لقاحات كورونا... خلافات لا تخلو من السياسة والدعاية والنكاية

30 يناير 2021
الخلاف الأوروبي مع أسترازينيكا نموذج لصراع اللقاحات (Getty)
+ الخط -

سلط الخلاف بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الضوء على تداعيات نقص الإمدادات من اللقاح على برامج التطعيم الواسعة للسيطرة على تفشي فيروس كورونا، حتى في دول غنية، في حين تتصاعد المخاوف من أن الدول الغنية تستأثر باللقاحات على حساب الدول الأفقر.

وحذر مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الجمعة، من "النزعة القومية في اللقاحات"، قائلا إن هناك "خطرا حقيقيا في أن اللقاحات قد تفاقم انعدام المساواة على مستوى العالم".
قبل بضعة أسابيع فقط، لاقت شركة أسترازينيكا البريطانية-السويدية إشادات واسعة للسرعة التي طوّرت من خلالها لقاحها المضاد لفيروس كورونا، واعتبر الخبراء إطلاق اللقاح نقطة تحوّل في مكافحة الوباء، خصوصا لسهولة نقله وتخزينه مقارنة بلقاح فايزر/بيونتيك، كما حظيت الشركة بإشادات لتعهّدها بتوفير اللقاح على أساس غير ربحي للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

لكن سريعا بدأ الجدل حول اللقاح وسط تساؤلات بشأن مدى فعاليته، واحتمال مقاضاة الشركة بسبب تأخير إيصاله إلى الاتحاد الأوروبي، ونشرت المفوضية الأوروبية، الجمعة، العقد الذي وقّعته مع الشركة، ويظهر تعهّد أسترازينيكا بإنتاج 300 مليون جرعة من اللقاح، والخميس، تم تفتيش معمل في بلجيكا، بطلب من المفوضية الأوروبية بهدف فحص مشاكل الإنتاج فيه.

في شأن مشابه، أثارت إيطاليا احتمال اتّخاذ إجراءات قانونية ضد شركة فايزر من أجل "استعادة الجرعات التي تم التعهّد بتقديمها"، في حين شكك معهد روبرت كوخ الألماني في مدى فعالية اللقاح بالنسبة للأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة، مشيرا إلى وجود ثغرات في بيانات الاختبارات.
وقال المحلل لدى "سي إم سي ماركتس"، مايكل هيوسن، لصحيفة "فاينانشال تايمز"، الجمعة، إن الأمر "لن ينتهي بالنسبة لأي طرف بشكل جيّد"، مشيرا إلى أن هذه النزاعات تكشف السبب الذي يجعل "النزعات القومية المرتبطة باللقاحات أمرا مقلقا. إذا نفّذ الاتحاد الأوروبي تهديده بفرض قيود على الصادرات"، فمن شأن ذلك أن يثير "إجراءات مضادة" من دول أخرى مثل المملكة المتحدة في حال تباطؤ الإمدادات.

وأكد  المحلل لدى "أيه جاي بيل"، روس مولد، ضرورة وضع العواقب المالية للخلاف في سياقها. وقال إن "التساؤلات الألمانية بشأن لقاح أسترازينيكا/أوكسفورد، وعدم الرغبة الواضحة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية في إقراره، هي أمور مؤسفة، ولا تساعد سمعة الشركة، لكن يبدو أن العديد من الدول الأخرى راضية عن مواصلة استخدامه".

إلى ذلك، تراجع الاتحاد الأوروبي، الجمعة، عن تهديده بتقييد صادرات اللقاحات المضادة لفيروس كورونا إلى أيرلندا الشمالية في إطار خلافه المتصاعد مع بريطانيا، في حين حذرت منظمة الصحة العالمية من "النزعة القومية" في ما يتعلق باللقاحات.

وقالت أسترازينيكا إنها قادرة على تسليم جزء صغير من جرعات اللقاحات التي وعدت بها للاتحاد الأوروبي وبريطانيا بسبب مشكلات في الإنتاج، لكن الجانبين يطالبان بالإيفاء بالوعود. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، في بيان، إن المفوضية "ستعمل على ضمان أن لا يتأثر بروتوكول أيرلندا/أيرلندا الشمالية"، وذلك بعدما نشر الاتحاد الأوروبي نسخة منقحة لعقده مع أسترازينيكا، بموازاة الإعلان عن آلية من شأنها الحؤول دون تصدير لقاحات مصنعة على أراضيه.
وأصبح لقاح أسترازينيكا الجمعة ثالث لقاح يحصل على موافقة الاتحاد الأوروبي بعد لقاحي فايز/بايونتيك وموديرنا، لكن هيمن عليه الخلاف الدبلوماسي. وكتبت رئيسة المفوضية، أورسولا فون ديرلاين، لدى الإعلان عن الترخيص: "أتوقع أن تقوم أسترازينيكا بتسليم الـ400 مليون جرعة حسب الاتفاق".

وأظهرت بيانات جديدة الخميس والجمعة، نسبة فعالية تبلغ 89% و66% للقاحي "نوفافاكس" و"جونسون أند جونسون"، لكن فيما أظهر "نوفافاكس" فعالية كبيرة ضد السلالة البريطانية، كانت فعالية اللقاحين أقل ضد السلالة الجنوب أفريقية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن "المعلومات قليلة للغاية" عن لقاح أسترازينيكا، و"نعتقد أنه غير فعّال تقريبا بالنسبة للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم أكثر من 65 سنة. النتائج الأولية لدينا غير مشجعة"، قبل أن ينتقد استراتيجية بريطانيا في التطعيم القائمة على إطالة المدة بين أول وثاني جرعة بهدف تحصين أكبر عدد ممكن من الأشخاص.
وفاقم النقاش بشأن الفئة العمرية الصحيحة التي يمكن للقاح أسترازينيكا أن يكون فعالا بالنسبة لها الجدل بشأن العقار، بعد أن أثارت الشركة غضب الاتحاد الأوروبي.

(فرانس برس، أسوشييتد برس)

دلالات
المساهمون