تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تحذيرية على نطاق واسع من جرّاء بيع مانعات عوادم السيارات المعروفة محلياً باسم "الكربون"، وهي قطعة شبكية من العادم مجهزة لحماية البيئة من الانبعاثات وتخفيض صوت المحرك. ويُقبل التجار وأصحاب الورش على شرائها مستفيدين من ارتفاع أسعارها يوماً بعد يوم، بهدف تحقيق الأرباح. في هذا الإطار، يُطالب الناشط عز الدين الجليدي وزارتي الداخلية في حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً غرباً، ومجلس النواب في طبرق التابع للمشير خليفة حفتر شرقاً، بسن قوانين بهدف وقف "هذا التعدي الكبير على صحة المواطنين والبيئة".
ويتضمن أحد التحذيرات: "في الآونة الأخيرة، لاحظنا جميعاً انتشار شراء الكربون وبشكل علني، وكأننا نعيش في عالم منفصل عن البشرية. ولا بد وأنكم تلقيتم عرضاً من ميكانيكي أو صاحب محل تصليح المرميطات (عوادم السيارات)، أو ممن امتهن هذه التجارة حديثاً، أو قرأتم على صفحات التواصل الاجتماعي عن عروضات زادت خلال اليومين الماضيين لشراء الكتلايزر (مانعات عوادم السيارات). وبسبب السعر المغري، لا يتردد البعض في البيع، من دون الاكتراث للآثار السلبية لهذه الخطوة، بالإضافة إلى قيام بعض الميكانيكيين بسرقة هذه القطعة، من دون علم أصحاب السيارة، ما يتطلّب انتباهاً من أصحابها".
ويقول عدد من أصحاب الورش إن عرض المواطنين بيع قطع الكربون زاد بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعارها. ويوضح عادل التاورغي، الذي يملك ورشة لإصلاح السيارات في حي أبو سليم في طرابلس، أن سعر القطعة الواحدة وصل إلى 500 دينار (نحو 375 دولاراً) في أغسطس/ آب الماضي. وخلال الأسبوع الأخير، بيع بأكثر من 6 آلاف دينار ليبي (نحو 4287 دولاراً).
والتبريرات جاهزة. يقول التاورغي إن السبب هو الحاجة إلى السيولة النقدية، إذ يفوق ثمن القطعة راتب الموظف بأربع مرات، لافتاً إلى أهمية الكربون الذي يقلل من انبعاث دخان عوادم السيارات المضرة للبيئة.
وتشير التحذيرات التي تنتشر على نطاق واسع إلى مخاطر نزع موانع عوادم السيارات على صحة الإنسان، والتي تؤدي إلى الإصابة بعدد من الأمراض، بحسب النشرات العلمية. يضيف الجليدي في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن الجهات المسؤولة، ورغم انتشار الأمر، ما زالت تتغاضى عن خطورته، ولم تصدر بياناً أو ما شابه يتضمن تحذيراً للمواطنين.
ويشرح أن "تجديد تراخيص القيادة يمر عبر الإدارة المعنية بفحص سيارات المواطنين والتأكد من سلامتها، إلا أن هذه الإجراءات معطلة منذ سنين". ويشير إلى أنه يتوجب على وزارتي الداخلية التدخل بشكل عاجل للحدّ من هذه عمليات لبيع هذه.
من جهة أخرى، يتحدث عن سرقة الكربون من سيارات المواطنين، موضحاً أن "وجودها أسفل السيارة، وبالتالي سهولة فكها، يشجع كثيرين على سرقتها بهدف الربح السريع".
وعن أسباب الإقبال على بيعها وشرائها، يقول ميلاد محيريس، وهو صاحب محل لبيع قطع السيارات، إنها تحتوي على "معدنين ثمينين هما البالاديوم والبلاتين، وتزيد جودتهما في حال كانت السيارة مستوردة من إحدى الدول الأوروبية التي تشدد على جودة هذه المعادن لخفض أضرار عوادم السيارات". ويشير إلى أن الإقبال كبير من أصحاب السيارات الحديثة على بيعها، إذ يقدر وزن المعدن الثمين فيها بخمسة غرامات.
ويتميز البالاديوم بقدرته على تحويل ما يصل إلى 90 في المائة من الهيدروكربونات وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين المنبعث من السيارات إلى نيتروجين أقل خطورة وثاني أكسيد الكربون وبخار ماء.
من جهته، يؤكد كمال العوكلي، وهو مواطن من بنغازي، إقبال المواطنين في المدينة على بيع هذه القطعة، معرباً عن مخاوفه من استمرار ذلك بسبب النتائج الخطيرة على صحة الإنسان والبيئة. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "سياراتنا باتت هدفاً للسرقة كما أن ما يحدث يهدد صحتنا". ويسأل: "متى تتحرك السلطات؟".
ومن خلال بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، يعلن كثيرون عن استعدادهم لفك وشراء القطعة بأسعار مناسبة، بهدف تحفيز المواطن على بيعها. ويقارن هؤلاء بين سعر غرام المعدن الثمين الذي تحتويه سيارته، وبين سعر غرام الذهب.
ويتوقع الجليدي صدور بيانات تحذيرية والإعلان عن اتخاذ بعض الإجراءات من قبل الحكومتين، في ظل انتشار الأمر. في الوقت نفسه، يتهم السلطات بعدم الالتفات للتهديدات التي تواجه المواطن إلا بعد إثارة الأمر إعلامياً.