أعلنت رئاسة الحكومة اللبنانية، اليوم الثلاثاء، أن اجتماعاً عُقد في السرايا الحكومية خُصِّص للبحث في "موضوع النزوح السوري الجديد إلى لبنان"، بحضور وزير المهجرين عصام شرف الدين، والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع محمد مصطفى.
وبحسب ما نقلت عنه رئاسة الحكومة، قال شرف الدين إن "الاجتماع اليوم تمحور حول موضوع النزوح السوري الجديد الحاصل منذ 3 أسابيع، والذي يشكل ظاهرة خطيرة جداً، لأن النازحين يدخلون من معابر غير شرعية". أضاف: "تم الحديث عن آلية لردع هذا الأمر بطريقة مدروسة، من مراقبة الحدود والتنسيق مع الهيئات المسؤولة في سورية والتعميم على مراكز الجيش والاستخبارات والأمن العام، ليصار إلى التنسيق مع القائمقامين والبلديات لتحمّل مسؤولية أي شخص يستضيف أحداً من النازحين غير الشرعيين".
وقال: "في هذه الأثناء، نتحدث عن فرض عقوبات، وهذا الموضوع قيد الدرس، وتم الاتفاق على الاتصال بسورية أيضاً على أعلى مستوى. وبما أن الموضوع أمنيّ، فإن اللواء البيسري يتولى إجراء هذه الاتصالات".
وأوضح شرف الدين لـ"العربي الجديد" أن "النازحين الجُدد هم الذين يدخلون المعابر غير الشرعية، عبر جانين، العريضة، وادي خالد، وسواها"، مضيفاً: "ممنوع إيواء أي نازح جديد يدخل من معابر غير شرعية من قبل السكان المحليين تحت طائلة العقوبات، ولا سيما أن هناك شبكات تهريب على جانبي الحدود تعمل بشكل منتظم".
على صعيدٍ متصّل، التقى وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم في مكتبه وزير المهجرين عصام شرف الدين، وجرى التداول في الأوضاع العامة في البلاد، وأهمية التنبّه لـ "النزوح السوري الجديد، وردعه عبر مراقبة الحدود والتنسيق بين المؤسسات المعنية من أمنية وإدارية لضبط هذا الموضوع لأن لبنان لم يعد قادراً على تحمّل المزيد من النزوح السوري"، كما ذكر بيان المكتب الإعلامي لوزير الدفاع.
وأكد وزير الدفاع اللبناني أن "وحدات الجيش تقوم بجهد كبير لمواجهة هذه الظاهرة، وقد تمكنت في الأسابيع الأخيرة من منع دخول مئات السوريين إلى الأراضي اللبنانية من المعابر غير الشرعية".
وقال مصدرٌ عسكري لبناني لـ "العربي الجديد": "في ظلّ عدم إيجاد حلّ سياسي بعد لأزمة اللجوء السوري، وسط مؤشرات تشي بعدم حصول لقاء قريب على أعلى مستوى بين السلطات اللبنانية والسورية لبحث هذا الملف كما كان منتظراً، فإن العمل يجب أن يصبّ اليوم على مراقبة الحدود وتشديد ذلك لمنع عمليات التهريب، والوقوف بوجه دخول السوريين خلسة إلى الأراضي اللبنانية عبر المعابر وخصوصاً غير الشرعية منها".
وأكد المصدر أن "الجيش يعزز وجوده على الحدود بهدف ضبط عمليات التهريب التي تنشط في ظلّ الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تشهدها البلاد، والتي تستغل الأوضاع في سورية"، مشدداً على أن "الهدف من هذه التدابير هو مكافحة التهريب، ولا مشكلة مع السوريين الذين يدخلون الأراضي اللبنانية بطريقة شرعية وقانونية".
في المقابل، قال رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر، لـ "العربي الجديد"، إن "الدولة اللبنانية تعلم جيداً من هم المهرّبون، ونقاط التهريب، والمسؤولون عن هذه العمليات، التي تشمل البنزين والمازوت والدواء أو الغذاء والسلاح بالاتجاهين، والتي يقف وراءها عصابات وأشخاص ومليشيات معروفون".
ولفت الأسمر إلى أن "غالبية عمليات التهريب لا تحصل إلّا بغطاء أمني لبناني - سوري أو لبناني وفي مقابل رشوة وغير ذلك"، معتبراً أنه "في حال أرادت الدولة اللبنانية وأجهزتها فعلاً مكافحة التهريب، عليها أن تدهم كبار المهربين، وبعضهم نواب في المجلس النيابي، لا أن تلاحق الضحايا والمجتمعات الضعيفة".
وأشار الأسمر إلى أن من يلجؤون إلى المهرّبين هم ضحايا، ويصار إلى استغلالهم أيضاً واللعب على وتر أوضاعهم الصعبة في سورية، وحياتهم المهددة لتلقي أموال طائلة منهم، فالكثير من هؤلاء حياتهم مُهدّدة كما يتعرّضون للتعذيب خلال عملية الهروب. أما من يستقبلهم في لبنان، وخصوصاً بالمناطق الحدودية المذكورة، فهم في غالبية الأحيان يفعلون ذلك بسبب روابط عائلية أو علاقات شخصية تربطهم بهم، وليس دور المواطن اللبناني أن يسأل عن أوراق الشخص الثبوتية أو أن يتحوّل كما في الأنظمة التوتاليتارية إلى "واشٍ أو عنصر مخابرات".
كذلك رأى الأسمر أن "ما يحصل في سورية، ولا سيما في السويداء واللاذقية، قد يدفع بسوريين للجوء إلى لبنان بكل الوسائل المتاحة للحفاظ على حياتهم. ويتوجب على الدولة اللبنانية حالياً أن تضع آلية واضحة تحدّد من هو اللاجئ، وأسباب اللجوء، لتحمي بذلك اللاجئين المعرضة حياتهم للخطر".