في اليوم السابع والثمانين من الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة، ووسط التهديدات التي تطاول أطفال غزة، نتيجة النقص الكبير في الخدمات الصحية، أعلنت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة أنّ لقاحات الأطفال الأساسية التي اشترتها حكومتها بدأت تدخل إلى القطاع المحاصر من خلال معبر رفح البري.
ويبدو أنّ عام 2024 يحمل في يومه الأوّل ما يشبه بشائر خير أو خطوات إيجابية من شأنها أن تخفّف على الفلسطينيين في قطاع غزة المستهدف والمحاصر ما يعيشونه منذ بدء العدوان الذي يشنّه الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولا سيّما وسط التحذيرات من انتشار أمراض وبائية وسط المأساة الواقعة راهناً.
وأوضحت الكيلة، في بيان صادر اليوم الاثنين، أنّ إدخال جرعات اللقاح التي اشترتها حكومة فلسطين، بالإضافة إلى ما وفّرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) "يأتي في ظلّ الوضع الوبائي الحرج الذي تسبّبت فيه الحرب الإسرائيلية على القطاع" المحاصر.
وأضافت الكيلة أنّ "وزارة الصحة المصرية وافقت في وقت سابق على استخدام سلسلة التبريد المتوفّرة في الأراضي المصرية لحفظ اللقاحات إلى حين إدخالها إلى غزة"، وذلك من أجل أن تكون عملية نقلها موافقة للمعايير العالمية المتّبعة في هذا السياق، وبإشراف منظمة يونيسف.
تجدر الإشارة إلى أنّ الشحنة التي تحدّثت عنها الكيلة تضمّ لقاحات مضادة لشلل الأطفال والحصبة والحصبة الألمانية والنكاف وغيرها من اللقاحات الأساسية الخاصة بالأطفال، علماً أنّها كافية لمدّة تتراوح ما بين ثمانية أشهر و14 شهراً.
Today, UNICEF delivered at least 600K doses of key vaccines to the #GazaStrip to protect #children against diseases.
— UNICEF Palestine (@UNICEFpalestine) December 29, 2023
Some 16,854 infants missed one or more routine vaccines in the past three months.
We are working with @WHOoPt & @UNRWA to reach all children due for vaccination. pic.twitter.com/kVdQ4xQ9Nw
"يونيسف": 600 ألف جرعة لقاح أساسية إلى أطفال غزة
وكانت منظمة يونيسف قد أفادت، في 29 ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، بأنّها سلّمت نحو 600 ألف جرعة من اللقاحات الأساسية إلى قطاع غزة في الأيام الأخيرة، والهدف من ذلك حماية الأطفال الفلسطينيين من الأمراض التي تهدّدهم وسط الحرب المتواصلة عليهم.
وبيّنت المنظمة أنّ عمليات التحصين الروتينية فاتت 16.854 رضيعاً، وبالتالي لم يحصلوا على لقاح أساسي واحد أو أكثر في نحو ثلاثة أشهر، أي منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، علماً أنّ ذلك يعرّض مناعتهم للخطر في وقت هم في أشدّ حالات الضعف.
وأضافت منظمة يونيسف أنّها تعمل مع منظمة الصحة العالمية وكذلك مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أجل إيصال اللقاحات إلى جميع الأطفال الذين هم في حاجة إليها.
وفي تعليق على إدخال اللقاحات اليوم الاثنين، قال رئيس وحدة التعاون الدولي في وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله ياسر بوزية إنّ التقديرات تشير إلى نحو 60 ألف طفل حديث الولادة في قطاع غزة، ومن المفترض أن يُزوَّد هؤلاء باللقاحات اللازمة في الظروف الطبيعية، لكنّ الأمر غير ممكن في الوقت الراهن، إذ إنّهم يُحرَمون إلى حدّ كبير من الخدمات الطبية.
وأضاف بوزية أنّ تزويد الأطفال باللقاحات سوف يكون أمراً صعباً، لأنّ سكان غزة بمعظمهم نزحوا من منازلهم، ويعيش مئات الآلاف منهم في خيام أو مراكز إيواء مؤقتة أخرى. يُذكر أنّ بيانات الأمم المتحدة تشير إلى نزوح نحو 1.9 مليون فلسطيني في القطاع نتيجة الحرب، وهو ما يعني نحو 85 في المائة من مجموع السكان المقدَّر بنحو 2.3 نسمة.
الحرب الإسرائيلية تعوق عمليات تحصين أطفال غزة
في سياق متصل، وفي تقرير أصدرته منظمة يونيسف، أمس الأحد في ختام عام 2023، بيّنت أنّ تقدّماً ملموساً كان قد أُحرز قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في مجال تحسين صحة أطفال فلسطين ورفاهيتهم، "مع تحقيق تغطية للقاحات الرئيسية بنسبة وصلت إلى 99 في المائة". وتابعت المنظمة أنّ "على الرغم من الجهود المبذولة منذ ذلك الحين للحفاظ على نسبة التحصين، فإنّ التدهور الاقتصادي-الاجتماعي واستمرار التصعيد والانقطاع المتكرّر للخدمات الصحية مثّلت تحديات كبيرة". وأكّدت أنّ الحرب أثّرت سلباً في عملية التحصين الروتيني وأنظمة مراقبة انتشار الأمراض، الأمر الذي "فاقم مخاطر تفشّي الأمراض القاتلة والتي من الممكن الوقاية منها في الظروف الطبيعية مثل الحصبة وشلل الأطفال".
ولفتت منظمة يونيسف إلى أنّها "نجحت (...) بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والشركاء في تخليص 3000 جرعة من اللقاحات الأساسية لشلل الأطفال والحصبة والنكاف والحصبة الألمانية من مستودعات وزارة الصحة المركزية في شمال قطاع غزة، وفي نقلها إلى عيادات صحية تعمل في جنوب القطاع، على الرغم من المخاطر الأمنية". لكنّها أوضحت أنّ "خطر تفشّي الأمراض السارية ظلّ مرتفعاً، إذ سُجّلت حالات عديدة من التهاب السحايا والطفح الجلدي والحصبة وأمراض أخرى، مقروناً بتسجيل معدّلات مقلقة للالتهابات التنفسية والإسهال بين الأطفال دون سنّ الخامسة خصوصاً".
وبهدف مواجهة المخاطر، أطلقت منظمة يونيسف وشركاؤها "استجابة سريعة لتوفير نحو 962.550 جرعة من اللقاحات الأساسية التي تحمي الصغار من أمراض مثل الحصبة والالتهاب الرئوي وشلل الأطفال. وفي الفترة الممتدة ما بين 25 ديسمبر المنصرم و29 منه، وصلت إلى قطاع غزة أكثر من 600 ألف جرعة من اللقاحات، الأمر الذي يوفّر خط دفاع حيوي للأطفال".
وحذّرت منظمة يونيسف من أنّ "العمل لم ينتهِ بعد". وشرحت أنّ "الاكتظاظ الشديد والظروف الجوية القاسية وانهيار النظام الصحي بصورة شبه كلية، والإمكانية المحدودة للحصول على المياه النظيفة، وعدم توفّر (خدمات) الصرف الصحي، إلى جانب زيادة أوجه الضعف الأخرى، مثل المصابين بجراح، والأشخاص الذين يعانون من حالات ضعف المناعة" أمور تشكّل "أرضاً خصبة لانتشار الأمراض التي يمكن تجنّبها بعمليات التحصين".
وأكدت منظمة يونيسف أنّها تعمل بطريقة وثيقة مع وكالة أونروا ومنظمة الصحة العالمية ومنظمات غير حكومية وشركاء محليين وجهات إنسانية أخرى عاملة في قطاع غزة، من أجل ضمان وصول اللقاحات إلى جميع الأطفال الذين تستحقّ مواعيد تحصينهم.
وفي التقرير نفسه، شدّدت منظمة يونيسف على أنّها تدعم الشركاء في صياغة استراتيجيات للوصول إلى الأطفال الذين فاتتهم جرعاتهم من خلال التتبع النشط والتواصل المجتمعي، لتشجيع مقدّمي الرعاية على إحضار هؤلاء الأطفال لتلقّي اللقاح، بالإضافة إلى دعم تنظيم حملات التحصين".
وتواصل منظمة يونيسف دعواتها إلى "وقف دائم لإطلاق النار، مع إقامة ممرّ إنساني لتوفير اللقاحات، وغيرها من التدخّلات المنقذة لحياة الأطفال"، وذلك من أجل تلافي وقوع "مزيد من الوفيات غير المبرّرة المرتبطة بالأمراض السارية"، ومن أجل توفير "وصول آمن إلى الخدمات الصحية لكلّ طفل" فلسطيني في قطاع غزة.