بعد ثلاثة أشهر من الاعتصام أصدرت النقابة العامة لأساتذة الجامعات في ليبيا قرار تعليق الاعتصام الشامل والمفتوح في مؤسسات التعليم العالي في عموم البلاد.
وجاء قرار النقابة بعد وساطة رعاها النائب العام الصديق الصور خلال اجتماع عقد بين الحكومة والنقابة، وضم وزيري التعليم العالي والتقني في حكومة الوحدة الوطنية، والنقيب العام لأساتذة الجامعات.
واتفق المجتمعون على اتفاق لتعليق الاعتصام شرط إيفاء الحكومة بعدة التزامات، على رأسها الشروع في صرف المرتبات كاملة والمستحقات المالية المتأخرة، واستصدار قرارات إيفاد جديدة لأعضاء هيئة التدريس من حملة الإجازة العالية (الماجستير) والمعيدين بمؤسسات التعليم العالي، وتخصيص تفرغ إداري للمعيدين وأعضاء هيئة التدريس لغرض الدراسة على حسابهم الخاص مع حفظ حقهم في المرتبات وكل الميزات، إضافة إلى إصدار التفويضات المالية للإيفاد في الخارج.
ووفق نص الاتفاق يحق للنقابة أن تعلن الاعتصام مرة أخرى إذا تأخرت الحكومة عن الوفاء بما التزمت به، على أن يضمن النائب العام متابعة تنفيذ الاتفاق ويتخذ كل الإجراءات القانونية ضد المعرقلين. وفي حال عدم تنفيذ الاتفاق، يتحمل الوزراء المعنيون بالتعليم الجامعي المسؤولية، مع ضمان حق أساتذة الجامعات في اللجوء إلى القضاء.
وبسبب تصعيد أساتذة الجامعات اعتصاماتهم ومطالبهم، تدخل القضاء من خلال مكتب النائب العام الذي تتبع مشكلة تعثر العملية التعليمية بسبب مطالب الأساتذة المعتصمين التي تمحورت حول عدم الوفاء بالحقوق المالية المقررة لمصلحتهم، رغم التزامهم بتأدية الواجبات الموكلة إليهم.
واقترحت النيابة العامة أن تتخذ الحكومة إجراءً إدارياً حول قانون مرتبات الموظفين الوطنيين في الجهات الممولة من الخزانة العامة، من أجل صيانة المصلحة العامة والحفاظ على التوازن بين حق التظاهر والاعتصام السلمي وحق التعليم المضمون من الدولة.
وكانت اعتصامات متتالية نظمت منذ عام 2021 أدت الى تعطيل الأساتذة الدراسة قبل تعليقها على خلفية وعود حكومية بتلبية مطالبهم.
وطالبت النقابة بتنفيذ القانون رقم 4 لسنة 2020، والذي عدل بموجبه القانون رقم 2 لسنة 2018 المتعلق بالجامعات. واعتمد مجلس النواب القانون في 21 يوليو/ تموز 2020، ومنح ميزات أكبر لأعضاء هيئة التدريس العالي لكنه لم يطبق.
وكان عضو النقابة والأستاذ في جامعة بنغازي مصطفى رزق قال لـ"العربي الجديد": "نتعرض لظلم كبير من كل الحكومات المتوالية في ليبيا منذ نحو 10 سنوات. ومع أننا نأسف لتعطيل الطلاب دراستهم لكن ما يدفعنا لذلك هو هدر حقوقنا الذي لا نستطيع أن نصبر أكثر عليه".
يسأل الأستاذ الجامعي عياد عويلي: "هل ستفي الحكومة باتفاقها الحالي هذه المرة بما يسمح بإنهاء الموسم الدراسي الذي تأثر في شكل كبير باعتصام العام الحالي"؟ ويتوقع عويلي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تتجاوب الحكومة مع المطالب الحالية لأساتذة الجامعات "لأن اعتصام العام الحالي كان جدّياً، ولم ينته إلا باتفاق وقعته الحكومة، بضمانة من النيابة العامة، وليس بمجرد وعود شفوية مثل السابق، كما نفذت الحكومة وعوداً سابقة في شأن مرتبات أعضاء هيئة التعليم الأساسي، في حين وضعت مؤسسات حكومية جدولاً موحداً للمرتبات مهد لإعلان زيادة عامة فيها".
وبالنسبة إلى تأثير الاعتصام السابق على العام الدراسي، يشير عويلي إلى أن قرار النقابة تعليق الاعتصام يشترط تعديل مؤسسات التعليم العالي الخطة الدراسية من أجل تعويض فترة الاعتصام، بما يضمن نجاح العام الجامعي 2023 - 2024.
ويعتبر رواد الحضيري، الطالب في كلية الهندسة بجامعة طرابلس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الجزء الخاص بتعديل الخطة الدراسية "مجرد ضحك على ذقون الطلاب وجميع من عارضوا الاعتصام الشامل".
يضيف: "آمنا بحق الأساتذة في التمتع بمرتبات مجزية، لكن ليس على حساب العملية التعليمية ذاتها، لذا اقترحنا أن ينفذوا اعتصاماً جزئياً لفترة نصف دوام يومي، ما يحقق غرضهم في الضغط على الحكومة من دون تعطيل الدراسة بالكامل. وحالياً لا أعتقد بأن الجامعات والمعاهد العليا ستعدل أي شيء في خططها الدراسية، علماً أن فصل الخريف الدراسي شارف على الانتهاء، ولا يمكن تعويضه إلا بإلغاء العطلة الصيفية بالكامل، وهذا ما لا يرغب طلاب ومدرسون كثيرون به. والحقيقة أن نصف سنة تعليمية ضاعت على كل طلاب الجامعات والمعاهد العليا، وأملنا الآن في أن تلتزم الحكومة بتعهداتها كي لا نضيع فصل الربيع الدراسي أيضاً".