تنشط مجموعة من الليبيات للمطالبة بحقوق النساء والسعي إلى إقرار قوانين وتشريعات من خلال مجلس النواب (البرلمان) الجديد المنتظر انتخابه في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل. وأعدّ عدد من الناشطين والحقوقيين والمتخصصين في القانون، وسط مشاركة نسائية واسعة، نهاية يونيو/حزيران الماضي، دراسة شاملة لـ"قانون مكافحة العنف ضد المرأة" في ليبيا، بعد مداولات واسعة استضافتها العاصمة التونسية، منتصف الشهر نفسه.
وبعد نداءات وضغوط مارستها المنظمات المحلية والناشطون بشأن ضرورة وضع تشريعات لحماية حقوق المرأة، كلف مجلس النواب لجنة متخصصة بإعداد مشروع قانون العنف ضد المرأة، وسط انتقادات واسعة من قبل حقوقيات وناشطات حول بنوده ونصوصه التي لا تكفل حماية كاملة لحقوق المرأة، بحسب الناشطة بدرية الحاسي.
وفي منتصف يونيو/حزيران الماضي، استضافت العاصمة التونسية اجتماعاً ضم عدداً من الناشطين والحقوقيين الليبيين، بحضور وزيرة الدولة لشؤون المرأة في الحكومة الليبية حورية الطرمال، لمراجعة شاملة لمشروع القانون، وقد تم خلاله إدخال تعديلات جوهرية وتحسينات عليه. ووصفته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في بيان، بأنّه "علامة فارقة في مجال حماية وتعزيز حقوق جميع النساء والفتيات، بما يتماشى مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات الإقليمية".
في هذا الإطار، تؤكّد الحاسي، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ مجلس النواب زوّد بنسخة جديدة من مشروع القانون بعد إدخال التعديلات عليه "إلّا أنّ الانشغالات التي تمر بها البلاد في المرحلة الحالية قد تكون فرصة مناسبة لعرقلة التصديق عليه". هنا، تلفت إلى سعي منظمات المجتمع المدني إلى تكثيف جهودها لجعل القانون من ضمن أولويات السلطة التشريعية الجديدة المنتظر انتخابها، لضمان إصداره كتشريع نافذ. وتشير الحاسي إلى أنّ هذه الجهود تعكس رغبة الكثير من الناشطات في المشاركة في العملية السياسية المقبلة، خصوصاً بعد بروز عدد منهن في السلطة التنفيذية الحالية، وفقاً لخريطة الطريق التي تضمن مشاركة النساء.
من جهتها، تقول الأستاذة الجامعية في القانون، غالية المسعودي، المتابعة للجلسات التي انعقدت في العاصمة التونسية بشأن إجراء تعديلات على مشروع القانون، إنّه تمت مناقشة مقترحات عدة لتحديد مسؤوليات المؤسسات الحكومية حيال القانون. وتوضح أنّه "تم التوافق على تكوين لجنة وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، وصندوق لدعم ضحايا العنف من النساء"، مشيرة إلى "مناقشة مشروع القانون مع البعثة الأممية ومؤسسات دولية بهدف دعمه". تضيف المسعودي، في حديثها لـ "العربي الجديد" أنّ "التعديلات استندت إلى توسيع مفهوم العنف لإغلاق الباب أمام التحايل الذي يمارسه المجتمع على النساء، كتزوير المستندات لتزويج المرأة قبل بلوغ السن القانوني، أو إكراهها على الزواج ممن لا ترضاه، أو حرمانها من الميراث أو حق التعليم والعمل، وبما يتناسب مع العصر، وبالتالي إضافة بند منع العنف الإلكتروني وخطاب الكراهية عبر الإنترنت".
وفي سياق متابعة شرحها لمضمون التعديلات الجديدة، تشير المسعودي إلى أنّ "القانون في شكله الجديد توسع أيضاً في تحديد شكل الحماية القانونية للمرأة، كإلزام مؤسسات الدولة بتقديم المساعدة لضحايا العنف من خلال إنشاء صندوق لدعم ضحايا العنف وإعادة تأهيلهن، وبنود أخرى تتعلق بحقوق النساء ذوات الإعاقة، وأن تكون لوزارة الداخلية إدارة خاصة بحماية المرأة، على أن تنشئ فروعاً في مختلف مناطق البلاد". وأوصى مشروع القانون، بحسب المسعودي، بإمكانية أن تستبدل العقوبات ضد المرأة في المحاكم بتقديم خدمات اجتماعية في أيّ مجال تحدده المحاكم والمدة التي تراها مناسبة، كبديل للعقوبات السالبة للحرية".
بالعودة إلى الحاسي، فإنّها تشير إلى أنّ ما سبق لا يكفي لحماية المرأة وإعطائها حقوقها، إذ "لا فائدة من التشريعات من دون وعي المرأة نفسها بضرورة انتزاعها لحقوقها وقدرتها على كسر قيود التحفظ المجتمعي". تتابع: "يعطي هذا القانون للمرأة حق الشكوى أمام القضاء. لكنّ قيود المجتمع والعار المجتمعي قد يحولان دون لجوئها إلى القضاء". لذلك، تشير إلى ضرورة إطلاق حملات توعية واسعة، خصوصاً في الأرياف. وترى أنّ "قانون مؤسسات المجتمع المدني تعتريه مشاكل ولا يخدم إنشاء جمعيات حقوقية بشكل أكثر استقلالية لتشكل جهة ضاغطة على مؤسسات الدولة للإسراع في تشريعه ليكون نافذاً، بالإضافة إلى الضغط على المؤسسات الأخرى في حال تهاونت في تطبيقه".