ليبيا: لا ثقة بغذاء الأطفال وفعالية المراقبة

29 ابريل 2022
يحدق خطر كبير بأطعمة الأطفال في ليبيا (عبد الله دومة/ فرانس برس)
+ الخط -

 

لا يثق ليبيون كُثر بجودة وصلاحية أصناف أطعمة الأطفال التي تحضر بشكل واسع في الأسواق، ويشككون في فعّالية إجراءات الرقابة التي تنفذها الدولة. ويبدي الآباء والأمهات تحديداً تخوّفهم من تفشي ظاهرة سوء التغذية بين الأطفال، خصوصاً أنّ هذا الخطر أحدق بنسبة كبيرة منهم حتى وقت قريب وسط الحروب التي شهدتها البلاد، ولا تزال منظمات دولية تحذر منه.

وبين الأصناف الغذائية التي يتخوف منها الآباء والأمهات حليب الأطفال الذي لا يمكن الاستغناء عنه ولا بدائل له، في وقت تنتشر عشرات من أنواعه في الأسواق. وتخبر أم صفا التي تسكن في طرابلس "العربي الجديد" أنّها التزمت إعطاء طفلتها نوع حليب معروفاً ويوجد منذ فترات طويلة في الأسواق، لكنها قلقة من كشف وسائل الإعلام أخيراً أنّ أجهزة الرقابة ضبطت كميات من هذا الحليب خلال محاولة إدخالها عبر أحد منافذ ليبيا

وكان مركز الرقابة على الأغذية والأدوية قد أعلن أن مسؤوليه رفضوا مرور شحنة كبيرة لنوع حليب أطفال حديث عبر معبر السلوم (شرق)، لكنه أوضح أن "هذه الشحنة جرى استيرادها من دولة لا يسمح بشراء سلع غذائية منها، في حين أنّ صلاحية هذا النوع من الحليب مضمونة في حال جرى استيرادها من دول في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، استناداً إلى تقارير وزارة الصحة". 

صحة
التحديثات الحية

وفي ظلّ عمليات التزوير الواسعة لتواريخ الصلاحيات ودول المنشأ، أصبحت أم صفا لا تثق بأي سلعة مستوردة، لكنها تشير إلى أن ابنتها تستهلك نوع الحليب المتوفر رغم مخاوفها، وإلى أنها لا تملك حلاً آخر. وتتعدّد أصناف حليب الأطفال في السوق الليبي، وتبيعها صيدليات في شكل واسع. وفي نهاية مارس/ آذار الماضي، أعلن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية أن فرقه "نفذت حملة للبحث عن أنواع من حليب الأطفال لا تتطابق مكوناتها مع الشروط الصحية". 

وأوضح أن حملات التفتيش نفذت بالتنسيق مع أفراد جهاز الحرس البلدي، وشملت شركات لبيع الدواء وصيدليات في مدينة صبراتة غربي طرابلس، من دون أن تترافق مع رصد مخالفة الشروط الصحية. لكن إدريس السبتي الذي يملك صيدلية خاصة في طرابلس يكشف أن صيدليات في الضواحي والمناطق المحاذية للعاصمة تبيع أصناف أطعمة بعيداً من عيون أجهزة المراقبة.

ويشيد السبتي بمنع مركز الرقابة على الأغذية والأدوية مرور شحنات عدة نقلت حليب أطفال مستورداً من دول عدة لا تسمح القوانين المحلية بالاستيراد منها، لكنه يستدرك بأن "هذا المركز غير قادر على متابعة كل السلع على امتداد الرقعة الواسعة للبلاد في ظل غياب السيطرة الكاملة للدولة". 

الصورة
تشير أدلة لإلى وجود أطعمة أطفال منتهية الصلاحية (حازم تركية/ الأناضول)
تشير أدلة إلى وجود أطعمة أطفال منتهية الصلاحية (حازم تركية/ الأناضول)

ويشير السبتي إلى أنّ "الخطر المحدق بأطعمة الأطفال لا ينحصر في الحليب، ويمتد إلى عشرات الأنواع من المكملات الغذائية التي تلجأ إليها أمهات كونها مهمة لأطفالهن، خصوصاً أولئك الذين يعانون من نقص في فيتامينات أو عناصر مهمة خلال مرحلة النشوء". ويقول: "يصف الطبيب عادة هذه المكملات التي تتطلب امتلاكه معرفة واسعة بأنواعها الموجودة في الأسواق، ومكوناتها الأكثر أماناً للأطفال، لكن بعض من يقصد صيدليتي يطلب مكملات غذائية استناداً إلى وصفات أطباء لا يحددون نوعها، ما يجعل الأمهات والآباء يشترون أنواع مكملات من دون التدقيق في كونها آمنة وصحية لأطفالهم". 

ويلفت محمود الدعاس، المواطن من تاجوراء، إلى خطأ آخر يتعلق بعدم تنبه الأب أو الأم لصلاحية أنواع الحليب والمكملات الغذائية، ويقول لـ"العربي الجديد": "أعلن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية مرات العثور على حليب أو صنف غذائي للأطفال ذي صلاحية منتهية في المحلات والصيدليات، ونحن نعلم عدم قدرة المركز على زيارة كل المحلات، ما يؤكد استهلاك أطعمة أطفال منتهية الصلاحية".

صحة
التحديثات الحية

ويبدي الدعاس أيضاً عدم ثقته بسلع الغذاء المتوفرة في الأسواق، خصوصاً تلك الخاصة بالأطفال "لكن لا خيار لدي سوى التدقيق في المواصفات المعروضة، وأنا أعلم أن كل الاحتياطات قد لا تكفي في ظل تعمد تجار معدومي الضمير تزوير تواريخ الصلاحية، وأشياء أخرى ضمن المواصفات. من هنا أطالب السلطات بتوفير الحماية اللازمة لفرق الرقابة لتفتيش الأسواق والمحلات والصيدليات، وبضرورة إطلاق حملات لتوعية المواطنين وتنبيههم من المخاطر المحدقة بطعام الأطفال، والوعي أهم الأسلحة التي يمكن أن تواجه بها البلاد جشع التجار".

المساهمون