ليبيا: العطش يستهدف مناطق الشمال

15 اغسطس 2021
يضطر إلى الشرب من بحيرة اصطناعية (Getty)
+ الخط -

تستمر أزمة مياه الشرب في ليبيا، التي تهدّد أهالي المدن في شمال البلاد بالعطش، إذا ما استمر التعدي على خطوط الإمدادات القادمة من عمق الصحراء. ومطلع الأسبوع الجاري، وجّه جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي نداءً عاجلاً بشأن ما تمرّ به منظومة مياه النهر من عمليات تخريب في مناطق عدة، الأمر الذي يعرّض المواطنين لخطر نقص المياه.
وبحسب بيان جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي، فإنّ مسار نقل المياه من منطقة الحساونة، وسط الجنوب، تعرّض لتفجير "ناتج من عمل تخريبي إرهابي متعمد"، مشيراً إلى أن المشروع يقوم على نقل المياه من آبار صحراوية إلى مدن الساحل، وقد تعرض خط آخر لنقل المياه من منطقة تازربو من أقصى جنوب البلاد إلى مدينة بنغازي في الشمال إلى تسرب مفاجئ بالقرب من منطقة أوجلة، وسط البلاد.
يوضح بيان الإدارة أن التسرب سبّب نقصاً كبيراً في إمداد بنغازي بالمياه بنسبة تصل إلى نحو نصف مليون متر مكعب يومياً. وعلى الرغم من الجهود المضاعفة التي قالت الإدارة إن فنيي جهاز النهر يبذلونها، إلا أنّ النقص الحاد في الإمكانات قد يعرقل الأمر، ليواجه أهالي بنغازي أزمة مياه حقيقية. ولم توضح الإدارة أسباب التسرب في خط النقل من الجنوب إلى بنغازي، إلا أنها حذرت مما وصفته بالاعتداءات المتزامنة، مؤكدة أن استمرار أعمال التخريب شبه اليومية على مسارات النقل وحقول الآبار قد تشتت جهود جهاز النهر وتربك أعماله وتستنزف موارده المحدودة.

قضايا وناس
التحديثات الحية

يقول المسؤول في فرع الحساونة ـ الجفارة التابع لجهاز النهر، جبران الصديق، إن عبوات ناسفة زُرعت من قبل مجهولين في إحدى محطات المسار الشرقي لمنظمة جبل الحساونة ـ الجفارة، وتعرضت المحطة لأضرار كبيرة بعد انفجار العبوات. ويشير صديق، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ المسار يغذي عدداً من مدن الساحل. وأكدت بلدية مدينة مصراتة الساحلية، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، بدء تراجع الإمداد المائي للمدينة بعد تضرر إحدى محطات الإمداد في الجنوب.

بالكاد تستطيع تعبئة بضعة غالونات (محمود تركية/ فرانس برس)
بالكاد تستطيع تعبئة بضعة غالونات (محمود تركية/ فرانس برس)

ويؤكد الصديق أن الاعتداءات المتكررة، إلى حد زرع عبوات في المحطات، تستلزم عملاً سريعاً من السلطات، مشيراً إلى أن ارتفاع مستوى الخطر سيسبب عزوف المهندسين وفرق الصيانة عن العمل في تلك المناطق خوفاً على سلامتهم.

ويبدو أن حجم التعديات على خطوط الامداد المائي يفوق ما أعلنته إدارة النهر الصناعي. ففي مطلع الأسبوع الجاري أعلن "اللواء 444 قتال" التابع لوزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية تمكنه من "إحباط مخطط خطير يستهدف العاصمة وعدداً من المدن الليبية، من خلال افتعال أزمة خانقة للمواطنين لإثارة الرأي العام". وأفاد "اللواء 44 قتال" عبر صفحته على "فيسبوك"، أنّ المخطط يشير إلى "نية مجموعة تمتهن الجريمة المنظمة وإثارة الفوضى قطع مياه النهر الصناعي بالقرب من وادي تسكت جنوب بني وليد بـ 120 كيلومتراً في الصحراء، الذي سينتج منه وقف وتعطيل ضخ المياه نحو العاصمة طرابلس".
في عام 1984، دشنت ليبيا مشروع النهر الصناعي العظيم، لنقل المياه العذبة عبر أنابيب ضخمة مدفونة في الأرض، يبلغ قطر كل منها أربعة أمتار، وطوله سبعة أمتار، لتشكل في مجموعها نهراً صناعياً بطول تجاوز في مراحله الأولى أربعة آلاف كيلومتر، تمتدّ من حقول آبار واحات الكفرة والسرير في الجنوب الشرقي، وحقول آبار حوض فزان وجبل الحساونة في الجنوب الغربي، لتصل إلى جميع المدن التي يتجمع فيها السكان. وكان الهدف نقل أكثر من ستة ملايين متر مكعب من المياه للشرب، بالإضافة إلى الزراعة والصناعة.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويحذر الصديق من تزايد أعمال التخريب والتعديات المستمرة، ما يجعل الوضع خارجاً عن سيطرة إدارة الجهاز. ويقول: "انتشار السلاح ومحاولات استخدام الماء كورقة للتهديد والضغط من قبل أطراف مسلحة قد يكون وراءها أطراف الصراع، يجعل أزمة المياه خطرة"، مشدداً على ضرورة أن يؤدي النشطاء ومؤسسات المجتمع المدني أدوارهم وتوعية الرأي العام المحلي الدولي على القضية.
إلى ذلك، أدانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" محاولات تخريب شبكات إمدادات المياه في ليبيا، ودعت المجتمع الدولي إلى الاهتمام بالقضية، على اعتبار أن التعدي على شبكات المياه انتهاك كبير للحقوق الأساسية. وقالت، في بيان، إنها تستنكر "تخريب شبكات المياه التي تؤدي إلى قطع المياه عن الأطفال وأسرهم، ما يزيد من احتمال انتشار الأمراض المنقولة بالمياه في المناطق المتضررة".

المساهمون