استمع إلى الملخص
- السلطات في شرق ليبيا بدأت توزيع لقاحات الحمى القلاعية للحد من انتشار الفيروس، في ظل تأخر استجابتها وتحديات بيئية مثل الفيضانات التي تساهم في انتشار الأمراض.
- المربون يعبرون عن إحباطهم من تقصير السلطات والإجراءات المتأخرة، مؤكدين على ضرورة جهود مكثفة لتوفير اللقاحات والتوعية لحماية الثروة الحيوانية.
يشاهد رعاة مواشٍ ومربوها في ليبيا مصادر رزقهم تتبخر بين أيديهم بسبب تفشي مرض الجلد العقدي وفيروس الحمى القلاعية. وكانت السلطات اتخذت تدابير للتعامل مع مخاطر تفشي أوبئة قبل أشهر، لكن إجراءاتها لم تثمر.
تواجه السلطات في ليبيا أزمة الأوبئة التي تهدد الثروة الحيوانية، خاصة في مناطق الشرق التي تجتاحها تغيّرات بيئية منذ أشهر سبّبت نفوق عشرات من الحيوانات.
ومطلع الأسبوع الجاري أعلنت إدارة الثروة الحيوانية شرق ليبيا أن 177 بقرة نفقت وأصيبت أكثر من 1000 بقرة بمرض الجلد العقدي، وتحدث أيضاً عن نفوق 1322 رأس غنم و47 بقرة، وإصابة أكثر من 19 ألف رأس غنم و550 بقرة، بسبب فيروس الحمى القلاعية.
جاء ذلك بعد يومين من تسلم بلديات شرق البلاد شحنات من لقاح الحمى القلاعية، وبدء اللجان المكلفة والأطباء حملات لتحصين المواشي.
وأخيراً، أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب الشروع في توزيع الدفعة الأولى من لقاح فيروس الحمى القلاعية، وإرسالها إلى سبع بلديات في شرق ليبيا ووسطها. وأكدت أنها سترسل دفعات تالية إلى كل المناطق التي تسيطر عليها.
وكانت مؤشرات ظهرت لتفشي وباء الحمى القلاعية ومرض الجلد العقدي بشكل لافت قبل أكثر من ثلاثة اشهر في أنحاء ليبيا، ما دفع المربين الى مطالبة السلطات بضرورة توفير اللقاحات اللازمة لمواجهة الأوبئة، في وقت أغلقت بلديات العديد من أسواق الماشية في عدد من المدن والقرى، ونشرت فرق الصحة الحيوانية للاطلاع على الأوضاع وتقييمها في محاولة للسيطرة على الأوضاع.
ورغم الإجراءات التي اتخذتها البلديات انتشرت الأوبئة انتشاراً كبيراً، ما سبّب نفوق وإصابة أنواع كثيرة من الحيوانات ولا سيما الأغنام والأبقار. وحتى مطلع مارس/ آذار الماضي نفق 270 رأس غنم و163 بقرة امتلكها أربعة مربين في ترهونة شرقي طرابلس، كما أصيب أكثر من 1000 رأس غنم في البيضاء (شرق).
وفي حين عقدت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس اجتماعات عدة في مارس/ آذار الماضي لتوريد كميات من اللقاحات لهذه الأمراض، أعلنت الحكومة في شرق البلاد إجراءات عدة لمنع الرعي في الأماكن التي يشتبه بتفشي الوباء فيها، وتعزيز الوعي لدى مربي الحيوانات بسرعة الإبلاغ فوراً عن إصابات مشبوهة لحيوانات بهذه الأمراض.
ويتحدث سليمان الصول، وهو مربي أغنام في منطقة ورشفانة غرب طرابلس، لـ"العربي الجديد"، عن أن غالبية المربين أكدوا تقصير السلطات في مواجهة الوباء.
ويلفت الى أن مرض الجلد العقدي وفيروس الحمى القلاعية يُعدان من الأمراض المعروفة في أوساط المربين، وكان من الضروري أن تتوفر لقاحاتهما لمواجهتهما منذ البداية من أجل منع تفشيهما.
ويصف الصول بدء توزيع اللقاحات بأنه "خطوة جيدة"، لكنه يرى أنها متأخرة، "إذ كان يجب ألا تقتصر الإجراءات على البدء بتوزيع اللقاحات، وأن تترافق مع تأمين لوازم أخرى مثل القفازات وألبسة خاصة للأطباء والرعاة والمربين الذين يساعدون في إعطاء جرعات اللقاح".
يتابع: "اعتاد المواطنون أن يتعاملوا وحدهم مع المخاطر والأمراض والأزمات، لكن لا قدرة لهم على مواجهة جوائح وأوبئة مماثلة، فما فائدة المربي من إعلان أرقام الحيوانات النافقة من دون اتخاذ خطوات على الأرض. وأرى أن بدء السلطات توزيع أولى شحنات اللقاح بعد ثلاثة أشهر من تفشي الوباء يدل على تقصيرها الكبير وعدم تعاطيها مع المخاطر التي تهدد الثروة الحيوانية".
ويعتبر الطبيب البيطري رمضان الحصادي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "ارتفاع عدد الحيوانات النافقة شرق ليبيا أكثر من باقي المناطق يشير إلى علاقة زيادة الانتشار بالوضع البيئي الذي تعيشه مناطق الشرق بعد عاصفة دانيال التي ضربت مدينة درنة في سبتمبر/ أيلول الماضي".
وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد" قال رئيس اتحاد المربين والفلاحين في ليبيا أحمد أبو حلالة لـ"العربي الجديد"، إن "شرق ليبيا يحتضن نسبة 40 في المائة من إنتاج ليبيا للثروة الحيوانية، وغالبيتها في منطقة الجبل الأخضر. وبعد الخسائر التي لحقت بالمناطق الزراعية بسبب فيضانات درنة، كانت النتيجة ارتفاع أسعار اللحوم والمواشي والخضروات.
ويوضح الحصادي أن "التغيّر البيئي وانحسار الغطاء النباتي بسبب جرف الفيضانات مساحات كبيرة من الغابات والأضرار التي لحقت بالمراعي قد تكون على علاقة بتحوّل هذه المناطق الى أماكن تحتضن الأوبئة، ومن ثم لا بدّ من أن تهتم فرق الصحة الحيوانية والإصحاح البيئي بهذه القضية".
ويشير إلى أن إصابات مرض الجلد العقدي وفيروس الحمى القلاعية شملت الأغنام في البداية، ثم توسّعت إلى الأبقار والإبل، ما شكل مؤشراً إضافياً زاد القلق على مصير الثروة الحيوانية، كما زاد مسؤوليات الحكومات في مواجهة المخاطر".