إلى أن الحملات التطوعية نجحت في ترميم الكثير من الأعطال التي تعانيها البنى التحتية.
يتابع بركان: "نحن الآن لا نعالج البنى التحتية فقط بل نحارب انتشار الأمراض بين الأهالي. أكوام النفايات باتت تحاصر المنازل ورائحتها تكاد تطرد سكانها، فنقل المكبات إلى خارج المدن لا يحتاج إلى شركات أجنبية".
ويقول جلغوم إن فريقه طلب من البلدية تزويدهم بخريطة شبكات الصرف الصحي للبدء في تتبعها وتنظيف مساراتها، موضحاً أن انسدادها تسبب في غرق أحياء بكاملها في تاجوراء على مدى الأعوام الماضية.
وعلى الرغم من حديث بركان عن عدة أعمال يقوم بها برفقة فرق متطوعين في مناطق عدة لصيانة المباني المتهالكة وحفر الآبار لتعويض نقص المياه من جراء الإقفال المستمر لخطوط إمداد منظومة النهر الصناعي، أكد فريق تطوعي آخر في بلدية قصر بن غشير، جنوب طرابلس، أنه يقوم بحملة جمع تبرعات واسعة لمساعدة الأسر التي تضررت منازلها من جراء الحرب جنوبي طرابلس.
ويقول أحد أعضاء الفريق سليمان الغلالي، إن الحملة تهدف إلى تعويض تلك الأسر التي ما زالت تعيش في مبانٍ قيد الإنشاء، والتي تعد غير صالحة للسكن شتاء. ويوضح أن التبرعات ستساعد العائلات التي فقدت منازلها بالكامل، وتساهم في تأمين مأوى مناسب لها شتاءً. واتجهت مناطق ليبية عدة إلى تنظيم عمل المتطوعين على شكل لجان عرفت باسم لجان العمل التطوعي لتعويض الغياب الحكومي.