عثر فريق غواصة الإنقاذ الهندية على عدد من الجثث المتحللة في عمق البحر، وذلك في خلال عملية البحث عن "زورق الموت" الغارق قبالة شواطئ طرابلس شمالي لبنان منذ 23 إبريل/ نيسان 2022.
وكشف قائد الغواصة سكوت ووترز أنّهم عثروا على عدد من الجثث، منها ما تزال في داخل المركب وأخرى في خارجه، بالإضافة إلى بعض الملابس والعظام. أضاف أنّ الفريق صوّر المركب من جوانبه المتعددة، مشيراً إلى صعوبات كبيرة في انتشال الجثث، إذ إنّها متحللة.
وتوقّف ووترز عند مشهدٍ مبكٍ وثّقته الصور التي التُقطت (من دون أن يُكشَف عنها)، وهو لشخصَين غرقا وتوفيا ممسكَين بعضهما ببعض. ولفت إلى أنّ التعامل كان بحذر كبير ودقّة مع الجثة الأولى التي عُثر عليها، لكن عند محاولة انتشالها تناثرت، فأُخذت منها قطع ملابس فقط.
وعرض قائد القوات البحرية في الجيش اللبناني العميد الركن هيثم ضناوي مع قائد الغواصة الهندية والنائب عن الشمال أشرف ريفي ومدير عمليات الإغاثة توم زريقة في مؤتمر صحافي مشترك، اليوم الجمعة، آخر النتائج التي توصّلوا إليها في مهمّة البحث عن المركب الغارق قبالة مدينة طرابلس والذي كان على متنه أكثر من 80 شخصاً، نجا منهم 45.
وقال ضناوي إنّ طاقم الغواصة عثر أمس الخميس على المركب، وذلك على عمق 459 متراً ومسافة 130 متراً من موقع الغرق الذي حدّدته القوات البحرية، لكنّ صعوبات تعترض انتشاله، كاشفاً عن أدلة جديدة وضعها في يد القضاء اللبناني.
وشدّد ضناوي على أنّ مؤسسة الجيش تتعاطى بشفافية تامة مع القضية وتضع نفسها تحت القانون وبتصرّف القضاء، وهي خاضعة للمساءلة تبعاً للنتائج التي سوف تؤول إليها التحقيقات.
وأوضح ضناوي أنّ الغواصة لم تتمكّن من بدء مهامها يوم الإثنين الماضي نتيجة ارتفاع موج البحر، فكانت مهمّة الغطس الأولى أوّل من أمس الأربعاء، ليُكتشف المركب أمس الخميس ويُحدّد مكانه. أضاف أنّ صوراً التُقطت للمركب من جوانب متعددة، فتبيّن أنّ لا خدوش فيه، كذلك كُشف مصير بعض المفقودين.
من جهته، تحدّث النائب أشرف ريفي عن محاولة إخراج جثة لكنّها كانت متحللة فتناثرت، لذلك فإنّ ثمّة صعوبات كبيرة في انتشال الضحايا. وشدّد على أنّه "سوف نبذل كلّ جهدنا لانتشال ما يمكن انتشاله وتسليمه للأهالي بهدف بلسمة جزء من جراحهم، هم الذين يريدون الحصول على أيّ أثر للجثث حتى يتمكنوا من دفنها وقراءة الفاتحة عليها والصلاة عليها".
أضاف ريفي أنّ المهمة اليوم تأتي في سياقَين، مفصّلاً أنّ الأوّل إنساني لتحديد موقع المركب ومحاولة انتشاله والجثث الغارقة في عمق البحر، والثاني تحقيقي، إذ إنّ الإفادات جُمعت كلها في انتظار الكشف عن المعرف لمعرفة ملابسات ما حصل. وتابع أنّ قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون ملتزم بتحقيق شفاف وجدي وموضوعي من دون أيّ تدخل، وقد طلب من الطاقم تصوير الزورق من كلّ جوانبه لاستكمال التحقيقات.
وقد حاول ريفي في كلامه إزاحة أيّ تهمة عن الجيش، متوقّفاً عند ما سماه "ظاهرة تفاعلية" عند الإنسان عندما يتعرّض للخطر، إذ قد تتراءى له مشاهد فيرويها كأنّها حقيقية لكنّ الواقع يكون مختلفاً.
يُذكر أنّ عدداً من أهالي الضحايا والناجين يتّهم الجيش اللبناني بأنّه أغرق المركب بعد محاولة اعتراضه بالقوة والارتطام به من قبل طرّاديه، في حين يؤكد الجيش أنّ المركب غرق نتيجة حمل زائد.
وتابع ريفي أنّ ثمّة مهمة غطس ثانية غداً السبت، والمطلوب تصوير المركب من كلّ الزوايا سواء صور أو فيديو، لتكون المشاهد أوضح. وسوف يُصار إلى الإعلان بشفافية عن كلّ النتائج، مشيراً إلى صعوبة في انتشال المركب وإلى أنّ الأمور سوف تسير بحسب الإمكانات الفنية المتاحة.
في سياق متصل، يقول المحامي محمد صبلوح، الوكيل القانوني عن عددٍ من أهالي الضحايا، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الغوّاصة تمكّنت في خلال مهمة الغطس الأولى من العثور على جثة بعيدة عن المركب، لكنّ ملابسها فقط انتُشلت، إذ إنّها تناثرت، فالجثث تتحلّل مباشرة عند أيّ احتكاك. وقد أُرسلت قطع من الملابس لإخضاعها لفحوص حمض نووي بهدف معرفة هويتها".
ويوضح صبلوح أنّ "عدد الجثث التي عُثر عليها 11 جثة موزّعة في داخل المركب وخارجه، وقد أظهرت الصور تبعاً لما قاله قائد الغواصة أنّ ثمّة أشخاصاً كانوا يحاولون كسر الباب للخروج قبل وفاتهم، من بينهم الغريقَان اللذَان توفيا معاً وهما ممسكان بأيدي بعضهما البعض".
ويلفت صبلوح إلى أنّه طلب من قيادة الجيش والنائب ريفي "الاستعانة باللجنة الدولية للصليب الأحمر للاستفادة من خبراتها ومعرفة ما إذا كانت ثمّة مواد طبية يمكن استخدامها ووضعها على الجثث للمحافظة عليها عند محاولة انتشالها".
يضيف صبلوح أنّ "المركب، بحسب الصور التي التُقطت له حتى الساعة، يظهر من دون أيّ كسور فيه. لكنّنا طلبنا صوراً إضافية وتصوير المركب بتقنية الفيديو من الأسفل حتى الأعلى، للتأكد أكثر من احتمال وجود آثار ضربات أم لا، خصوصاً أنّ قائد الغواصة تحدّث عن صعوبة في انتشاله. كذلك فمن الممكن أن يتناثر بدوره عند محاولة انتشاله أو يتعرّض لصدمات، من هنا تأتي أهمية الصور وتسجيلات الفيديو كأدلّة ثابتة قبل انتشال المركب".