ليبيا: أزمة الكهرباء تشجع على الاصطياف

05 يونيو 2021
لا غنى عن الشاطئ خلال درجات الحرارة المرتفعة (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تستعدّ العديد من العائلات الليبية لحجز غرف أو ما توفر في المنتجعات ومراكز الاصطياف المطلة على البحر في ظل قرب حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة في البلاد، وخصوصاً أن كثيرين لا يثقون بالوعود الحكومية لحل أزمة انقطاع التيار الكهربائي، ليزيد الأمر من معاناتهم صيفاً. 
بدأت أسرة عبد القادر التواتي القاطنة في مدينة مسلاته شمال غربي البلاد، ادخار المال منذ بداية الشتاء الماضي، بهدف حجز استراحة مناسبة خلال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، كونهما الأكثر حراً، في ظل انقطاع التيار الكهربائي. 
ويعرب التواتي، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، عن عدم ثقته بالوعود التي قطعتها حكومة الوحدة الوطنية الجديدة بإيجاد حل لأزمة الكهرباء لهذا العام، "لأننا نسمع مثل هذه الوعود مع بداية الصيف من كل عام من دون نتيجة". يضيف: "كل العوامل التي كانت السلطات تتحجج بها ما زالت موجودة". 

ويلفت التواتي إلى أنه في ظل استمرار عدم قدرة السلطات على السيطرة على المسلحين وحماية خطوط إمداد الطاقة الكهربائية وغير ذلك، "ستبقى التصريحات مجرّد وعود". ويعاني المواطن الليبي منذ سنوات من انقطاع التيار الكهربائي خلال فصل الصيف، وتصل ساعات التقنين إلى 18 ساعة يومياً. وفي بعض الأحيان، ينقطع التيار الكهربائي لأيام.

واقع دفع سماح بن محسن، والتي تقطن في مدينة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس، إلى حجز غرفة في أحد المصايف باكراً قبل نفاد الغرف، مشيرة إلى أن "المصايف الكبيرة تمنحني وأسرتي شعوراً بالأمان. كما أن توفر المولدات الكهربائية يجعلنا قادرين على تحمل ارتفاع درجات الحرارة". تضيف في حديثها لـ "العربي الجديدة" بأن إمكانياتها المادية لا تسمح لها بالبقاء في المصيف طويلاً، "إلا أن هذه المدة تظل أفضل من لا شيء والبقاء من دون كهرباء طويلاً".   
وتشير بن محسن إلى أن الكهرباء تنقطع حالياً لمدة أربع ساعات وأحياناً أكثر من دون سبب. وتسأل: "ماذا يكون الحال حين يعتدي مسلحون على محطات توليد الكهرباء لإجبار الناس على العيش في الظلام أو شراء المولدات الكهربائية من التجار الجشعين؟". 
وتعلن الشركة العامة للكهرباء يومياً عن ساعات التقنين، وقد أفادت بأنها ستصل إلى 3 ساعات. إلا أن المواطن خليفة بشنة يؤكد أن ساعات التقنين غير عادلة بين المناطق. ففي مدينته الزاوية، غرب طرابلس، لم تنقطع الكهرباء منذ أسابيع. ويرجح أن المجموعات المسلحة تمنع الشركة من فرض ساعات تقنين متساوية بين المناطق. والنتيجة مضاعفة ساعات التقنين في عدد من المناطق على حساب أخرى. وحاله حاله كثيرين، لا يبدو متفائلاً بقدرة السلطات على حل أزمة الكهرباء.

 

البحر ملجأهما (بابلو غارسيا/ فرانس برس)
البحر ملجأهما (بابلو غارسيا/ فرانس برس)

ويؤكد مسؤولو أكبر ثلاث مصايف في غرب البلاد، وآخر في مدينة شحات شرق البلاد، لـ "العربي الجديد" أن الغرف باتت محجوزة حتى نهاية أغسطس/ آب المقبل. أحد هؤلاء ويدعى طارق دريزة، يوضح أن السؤال الأول الذي يطرحه المواطن يتعلق بتوفر الكهرباء على مدار الساعة، مشيراً إلى أن هذا هو الدافع الأكبر لدى المواطنين للاصطياف.  
ومنذ تولي الحكومة الجديدة مهامها في مارس/ آذار الماضي، أعلنت أن ملف الكهرباء هو من أولوياتها القصوى. وعلى الرغم من اعترافها بأن المسلحين تسببوا بالظلام الذي شهدته البلاد على مدى يومين الشهر الماضي، أكدت أن وزراءها يتابعون ملف الكهرباء خلال جولاتهم في الخارج.  
وتزامناً مع إعلان الحكومة تعاقدها مع شركات تركية وإيطالية خلال الأشهر الماضية، حذرت الشركة العامة للكهرباء من صيف مظلم في حال استمرت التعديات على خطوط نقل الطاقة الكهربائية في مختلف المناطق. وعلى مدى الأشهر الماضية، أصدرت الشركة بيانات عدة أعلنت فيها عن سرقة آلاف الأمتار من الأسلاك الكهربائية على "يد خارجين عن القانون"، ما يهدد بإنهيار شبكة الكهرباء.

الأرشيف
التحديثات الحية

ويتساءل بشنة: "كيف يمكن الوثوق بوعود السلطات وهي ما زالت تماطل؟"، مضيفاً أن الرأي العام يدرك أن المشكلة أمنية، والحل يتمثل في ضبط الوضع الأمني لحماية شبكة الكهرباء والعاملين في الشركة العامة للكهرباء. لكن السلطات توهمنا بأن المشكلة فنية وتبحث عن حلها لدى الشركات الأجنبية". 
ويتفق بشنة مع التواتي وبن محسن حول أسباب لجوء المواطن الى البحث عن حلول بديلة، قائلاً: "قد يكون لدى غالبية العائلات مولدات كهربائية في بيوتها، إلا أنها لا تكفي إلا لبضع ساعات للإنارة، الأمر الذي لا يحل مشكلة ارتفاع درجات الحرارة". ويشير إلى أن عدم وجود أماكن شاغرة في المصايف يشير إلى أن الأخيرة باتت خياراً وحيداً لدى المواطنين لحل الأزمة التي تتكرر سنوياً.

المساهمون