لبنان: تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي يؤجج الاصطفافات

24 مارس 2023
في ساحة النجمة بالعاصمة اللبنانية بيروت (جان ميشال كورو/ Getty)
+ الخط -

ما إن أعلنت حكومة تصريف الأعمال في لبنان تأجيل تاريخ بدء العمل بالتوقيت الصيفي استثنائياً هذا العام حتى منتصف ليل 20-21 إبريل/ نيسان 2023 بعدما كان متوقّعاً ليل 25-26 مارس/ آذار الجاري، حتى ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بآراء مؤيّدة ومعارضة وصلت إلى حدّ التحريض الطائفي أحياناً، نظراً إلى تزامن القرار مع شهر رمضان الذي انطلق أوّل من أمس الأربعاء.

وبعيداً عن الجدال القائم على مواقع التواصل الاجتماعي، أثار القرار المفاجئ بلبلة، لا سيّما بين المعنيين بقطاعات ترتبط مباشرة بالتوقيت العالمي وفي أوساط شركات الطيران وبين المسافرين الذين سبق أن حجزوا تذاكرهم بحسب التوقيت الصيفي المعتاد. كما لم يخفِ آخرون ضياعهم وحيرتهم في ما يتعلق بمدى "تأقلم" هواتفهم الذكية وحواسيبهم مع التوقيت الجديد.

وفي هذا الإطار، لفتت معلومات متداولة إلى أنّ وزارة الاتصالات اللبنانية وشركتَي الخليوي (ألفا وتاتش) سوف تعمدان إلى برمجة الأجهزة والهواتف أوتوماتيكياً، وبالتالي لن يكون توقيت الدولة اللبنانية متأخراً ساعة. والتوقيت الصيفي الذي يقضي عادة بتقديم الساعة ساعة واحدة اعتباراً من منتصف ليل السبت-الأحد الأخير من شهر مارس من كلّ عام في لبنان، هو تقليد تعتمده دول صناعية متطوّرة بهدف توفير استهلاك الطاقة والاستفادة من ضوء النهار وزيادة الإنتاجية.

وشرح المدير العام السابق لوزارة الطاقة والمياه في لبنان بسام جابر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أهمية التوقيت الصيفي تكمن بزيادة الإنتاجية وتوفير الطاقة، إذ إنّ الفرد يصحو باكراً مع شروق الشمس ويخلد إلى النوم أبكر من المعتاد بساعة واحدة، فيما يتأخّر مغيب الشمس حتى الساعة السابعة أو الثامنة مساء، فنوفّر بالتالي في الكهرباء والإضاءة ونرفع الإنتاجية".

وعن قرار تأجيل اعتماد هذا التوقيت، يقول جابر إنّ "مسألة تقديم التوقيت تكون مزعجة في البداية، كوننا نضطر إلى الاستيقاظ قبل ساعة من المعتاد. لذلك، يأتي القرار اليوم ليمنح الصائمين راحة أكبر، كونه يمنحهم ساعة نوم إضافية صباحاً، ويتيح لهم الاستراحة بعد السحور، ويفيدهم مساء عند الإفطار. هكذا لا يشعرون بطول النهار على مدى شهر كامل، علماً أنّ ساعات الصيام سوف تبقى ذاتها".

ولم يسلم قرار التأجيل من تغريدات بعض السياسيين على موقع تويتر، فثمّة من رأى أنّه "آخر عجائب المنظومة، وهو يعبّر عن سياسة التسويف والتأجيل لكثير من الاستحقاقات الوطنية"، وقد غرّد آخر داعياً إلى "إلغاء كلّ مبدأ التوقيت الصيفي ‏فلا معنى له بتاتاً".

كذلك استنكر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي "التلهّي بقرارات اعتباطية، عوض أن يبادر المسؤولون إلى تحسين الرواتب وتخفيض الأسعار وتلمّس وجع المواطنين العاجزين عن إعداد مائدة إفطار كريمة، بعدما بات أغلب الشعب يرزح تحت وطأة الذلّ والفقر والتعتير، من دون أيّ أفق وحلول للأزمة المستشرية في البلاد".

وبالتزامن مع الجدال القائم، انتشر تسجيل فيديو يُظهر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وهما يتداولان بمسألة تأجيل التوقيت الصيفي حتى نهاية شهر رمضان، بـ"استخفاف". فانهالت ردود الفعل المستاءة لطريقة "إدارة البلاد". وغرّد أحدهم: "لعيون أبو مصطفى (نبيه بري) وكرامة الأستاذ نعدّل كلّ شيء، علماً أنّ توقيت الدوام الرسمي في رمضان يبدأ الساعة التاسعة صباحاً وليس الثامنة". أمّا آخرون فراحوا ينشرون ما قاله الفنان زياد الرحباني الذي استهزأ قبل أعوام عدّة بمسألة تقديم الساعة وتأخيرها في لبنان، من منطلق "شو في ورانا وشو مؤثّر علينا الوقت؟!".

من جهتها، أشارت المستشارة لدى "المركز اللبناني لحفظ الطاقة" سورينا مرتضى إلى أنّ "بعض الدول، خصوصاً الدول الاسكندينافية، تعتمد التوقيت الصيفي لمساهمته في توفير استهلاك الطاقة وإتاحته الاستفادة من طول النهار، في حين نجد دولاً أخرى لا تعتمده. وفي حالة لبنان، معامل عديدة متوقفة أصلاً من جرّاء الأزمة، فلا إنتاجية للأسف ولا استهلاك للطاقة"، وكشفت أنّ "تأثير التوقيت الصيفي ملموس في الدول الصناعية، إذ تخصّص بعض الدول الأوروبية تعرفة كهرباء أقلّ للصناعيين في حال لجأوا إلى تشغيل معاملهم عندما يكون الطلب على الكهرباء أقلّ، أي في خلال الفترة الصباحية المبكرة".

وفي سياق متصل، أعلنت شركة "طيران الشرق الأوسط - الخطوط الجوية اللبنانية"، في بيان، تعديل مواعيد الرحلات المغادرة من مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت، للفترة الممتدّة من يوم الأحد في 26 مارس الجاري حتى يوم الخميس 20 إبريل المقبل ضمناً، بما يتوافق مع القرار الحكومي الجديد. ونشرت جدولاً يُظهر موعد الإقلاع السابق والموعد المعدّل، مشيرةً إلى أنّ "مواعيد إقلاع الرحلات من المطارات الأجنبية إلى مطار بيروت سوف تبقى على حالها من دون أيّ تعديل، وفقاً للتوقيت المحلي في بلد المغادرة".

المساهمون