يوم الجمعة الماضي، اقتحمت فرقة تابعة لقيادة اللواء 444 القتالي التابع لحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، أربعة أوكار لعصابات مسلحة في مدينة بني وليد جنوب شرقي طرابلس، اتهمتها بممارسة أنشطة لتهريب المهاجرين عبر البحر المتوسط، وعمليات أخرى مثل الخطف وتهريب الوقود. وأعلنت القيادة في بيان أصدرته تحرير 18 مخطوفاً من جنسيات أجنبية تواجدوا داخل زنزانات بعضها انفرادية، وتحدثت عن تعرّضهم خلال احتجازهم لتعذيب وانتهاكات جسدية ومعنوية أخرى. وأوضحت أن "الخاطفين طالبوا أهالي المخطوفين بدفع فديات مالية لإطلاق سراحهم، ومارسوا عمليات تعذيب ضدهم وانتهكوا حقوقهم". وأشارت إلى اعتقال أربعة مطلوبين في هذه الأوكار.
وسبق أن أعلنت قيادة اللواء 444، مطلع إبريل/نيسان الجاري، اعتقال عدة مطلوبين وضبط ثلاث شاحنات محمّلة بوقود مهرّب جنوب مدينة بني وليد. وشددت على أن عمليات استهداف "رؤوس التهريب" ستتوالى ولن تتوقف، حتى القضاء عليهم، وجلب السلام للوطن وأهله".
وتشير خطوات كثيرة إلى اهتمام السلطات بملف الهجرة السرية، ومنها توسيع مهمات الأجهزة المعنية بتنفيذ دوريات المراقبة الصحراوية لمكافحة الهجرة السرّية، كي تشمل الطرقات التي تربط بين الجنوب والشمال، و"تحديداً مناطق وسط الجنوب المهمة لشبكات التهريب خلال تنفيذ مراحل نقل المهاجرين" بحسب ما يقول الضابط في جهاز مكافحة الهجرة السرّية، رمضان الشيباني.
ونهاية العام الماضي، أعلنت وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الاتفاق مع إيطاليا ومالطا والاتحاد الأوروبي على "دعم عمليات حماية الحدود الجنوبية لليبيا". وأكدت عزمها على دعم هذا الاتفاق وتعزيز تنفيذه، والبحث عن حلّ أفريقي لمشكلة الهجرة السرّية، من خلال العمل الجماعي القاري، خصوصاً مع دول المصدر، والذي يتضمن دعم جهود تنمية هذه البلدان، ووضع ضوابط وآليات لتنظيم الهجرة والحد منها بطريقة إنسانية تحفظ كرامة المهاجر الأفريقي". وطالبت الوزارة بضرورة تسريع تفعيل اتفاق تعزيز التعاون في مراقبة أمن الحدود الموقّع بين كل من ليبيا والسودان وتشاد والنيجر في مايو/أيار 2018.
وأكدت السلطات الليبية في مناسبات عدة أنّ "البلاد منطقة عبور للمهاجرين السرّيين، ولا تستطيع تحمل الأعباء الأمنية والاقتصادية والمالية لاستفحال هذه الظاهرة"، وطالبت المجتمع الدولي بمساندة جهودها التي تهدف إلى إنهاء معاناة المهاجرين. لكنّ الشيباني يرى أنّ "المعالجة الأمنية للظاهرة تواجه قصوراً كبيراً، إذ إنّ دهم أوكار تهريب المهاجرين لا يحلّ الأزمة جذرياً، فهي تحصل ثم يعود المهربون لممارسة نشاطاتهم بعد أسابيع من عمليات الدهم". وكانت قيادة اللواء 444 أعلنت تنفيذ سلسلة عمليات استهدفت أوكار المهرّبين، إحداها نهاية العام الماضي، حين حررت أكثر من 110 مهاجرين سرّيين من جنسيات أفريقية مختلفة. كما كشفت اقتحام 22 مقراً لعصابات تهريب البشر.
وتعد منطقة بني وليد التي تبعد 190 كيلومتراً جنوب شرق طرابلس، من أهم مراكز التهريب في ليبيا، وتشهد احتجاز مهاجرين قادمين من الجنوب في عشرات المخازن، كما ينشط المهربون على طول الساحل الشمالي الغربي للبلاد، خصوصاً في مناطق الزاوية وصبراته وزواره غرب طرابلس، والقربولي وتاجوراء والخمس شرقها.
لكن ذلك لا يمنع الشيباني من القول إن "ظاهرة خطف الأفارقة العاملين في البلاد لابتزازهم واحتجازهم تراجعت نسبياً، بالتزامن مع انخفاض توافد المهاجرين الراغبين في الهجرة إلى أوروبا عبر شواطئ البلاد. وقد يكون ذلك نتاج التشديد على خطوط التهريب عبر الطرق التي تربط الحدود الجنوبية بالشواطئ في الشمال".
والسبت، 16 إبريل/نيسان الجاري، أعلنت منظمة الهجرة الدولية العثور على ست جثث تعود لمهاجرين غرق قاربهم قبالة ساحل مدينة صبراته غرب طرابلس. ورجحت وفاة 29 لا يزالون في عداد المفقودين. وأوضحت المنظمة، عبر حسابها على "تويتر"، أن قارباً خشبياً أقل نحو 35 مهاجراً انقلب قبالة مدينة صبراته، وأن 53 مهاجراً قتلوا أو فقدوا قبالة سواحل ليبيا أخيراً.
يذكر أنّ ليبيا تدعم منذ منتصف العام الماضي برنامج العودة الطوعية للمهاجرين بالتنسيق مع الأمم المتحدة، والبدء في ترحيل أعداد من المهاجرين المتواجدين في مراكز الإيواء إلى بلدانهم. وأعرب المجلس الرئاسي الليبي، في مناسبات عدة، عن خشيته من نية بعض الأطراف الدولية توطين المهاجرين السريين في ليبيا، مطالباً بضرورة تضافر جهود المجموعة الدولية لوضع الحلول الناجعة له، ومنها "نقل المعركة ضد تدفق الهجرة من البحر إلى الجنوب لتجنب المهاجر مخاطر الطريق، وقبل وصوله إلى البحر".