ينظر عدد من مواطني الدول العربية إلى اللبنانيين على أنهم يعيشون في رفاهية تفوق تلك المتوافرة في مصر أو العراق أو تونس أو الجزائر أو غيرها. وتنطلق الكتابات مستغربة الحراك اللبناني الذي انطلق منذ أسابيع، أو على الأقل تطرح سؤال: "لماذا؟"
فعلياً، نجحت دعاية الأحزاب الحاكمة في لبنان في تشويه الواقع اللبناني، والتشويه هنا لا ينحو صوب تهشيم صورة لبنان، وإنما بث أرقام ومعطيات كاذبة، توحي بأن هذا البلد لا يعاني من أزمات بنيوية، إلا في أمور موضعية مرتبطة بتأثير الحركات الشعبية العربية على "سياحته"، أو الثورة السورية على استثماراته، أو توافد النازحين السوريين على سوق العمل والخدمات العامة. ويشعر المتابع لخطابات المسؤولين على المنابر بأن الحلول بسيطة جداً، ويمكن اختصارها بـ: خروج النازحين السوريين من لبنان، توقف المهاترات السياسية بين الأحزاب التي يردها كل طرف إلى الدولة "المشغّلة" للطرف الآخر، عودة الخليجيين للاستثمار في القطاعات الريعية وخصوصاً العقار.
اقرأ أيضا: انتفاضة لبنانية
الحياة وردية لولا "الغريب" (أي العنصر الخارجي)، هذا هو باختصار شعار الدعاية السلطوية، إلا أن الواقع مغاير تماماً، لا بل يتقاطع في الكثير من أوجهه مع واقع الشعوب العربية التي تعيش فعلياً من قلّة الموت.
لتبسيط الأزمة اللبنانية، سنتحدث عن 7 من أبرز المشكلات التي يعاني منها اللبناني والمرتبطة بتركيبة النظام اللبناني وأزماته البنيوية، من دون التطرق إلى الخلل في المنظومة الاقتصادية بحد ذاتها:
1- يعيش المواطن اللبناني في بيئة فقيرة، حيث يصل عدد الفقراء إلى 1.2 مليون شخص في حين تركز الثروة بيد 1% فقط من المحسوبين على الأحزاب المذهبية المسيطرة على عنق الاقتصاد.
2- يتعلم اللبناني في مدرسة رسمية بأسوأ ظروف تعليمية. حيث تسود المناهج التلقينية، وتغيب عن غالبية المدارس تقنيات التعليم الحديث، لا بل إن بعضها جدرانه آيلة للسقوط. أما إذا أراد التوجه إلى مدرسة خاصة، فيبلغ الحد الأدنى من القسط السنوي حوالى ألفي دولار. ويرتفع القسط أضعافاً في الجامعات الخاصة. في حين تستفيد الأحزاب السياسية من تحويل المدارس الرسمية وكذا الجامعة اللبنانية إلى بؤرة توظيف الأزلام والمناصرين، علماً بأن حوالى 70% من المدارس والجامعات الخاصة في لبنان، إما تابعة إلى إرساليات مذهبية، أو يملكها مباشرة حزب شارك أو يشارك في السلطة. بهذا، تحرص الحكومات، وكذلك "ممثلو الشعب" في البرلمان، على إضعاف التعليم الرسمي، لمراكمة ثرواتهم من الجامعات الخاصة، وإخضاع الطلاب لدورات "الولاء الحزبي"، من مقعد الدراسة.
3- غالبية اللبنانيين يعانون من أزمة في الأجور، بحيث لا يتعدى الحد الأدنى للأجر الـ450 دولاراً. وتغيب فرص العمل بشكل كبير عن القرى ومناطق الأطراف، حيث تنشط الأحزاب المذهبية، التي لا تستثمر الأموال التي تحصلها من مشاركتها في الصفقات الوزارية والنيابية وتغلغلها في غالبية القطاعات الاقتصادية، وإنّما تعمد إلى تعميم الفقر، لتحويل سكان هذه المناطق إلى مرتهنين للأجر الضئيل الذي يحصلون عليه مقابل حمل السلاح. أما في بيروت، فيعيش غالبية السكان من أعمال هامشية أو فردية، أو ينتظمون في الوظائف العامة مقابل رواتب لا تتعدى بالمتوسط 850 دولاراً، وهو مبلغ لا يغطي كلفة إيجار منزل (500 دولار بالحد الأدنى)، ومصاريف البنزين (300 دولار شهرياً بالحد الأدنى)، وسعر ربطة خبز يومياً (30 دولاراً شهرياً).
4- يعاني أكثر من 60% من اللبنانيين من غياب تام لأية تغطية صحية. ويموت العشرات منهم على أبواب المستشفيات. والأخيرة أيضاً تتعرض لمعادلة المحاصصة، بحيث يتم إضعاف المستشفيات الحكومية لصالح مستشفيات خاصة تابعة مباشرة للأحزاب المهيمنة.
5- تغيب الخدمات العامة عن اللبنانيين بحيث لا تتوافر الكهرباء ولا المياه والإنترنت ولا خدمة هاتف لائقة، وتمسك بهذه الخدمات الأحزاب المسيطرة على الحكم منذ 25 عاماً، منفقة أكثر من 50 مليار دولار خلال هذه الفترة على مشاريع لم تحسن نوعية هذه الخدمات، ويمتاز غالبيتها بتضخيم الفواتير وتوزيع الحصص على الأطراف السياسية المهيمنة.
6- لا يمكن لغالبية اللبنانيين أن يتملكوا منزلاً أكان في بيروت أو خارجها، إلا بعد شق النفس. حيث ترتفع أسعار الشقق إلى ما بين 80 و140 ألف دولار خارج بيروت، في حين تبدأ في العاصمة بحوالى 300 ألف دولار وتصل إلى ملايين الدولارات. وبالتالي، يضطر اللبناني إمّا لتقسيط مسكنه لمدة 30 عاماً، أو اللجوء إلى الإيجار.
7- أما فيما يتعلق بالنفايات، التي اعتبرت شرارة للانتفاضة اللبنانية، فهو موضوع مرتبط بإشكالية النظام أيضاً. حيث تقوم الأحزاب السياسية المسيطرة بعملية تحاصص للشركات، التي ستكون موكلة بجمع النفايات ومعالجتها، بحيث تدر عليها ملايين الدولارات سنوياً. الأرجح، أن تكون هذه النفايات أساس تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب في الفترة المقبلة، بعدما فشلت هذه الأحزاب في محاصصة النفط، الذي لا يزال مغموراً في البحر اللبناني.
وبعد! هل تريدون أسباباً إضافية؟
اقرأ أيضا: أزمة النفايات في لبنان: الحل بالفرز من المصدر
فعلياً، نجحت دعاية الأحزاب الحاكمة في لبنان في تشويه الواقع اللبناني، والتشويه هنا لا ينحو صوب تهشيم صورة لبنان، وإنما بث أرقام ومعطيات كاذبة، توحي بأن هذا البلد لا يعاني من أزمات بنيوية، إلا في أمور موضعية مرتبطة بتأثير الحركات الشعبية العربية على "سياحته"، أو الثورة السورية على استثماراته، أو توافد النازحين السوريين على سوق العمل والخدمات العامة. ويشعر المتابع لخطابات المسؤولين على المنابر بأن الحلول بسيطة جداً، ويمكن اختصارها بـ: خروج النازحين السوريين من لبنان، توقف المهاترات السياسية بين الأحزاب التي يردها كل طرف إلى الدولة "المشغّلة" للطرف الآخر، عودة الخليجيين للاستثمار في القطاعات الريعية وخصوصاً العقار.
اقرأ أيضا: انتفاضة لبنانية
الحياة وردية لولا "الغريب" (أي العنصر الخارجي)، هذا هو باختصار شعار الدعاية السلطوية، إلا أن الواقع مغاير تماماً، لا بل يتقاطع في الكثير من أوجهه مع واقع الشعوب العربية التي تعيش فعلياً من قلّة الموت.
لتبسيط الأزمة اللبنانية، سنتحدث عن 7 من أبرز المشكلات التي يعاني منها اللبناني والمرتبطة بتركيبة النظام اللبناني وأزماته البنيوية، من دون التطرق إلى الخلل في المنظومة الاقتصادية بحد ذاتها:
1- يعيش المواطن اللبناني في بيئة فقيرة، حيث يصل عدد الفقراء إلى 1.2 مليون شخص في حين تركز الثروة بيد 1% فقط من المحسوبين على الأحزاب المذهبية المسيطرة على عنق الاقتصاد.
2- يتعلم اللبناني في مدرسة رسمية بأسوأ ظروف تعليمية. حيث تسود المناهج التلقينية، وتغيب عن غالبية المدارس تقنيات التعليم الحديث، لا بل إن بعضها جدرانه آيلة للسقوط. أما إذا أراد التوجه إلى مدرسة خاصة، فيبلغ الحد الأدنى من القسط السنوي حوالى ألفي دولار. ويرتفع القسط أضعافاً في الجامعات الخاصة. في حين تستفيد الأحزاب السياسية من تحويل المدارس الرسمية وكذا الجامعة اللبنانية إلى بؤرة توظيف الأزلام والمناصرين، علماً بأن حوالى 70% من المدارس والجامعات الخاصة في لبنان، إما تابعة إلى إرساليات مذهبية، أو يملكها مباشرة حزب شارك أو يشارك في السلطة. بهذا، تحرص الحكومات، وكذلك "ممثلو الشعب" في البرلمان، على إضعاف التعليم الرسمي، لمراكمة ثرواتهم من الجامعات الخاصة، وإخضاع الطلاب لدورات "الولاء الحزبي"، من مقعد الدراسة.
3- غالبية اللبنانيين يعانون من أزمة في الأجور، بحيث لا يتعدى الحد الأدنى للأجر الـ450 دولاراً. وتغيب فرص العمل بشكل كبير عن القرى ومناطق الأطراف، حيث تنشط الأحزاب المذهبية، التي لا تستثمر الأموال التي تحصلها من مشاركتها في الصفقات الوزارية والنيابية وتغلغلها في غالبية القطاعات الاقتصادية، وإنّما تعمد إلى تعميم الفقر، لتحويل سكان هذه المناطق إلى مرتهنين للأجر الضئيل الذي يحصلون عليه مقابل حمل السلاح. أما في بيروت، فيعيش غالبية السكان من أعمال هامشية أو فردية، أو ينتظمون في الوظائف العامة مقابل رواتب لا تتعدى بالمتوسط 850 دولاراً، وهو مبلغ لا يغطي كلفة إيجار منزل (500 دولار بالحد الأدنى)، ومصاريف البنزين (300 دولار شهرياً بالحد الأدنى)، وسعر ربطة خبز يومياً (30 دولاراً شهرياً).
4- يعاني أكثر من 60% من اللبنانيين من غياب تام لأية تغطية صحية. ويموت العشرات منهم على أبواب المستشفيات. والأخيرة أيضاً تتعرض لمعادلة المحاصصة، بحيث يتم إضعاف المستشفيات الحكومية لصالح مستشفيات خاصة تابعة مباشرة للأحزاب المهيمنة.
5- تغيب الخدمات العامة عن اللبنانيين بحيث لا تتوافر الكهرباء ولا المياه والإنترنت ولا خدمة هاتف لائقة، وتمسك بهذه الخدمات الأحزاب المسيطرة على الحكم منذ 25 عاماً، منفقة أكثر من 50 مليار دولار خلال هذه الفترة على مشاريع لم تحسن نوعية هذه الخدمات، ويمتاز غالبيتها بتضخيم الفواتير وتوزيع الحصص على الأطراف السياسية المهيمنة.
6- لا يمكن لغالبية اللبنانيين أن يتملكوا منزلاً أكان في بيروت أو خارجها، إلا بعد شق النفس. حيث ترتفع أسعار الشقق إلى ما بين 80 و140 ألف دولار خارج بيروت، في حين تبدأ في العاصمة بحوالى 300 ألف دولار وتصل إلى ملايين الدولارات. وبالتالي، يضطر اللبناني إمّا لتقسيط مسكنه لمدة 30 عاماً، أو اللجوء إلى الإيجار.
7- أما فيما يتعلق بالنفايات، التي اعتبرت شرارة للانتفاضة اللبنانية، فهو موضوع مرتبط بإشكالية النظام أيضاً. حيث تقوم الأحزاب السياسية المسيطرة بعملية تحاصص للشركات، التي ستكون موكلة بجمع النفايات ومعالجتها، بحيث تدر عليها ملايين الدولارات سنوياً. الأرجح، أن تكون هذه النفايات أساس تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب في الفترة المقبلة، بعدما فشلت هذه الأحزاب في محاصصة النفط، الذي لا يزال مغموراً في البحر اللبناني.
وبعد! هل تريدون أسباباً إضافية؟
اقرأ أيضا: أزمة النفايات في لبنان: الحل بالفرز من المصدر