لا مراكز لعلاج مرضى السرطان في شمال شرق سورية

25 فبراير 2024
إمكانات علاجية محدودة في القامشلي (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

يحتاج مرضى السرطان في مناطق شمال شرق سورية إلى إنشاء مراكز طبية متخصصة تخفف عنهم معاناة السفر لتلقي العلاج في دمشق أو كردستان العراق، خاصة لمن يحتاجون إلى فترات طويلة من المتابعة.

يضطّر مرضى السرطان في مناطق شمال شرق سورية الخاضعة لسيطرة "الإدارة الذاتية" للسفر إلى مدينة دمشق، أو إلى إقليم كردستان العراق، لمتابعة العلاج، الأمر الذي يكلفهم أعباء كبيرة لا قدرة لدى الكثير منهم على تحملها، إضافة إلى معاناة السفر ومخاطر الطريق.
يقيم أحمد إسماعيل في مدينة القامشلي، ويتحدث عن معاناة قريبتيه أمينة وزهراء مع علاج سرطان الثدي، إذ يفترض أن تحصل أمينة على جرعة علاج كل ثلاثة أشهر في دمشق، لكن ليست لدى عائلتها القدرة على تحمل تكاليف السفر بالطائرة، ما يضطرها إلى استقلال الحافلة في رحلة طويلة مرهقة، ثم تتحمل أعباء تأمين السكن والنفقات".
يتابع إسماعيل: "قريبتي زهراء أم لأطفال، وكانت تذهب كل 6 أشهر لتلقي جرعة كيماوية في مشفى بمدينة دمشق، ثم قرر الأطباء أن تكون الجرعة كل ثلاثة أشهر، ثم جرعة شهرية، وهي تعاني شهرياً للذهاب إلى المشفى برفقة زوجها تاركة أولادها في المنزل، والرحلة قد تستغرق 18 ساعة ذهابا ومثلها للعودة إلى القامشلي".
وتقول والدة الطفل محمد طه العبد الله، لـ"العربي الجديد": "ابني مصاب بالسرطان، وكل خمسة عشر يوماً نذهب إلى دمشق لمعالجته لتلقي جرعات الكيماوي، وإجراء التحاليل المكلفة، وبينما وضعه الصحي صعب، فإن الطريق أيضاً صعب. وضعنا المادي سيئ، ونعيش في بيت بالإيجار، والتكلفة كبيرة، وهناك من يساعدنا من أهل الخير بدفع تكاليف السفر، وزوجي يعاني من انزلاق غضروفي، ما يضطرني إلى الذهاب برفقة ابني إلى المشفى".
تضيف: "كل جلسة تصل تكاليفها إلى نحو 900 ألف ليرة بين مصاريف المشفى والتحاليل وغيرها، ولولا مساعدة أهل الخير لكنا غير قادرين على علاج ابني، فكل 15 يوماً يجب أن نسافر إلى دمشق ليعطوه 4 حقن كيماوي، ولا نملك القدرة على السفر لمعالجته في كردستان".

ويروي بهزاد علي بعض تفاصيل معاناتهم في معالجة والده المصاب بالسرطان، لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "عمر والدي 65 سنة، ونسافر كل شهرين من القامشلي إلى دمشق لتلقي العلاج وإجراء الفحوص الطبية اللازمة. عملية التنقل صعبة ومكلفة، وفي بعض الأحيان تصل تذكرة السفر بالطائرة إلى مليون و700 ألف ليرة للشخص الواحد، ونحن مضطرون إلى أن يرافقه أكثر من شخص واحد، ما يجعل تكاليف السفر وحدها تفوق 4 ملايين ليرة، ويضاف إليها كلفة العلاج والإقامة".
يضيف علي: "كلفة الجرعات والفحوص كبيرة، ونشتري بعض الحقن أحياناً بما يقارب عشرة ملايين ليرة سورية، وأحياناً نضطر إلى استئجار سيارة إسعاف من القامشلي إلى دمشق بمبلغ مليونين ونصف مليون ليرة. وجود مراكز متخصصة بعلاج السرطان في المنطقة سيخفف من معاناة المرضى وذويهم".

يحتاج شمال شرقي سورية لمراكز طبية متخصصة (دليل سليمان/فرانس برس)
يحتاج شمال شرق سورية إلى مراكز طبية متخصصة (دليل سليمان/فرانس برس)

وبينما تفتقر مدن المنطقة الشمالية الشرقية من سورية إلى المشافي الخاصة بمعالجة الأورام، فتحت منظمة الهلال الأحمر الكردي، في 19 ديسمبر/كانون الأول، مركزاً لعلاج الأورام في مدينة القامشلي، ليقوم بتقديم الأدوية وإجراء التحاليل المخبرية بشكل مجاني.
يقول المسؤول الطبي حسن عبدي لـ"العربي الجديد": "المنطقة بحاجة إلى عدة مراكز متخصصة في بعض الأمراض، مثل الحروق، والثلاسيميا، والسرطان، فالمرضى لا يمكن أن يظلوا مضطرين إلى السفر للعلاج في دمشق، أو في كردستان العراق، وقد انتهينا من بناء مركز لعلاج الأورام، والمركز سيقدم خدماته بالمجان، وهو يضم عيادتين لمراقبة المرضى، وعيادة لأمراض الدم والأورام، وكل قسم يضم 5 غرف، إضافة إلى غرفتين للمرضى الذين يحتاجون إلى عناية حثيثة تمتد إلى أكثر من 24 ساعة، كما أن هناك مكاناً لعزل المصابين بأمراض معدية، مثل التهاب الكبد الوبائي، وتوجد صيدلية ومختبر".

يضيف عبدي: "سيوفر المركز جرعات العلاج في المستقبل، ولن يكون المريض أو أهله مطالبون بشراء الجرعات، لكننا لا نقدر على تأمين الجرعات حالياً، ونعمل على توفير تكاليف التشغيل أولاً، ولدينا أطباء يراقبون وضع المرضى، ونعمل على افتتاح قسم لعلاج الثلاسيميا، وقسم آخر متخصص في الجروح والحروق، ونسعى إلى تشغيلهما في وقت قريب".
وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير صادر في سبتمبر/أيلول الماضي، أن "مئات المصابين بالأمراض المزمنة، ومن بينهم مرضى السرطان، يعانون من شروط تعجيزية من قبل حكومة إقليم كردستان العراق للسماح لهم بالدخول لتلقي العلاج"، موضحاً أن "مناطق شمال شرق سورية تعاني من قلة الخدمات الطبية وعدم توفر المشافي الخاصة بالأمراض السرطانية وغيرها من الأمراض المزمنة".

المساهمون