لبنان: وفاة طفلة بعد تنقّلها بين 6 مستشفياتٍ ووزارة الصحة تحقّق

20 يونيو 2022
تركت ياسمين خلفها والدَين مفجوعَين لا يقوَيان على الكلام (تويتر)
+ الخط -

لفظت الطفلة اللبنانية ياسمين المصري، ابنة العام الواحد، أنفاسها الأخيرة بعد تنقّلها بين ستّة مستشفياتٍ، شمالي لبنان، تاركة خلفها والدَين مفجوعَين لا يقوَيان على الكلام، وشقيقةً بعمر الأربع سنوات.

ابنة بلدة المحمّرة العكاريّة (شمال البلاد)، شُيّعت، أول من أمس السبت، إلى مثواها الأخير، بعد قرابة ثماني ساعاتٍ من المعاناة والأوجاع، التي سجّلت بوفاتها مأساةً جديدة تُضاف إلى سجل المآسي والويلات التي يشهدها لبنان، وعلى وجه التحديد محافظة الشمال.

ذاق والدها، ربيع، الأمرّين وهو يجوب بها بأقرب وأبعد المستشفيات، لعلّها تتلقى علاجاً يخفّف آلامها، غير أنّ ربيع ياسمين لم يُزهر، فتوقف قلبها باكراً.

وتوالت ردود الفعل حول الفاجعة التي ألمّت بالعائلة، وانتشرت صور الطفلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مرفقةً بعبارات الحزن والأسف لما وصل إليه حال اللبنانيّين وأطفال لبنان والقطاع الصحي والاستشفائي في البلاد.

لم تكن تعاني من أيّ مشاكل صحية

وفي اتصالٍ لـ"العربي الجديد"، كشف جدّ الطفلة محمد فهد المصري أنّ "ياسمين لم تكن تعاني من أيّ مشاكل صحية أو أمراضٍ منذ ولادتها، إنّما أُصيبت أول من أمس السبت بارتفاعٍ شديدٍ في الحرارة ترافق مع تقيّؤ وإسهالٍ، ما استدعى نقلها إلى مستشفى الخير في المنية (عكار)، إذ أبلغونا بعدم وجود المعدّات والمستلزمات الطبية اللازمة لحالتها، وطلبوا منّا ألّا نضيّع الوقت وأن ننقلها على الفور. فكان أن اتّجهنا إلى المستشفى الإسلامي الخيري في طرابلس (شمالاً)، لكنّ الصدمة كانت بترك الطفلة في الطوارئ، من دون أيّ فحص على الإطلاق، فاضطررنا عندها إلى نقلها إلى مستشفى (النيني) في طرابلس، حيث قاموا بفحصها في قسم الطوارئ، قبل أن يطلبوا نقلها لمستشفى آخر، بحجّة عدم وجود أيّ مكانٍ شاغرٍ، والأرجح أنّهم يكذبون".

بحسرةٍ تابع الجدّ، قائلاً: "نقلناها لاحقاً إلى مستشفى (هيكل) في طرابلس، إذ أُجريت لها الفحوص على مدى ساعة ونصف الساعة، غير أنّهم وبعد ذلك، طلبوا دفع ألف دولار أميركي بحجّة فحوصاتٍ إضافيّة. فكان أن انتقلنا بالطفلة إلى مستشفى (الشمال) الاستشفائي في زغرتا (شمالاً)، وحظينا بطبيبةٍ اهتمّت بياسمين أشدّ اهتمامٍ، وطلبت نقلها إلى بيروت على الفور، نظراً لحاجتها لتنظيرٍ للمعدة وعمليّةٍ جراحيّة. فكان أن سارعنا باتجاه مستشفى (سيّدة زغرتا الجامعي)، إذ عاينها طبيب أطفالٍ، وكشف أنّ وضعها المتدهور لن يسمح بوصولها إلى مستشفيات بيروت، لا سيّما بعد إصابتها بالجفاف نتيجة استمرار التقيّؤ والإسهال وفقدانها كمياتٍ كبيرة من السوائل، فلم يعد بالإمكان العثور على أيّ وريدٍ (عِرقٍ) لتركيب المحلول (المصل)".

وختم المصري بالقول: "بعدها بلحظاتٍ، فارقت ياسمين الحياة في بلادٍ لا تفقه أسس الدولة، ولا تكترث لمواطنيها. فنحن نعاني يوميّاً من أزماتٍ متتالية، من الرغيف إلى الدواء والاستشفاء فالكهرباء والمياه والوقود وغيرها الكثير، لكنّنا نبقى همّهم الأخير".

وزارة الصحة تواصل التحقيق المفتوح

من جهتها، وزارة الصحة العامّة في لبنان أعلنت، اليوم الإثنين، أنّ "مديرية العناية الطبية تواصل منذ أمس الأحد، التحقيق المفتوح في ملابسات وفاة الطفلة. وقد طلب مدير العناية الطبية جوزيف الحلو من المديرين الطبيّين في المستشفيات كافّة التي توجّهت إليها عائلة الطفلة، الحضور إلى الوزارة للاستماع إليهم صباح غدٍ الثلاثاء".

وأضافت في بيانها: "كما دعا الحلو أفراد العائلة للاطّلاع منهم مباشرةً على تفاصيل ما حصل معهم، خلال محاولتهم علاج طفلتهم؛ وبناءً عليه، يُبنى على الشيء مقتضاه، ويتمّ تحديد الخطوات القانونيّة والإداريّة اللازمة". 

مستشفى "هيكل": لم نرفض استقبال الطفلة

من جهته، أصدر مستشفى "هيكل" بياناً توضيحيّاً، أشار فيه إلى أنّ "خبر رفضه استقبال الطفلة على خلفيّة عدم دفع مبلغٍ ماليّ، هو خبر عارٍ من الصحة، جملةً وتفصيلاً". وأضاف البيان: "تمّ إدخال الطفلة إلى قسم الطوارئ وأخذ المؤشّرات الحيويّة وفحصها من قبل الفريق الطبي وإجراء الفحوص المخبرية اللازمة، وإعطائها الأدوية التي تتناسب مع حالتها بانتظار إجراء الفحوص الشعاعية. وقد تبيّن أنّها تعاني من وجود آثار دم في الخروج وهي بحاجة لدخول المستشفى. لكن بعد أن تعذّر على الفريق التمريضي في الطوارئ وضع المحلول (المصل) من جديد، وطلب الاستعانة بفريقٍ متخصّص من قسم العناية، أراد الأب أخذ الطفلة والذهاب، رغم محاولة إقناعه بأنّ ذلك قد يعرّض حياتها للخطر".

وتابع بيان المستشفى: "بعد ذلك، توجّه والد الطفلة إلى قسم الإدارة لإتمام معاملات الدخول، غير أنّه عاد وأخذ الطفلة وخرج من الطوارئ، من دون الرجوع للفريق الطبي أو التمريضي، وبالطبع من دون تسديد أيّ مبالغ مالية، لقاء الفحوص والعلاجات الأولية. عليه، فإنّ ملف الطفلة الطبي والإلكتروني وأرشيف كاميرات قسم الطوارئ تحت التصرّف، في حال احتجنا للرجوع إليها".

وختم بالقول: "نحن اليوم أحوج من أيّ وقت إلى التكافل والتضامن معاً لحماية ما تبقّى من أدمغةٍ طبيّة، من دون المساس بسلامة المرضى. عليه، نطلب من كلّ وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي توخّي الحذر والدقّة في نقل المعلومات".

المساهمون