ليبيا: الانقسام السياسي يهدد استيراد لقاح كورونا

21 يناير 2021
خلال إجراء فحص كورونا (موكاهيت أيديمير/ الأناضول)
+ الخط -

تنعكس آثار الانقسام السياسي في ليبيا على الأوضاع الصحية، خصوصاً في ما يتعلق بتفشّي وباء كورونا، في وقت ينتظر الليبيون وصول أولى دفعات لقاح كورونا خلال الأسابيع المقبلة، وسط مخاوف من انعكاس الانقسام الذي تعانيه البلاد منذ سنوات على خطة توفير اللقاح.
ومنذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تباينت الاتجاهات التي اعتمدتها حكومتا طرابلس وشرق ليبيا؛ ففي وقت أعلنت اللجنة العليا لمكافحة جائحة كورونا التابعة لحكومة الوفاق الوطني عن تعاقدها مع مبادرة "كوفاكس" العالمية التي تهدف إلى مساعدة البلدان منخفضة الدخل في الحصول على اللقاحات، وتوفير 2.8 مليون جرعة لقاح، قالت نظيرتها في حكومة شرق البلاد إنها تواصلت مع مجموعة من الوكلاء وشركات الأدوية للحصول على عروض لشراء لقاحات كورونا الجديدة من بريطانيا أو روسيا، من دون توفير المزيد من التفاصيل لناحية الكمية المطلوبة أو إبرام العقود. 
في هذا الإطار، أعرب الطبيب رمزي أبوستة، وهو عضو في أحد فرق الرصد والاستجابة التابعة للجنة العليا لمكافحة كورونا في ليبيا، عن مخاوفه من احتمال فشل الخطط الموضوعة من قبل سلطات حكومة الوفاق الوطني بشأن توزيع اللقاح على كافة مناطق ليبيا.
من جهته، يكشف مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض الحكومي، بدر الدين النجار، أنّ أول دفعة من اللقاح ستصل بعد أربعة أشهر، في أفضل الأحوال، لافتاً إلى أن الخطط الموضوعة بشأن توزيعه ستلاقي صعوبات جمة. ويوضح النجار خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، بعض تلك الصعوبات، منها الارتفاع الكبير في عدد الإصابات بالفيروس، في مقابل عدم كفاية مراكز العزل التي تشهد ازدحاماً كبيراً وسط نقص كبير في الأسرة وأنابيب الأوكسيجين اللازمة للمرضى.

كوفيد-19
التحديثات الحية

ورغم تأخّر وصول اللقاح المتفق عليه، يرى أنّ العدد كافٍ لتلقيح نحو مليون ونصف المليون ليبي، مُعرِباً في الوقت نفسه عن مخاوفه من حدوث تجاوزات قد تعرقل الخطط كالمحاباة والوساطة بسبب سوء الإدارة في البلاد، ونفوذ المجموعات المسلحة في بعض المناطق.
ويوم الخميس الماضي، أعلنت اللجنة العليا لمكافحة جائحة كورونا في طرابلس أنها اجتمعت مع المركز الوطني لمكافحة الأمراض ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" بهدف "التباحث في عملية توزيع اللقاح الخاص بالفيروس"، بحسب بيان للجنة. وحدّد البيان الفئات المستهدفة باللقاح، مع تكليف لجان عدة بالعمل على خطة التطعيمات الوطنية للفيروس، وتم الاتفاق على أن الفئة الأولى المُستهدفة هي الطواقم الطبية، بالإضافة إلى المصابين بأمراض مزمنة، وكبار السن، لكن تلك الخطط غير مضمونة التطبيق، بحسب أبوستة. ويؤكد الأخير أنها تحتاج إلى إشراف حكومي لفرضها وتطبيقها من دون تدخّل أي طرف، مشيراً إلى أن الفساد الإداري سيعرقل تنفيذها.
ويتساءل أبوستة، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، عن المناطق التي لا تخضع لسلطة حكومة الوفاق الوطني. ويقول: "بكل تأكيد، ومع توفر أسباب الصراع، لن تقبل بالتعامل مع لجان حكومة الوفاق الوطني. وبالتالي، هناك خطر محدق بمئات المرضى في عدد كبير من المدن والمناطق".
ولا يتوقف الخلاف بين سلطتي البلاد عند حد تنفيذ الخطط المتعلقة باللقاح، بل يمتد إلى حد تحديد نوع اللقاح وكميته. فقد أكدت وزارة الصحة في الحكومة الموازية شرق البلاد، أن الأرقام المحددة للمصابين بالوباء غير صحيحة، مشيرة إلى عزوف عدد كبير من المرضى المصابين بالفيروس عن الذهاب إلى المستشفيات، وبالتالي فإن البلاد "تحتاج لعشرة ملايين جرعة لقاح"، لافتة إلى أن أنجح اللقاحات للحد من تفشي الوباء الذي ينتشر في البلاد هو لقاح "فايزر"، وهو ما ترفضه اللجنة العليا بطرابلس. وأوضحت اللجنة في بيان أن تخزين لقاح "فايزر" يحتاج إلى درجات حرارة منخفضة لا تتوفر في ليبيا. لذلك، فالتعاقد مع مبادرة "كوفاكس" الأممية، أكثر ضمانة خصوصا وأنها مبادرة مع عدة شركات غربية مرخصة.

ويتحدث أبوستة عن حجم الفساد الكبير الذي شهده ملف الوباء، وطريقة تعامل الحكومات معه، مشيراً إلى أن حكومة الوفاق صرفت أكثر من مليار دينار ليبي (224 مليون دولار أميركي) لمكافحة الوباء.
وما زالت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني تعمل من دون وجود وزير بعد اعتذار أكثر من شخصية عن تكليفها بالمنصب، إثر إقالة وكيل الوزارة محمد هيثم، في أغسطس/ آب الماضي، ومنعه من السفر على خلفية فساد مالي في ملف مكافحة جائحة كورونا. ويعرب أبوستة عن مخاوفه من السعي إلى المتاجرة باستيراد اللقاحات من قبل من يصفهم بالفاسدين، متسائلاً عن حجم الميزانية المرصودة لمكافحة الوباء من دون أن تتوفر في البلاد مراكز عزل بالشكل الكافي في ظل النقص الحاد في المواد التشغيلية، وتوقف صرف المكافآت المالية للأطباء وفرق الرصد والتقصي.

المساهمون