على الرغم من انتشار فيروس كورونا الجديد، والأزمات المعيشية في ليبيا، سيتمكن أربعة آلاف عريس وعروس من إتمام زواجهم هذا العام، من دون أن يكلفهم ذلك أيّ مبلغ مالي، وذلك في إطار برنامج تابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، هو صندوق دعم الزواج، المدعوم من "رجال أعمال وشركات ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة بعمل الصندوق".
يقول مصطفى السعيطي، المسؤول في الصندوق، إنّ المبادرة التي تستهدف تزويج 2000 شاب من كل جنس من الجنسين، أي 4000 شاب وشابة، تأتي ضمن خطط الصندوق لتخفيف تكاليف الزواج وعدم وقوع الشباب في الديون بعد الزواج وفق شروط وضعت بعناية للوصول الى الفئات الأكثر عجزاً من ناحية مادية أو اجتماعية. ويلفت السعيطي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ شروط الصندوق أعطت أولوية لأبناء الشهداء، واليتامى عموماً، والأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن ممن لا معيل لهم. وأنشأت ليبيا عام 2012 صندوق دعم الزواج بهدف تنفيذ خطط وزارة الشؤون الاجتماعية لحلّ معضلة تأخر الزواج، بحسب قرار إنشائه. ويسمح قرار إنشاء الصندوق له بتقديم المنح والمساعدات العينية للمقدمين على الزواج من الفئات المختلفة من ذوي الدخل المحدود أو الأشخاص ذوي الاعاقة، بالإضافة إلى توفير السكن لفئات الشباب القادرين على الزواج بالتعاون مع الوزارات الأخرى المعنية بالإنماء والإسكان. ووفق السعيطي، فإنّ الصندوق منذ إنشائه تمكن بالتعاون مع العديد من الجهات الأهلية من مساعدة أكثر من 10 آلاف شاب على الزواج في مختلف مناطق البلاد، لكنّ حالة الانقسام الحكومي أثرت بشكل كبير في جهوده وحدّت من قدرة فروعه على التواصل مع أجل الاستمرار في إقامة الأعراس الجماعية. لكن، على الرغم من ذلك، يؤكد السعيطي أنّ البرنامج المرتقب سيبدأ بعرس جماعي لأربعين شاباً وشابة بمدينة أوجلة، شرقي البلاد، في الأسابيع المقبلة، لافتاً إلى أنّه سيكون العرس الجماعي الخامس للصندوق في المدينة.
وفيما يؤكد السعيطي إصرار العاملين بالصندوق على تجاوز عقبات الانقسام الإداري، يشير إلى إقبال لافت من قبل المؤسسات الخيرية ورجال الأعمال على دعم الصندوق، كخيار هام لمواجهة الظروف التي مرت بها البلاد ورفعت من نسب العنوسة، ومنها هجرة الشبان الليبيين إلى الخارج. ومن بين الشرائح التي دعمها الصندوق شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن. يوضح السعيطي أن "المتابع لا يرى شكل الدعم إلا في إقامة الأعراس الجماعية لكنّ جهودنا لم تتوقف عن دعم زواج أفراد هاتين الشريحتين فردياً، فكثيراً ما أشرفنا على تزويج كبار في السنّ لا معيل لهم، بالإضافة إلى المئات من الأشخاص ذوي الإعاقة".
وتطالب أصوات الصندوق بالتنسيق مع جهات رسمية وأهلية معنية بالشأن الاجتماعي لدراسة الظروف التي تسببت في ظاهرة تأخر الزواج، وارتفاع نسب الطلاق، وظروف كبار السن، وهي سُبل أخرى يمكن من خلالها دعم الزواج، بحسب الباحثة الاجتماعية حسنية الشيخ. ولا ترى الشيخ في حديثها إلى "العربي الجديد"، أنّ دعم الزواج يقتصر على الدعم المادي، بل أيضاً دراسة أسباب الطلاق، لتكون نتائجها أساساً لتوعية الشباب المقبلين على الزواج بخطورة تلك الظروف التي تهدد كيان الأسر. وتعتبر الشيخ أيضاً أنّ دراسة العوامل النفسية والاقتصادية لدى الشبان والشابات من ضمن الأهداف التي يتوجب على صندوق دعم الزواج الاهتمام بها، لافتة إلى أنّ تقديم المال وتوفير السكن ليسا من أسس الأسرة فقط، بل هناك عوامل أخرى مرتبطة بالحرب والظروف الحالية للبلد كما الظروف الاجتماعية المحيطة بشريحة الشباب التي يمكن أن تسرّع من تفكك الأسرة. وتؤكد الشيخ تفكك أسر تكونت في المهجر خارج البلاد بسبب اضطرار أزواج للزواج مجدداً لتجاوز ظروف الهجرة.
بالعودة إلى السعيطي، فإنّه يشير إلى أنّ الصندوق مقيد بقرار إنشائه في دعم الزواج فقط، ودراسة هذه الجوانب من اختصاصات وصلاحيات دوائر أخرى في وزارة الشؤون الاجتماعية. ويشير إلى اضطرار الصندوق أحياناً للانخراط في هذا الجانب بدراسة وبحث ظروف المتقدمين بطلبات للزواج.
وارتبطت جهود سلطات البلاد بالعديد من المبادرات والجهود، ومن بين برامجها التي أطلقتها قبل سنوات "برنامج إعادة الإدماج الاجتماعي"، الذي استهدف شرائح الشبان المنخرطين في المجموعات المسلحة. وأطلقت البرامج الحكومية مبادرات عدة لتشجيع الشباب على الزواج، منها "مشروع زواج المودة"، الذي قدم مساعدات مالية لتأمين وترتيب زواج مئات الشباب. وبحسب البرنامج، فإنّ قاعدة بياناته توفرت على 4500 مقبل على الزواج، جرى دعم أكثر من نصفهم بالتنسيق مع وزارتي الشؤون الاجتماعية والحكم المحلي.