تنتظر نازحات في إدلب فرص لمّ الشمل بأزواجهن اللاجئين، وذلك بعد أن دفعت الأوضاع المعيشية الصعبة والفقر والنزوح والقصف وانعدام السبل في المخيمات بالكثيرين إلى الدول الأوروبية، بحثاً عن فرص العمل والاستقرار.
رحلة انتظار أخرى تخوضها عائلات نازحة مازالت تعيش على أمل اللقاء، رغم تعقد وطول إجراءات اللجوء ولمّ الشمل التي قد تمتد لأعوام وتختلف شروطها ومدتها بين بلد أوروبي وآخر.
على مدى 3 سنوات ما تزال مريم الحميد (29 عاماً) تنتظر لم شملها وأبنائها الثلاثة مع زوجها الذي توجّه إلى إحدى الدول الأوروبية بحثاً عن حياة أفضل.
تقول مريم، وهي نازحة من مدينة سراقب ومقيمة في مخيمات أطمة شمال إدلب، إنها كانت تأمل أن يتم لم الشمل في وقت قريب، غير أن الأمر طال عما توقعته، فـ"أُلقيت على عاتقي مسؤولية رعاية أطفالي والاهتمام بهم بمفردي في مخيمات عشوائية تفتقر الأمان وسبل الاستقرار".
وتضيف المتحدثة أن زوجها ما زال يخوض معركة الاستقرار في ألمانيا، وما يحصل عليه من راتب لا يكفيه لتغطية نفقاته هناك، ناهيك عن ادخار بعض الأموال لسداد الديون المتراكمة عليه منذ بداية رحلته عبر التهريب، والتي كلفته أكثر من 10000 دولار أميركي.
وتؤكد مريم، التي تعيش في حالة فقر وضياع وانتظار، ريثما تتمكن من السفر إلى زوجها، أنه لم يسمح له حتى الآن بلمّ الشمل رغم أنه وكّل محامياً لهذا الغرض، لكنه أخبره أن الوقت والإجراءات أصبحت أكثر تعقيداً عن السابق.
أما حوراء الصباغ (33 عاماً) فقد تمكن زوجها أخيراً من الحصول على تصريح الإقامة ولم شمل عائلته بعد سنتين من وصوله النمسا، غير أنها لم تتمكن من دخول الأراضي التركية مع أبنائها الأربعة رغم محاولاتها المتكررة.
تقول حوراء إنه لا يسمح لهم بالدخول من المعبر إلى تركيا بشكل رسمي، وهي مضطرة لخوض غمار السفر ودخول الأراضي التركية عبر التهريب، ومن تركيا يمكنها استكمال الأوراق الرسمية من أجل السفر بطريقة نظامية إلى حيث يقيم زوجها عبر رحلات الطيران التركي، هذا إن تمت الأمور على ما يرام ولم تتعرض "لكوابيس الترحيل في تركيا".
وتشير حوراء التي ما زالت على الحدود السورية - التركية بانتظار الفرصة المناسبة للدخول، والتي يحددها المهرب الذي تولى مهمة الإشراف على الرحلة، إلا أنها تعاني البرد والتشرد مع أبنائها. ورغم سعادتها أنها ستلتقي مع زوجها وتعيش حياة مستقرة أخيراً، إلا أنها قلقة من الأيام القادمة وما تحمله من تحديات ومصاعب، خاصة وأنها لم تتمكن من دخول تركيا بعد.
أما نسيبة الحلو (31 عاماً) وهي نازحة مقيمة في مخيمات دير حسان شمال إدلب، فتمر عليها الأيام بطيئة جداً على أمل أن تلتحق بزوجها، بعد تأخر قرار لم الشمل لأكثر من عامين، لكنها متفائلة، وتقول إن زوجها خاض رحلة خطرة للوصول إلى حياة مستقرة وآمنة، وليتمكن من تحقيق مستقبل أفضل لعائلته.
وتضيف: "أنهكنا النزوح وحياة المخيمات، ودفعنا الفقر وقلة مصادر الدخل لبيع كل ما نملك والاستدانة من أجل تأمين نفقات سفر زوجي إلى فرنسا، كانت رحلة مليئة بالمخاطر كللت بالوصول". ويعمل زوجها اليوم على الإسراع في لم الشمل، إضافة إلى إرسال مصاريف أسرته.
وبلغ عدد طالبي اللجوء السوريين لدى دول الاتحاد الأوروبي في 2022 نحو 131 ألفاً و700 طلب، وهو الرقم الأكبر عربياً وحتى دولياً، بالنظر إلى الأوضاع السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد منذ 2011، وفقاً لأرقام وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء.
فيما وصل عدد اللاجئين الذين لقوا مصرعهم في البحر الأبيض المتوسط أثناء محاولة عبورهم إلى أوروبا بطريقة غير نظامية إلى أكثر من 2500 مهاجر خلال عام 2023 وحده، وذلك وفق تصريحات سابقة لروفين مينيكدويويلا، المسؤولة في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، خلال حديثها أمام اجتماع لمجلس الأمن الدولي.