استمع إلى الملخص
- العلاقة بين أونروا وإسرائيل متوترة، وتفاقمت مع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023. لازاريني اتهم إسرائيل بمحاولة تفكيك الوكالة، وأشار إلى استئناف دعم الدول المانحة باستثناء الولايات المتحدة.
- توسع الصراع ليشمل لبنان، حيث تجاوز عدد القتلى حرب 2006، مع نزوح مليون شخص. الوضع في لبنان يشبه غزة، والضفة الغربية تشهد "حرباً صامتة" مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية.
حذّر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، اليوم الأربعاء، من أنّ عمليات وكالته في قطاع غزة تقترب من نقطة الانهيار، بسبب تزايد الظروف المعقّدة، ولفت إلى أنّ تفكيك وكالة أونروا صار هدفاً من أهداف الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، فيما وصف الدمار في القطاع المحاصر والمستهدف بأنّه "غير مسبوق".
وفي اليوم الـ376 من الحرب التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة، قال لازاريني في مؤتمر صحافي في العاصمة الألمانية برلين: "لن أخفي حقيقة أنّنا قد نصل إلى نقطة لن نتمكّن بعدها من العمل". وعندما سئل "متى ستكون؟" نقطة الانهيار المحتملة، أجاب: "لا أعرف. لكنّنا قريبون جداً من ذلك".
وأوضح المسؤول الأممي أنّ وكالة أونروا تواجه مجموعة من التهديدات المالية والسياسية لوجودها، مشيراً كذلك إلى صعوبات تتعرّض لها العمليات اليومية في وقت تشتدّ فيه الحاجة إلى المساعدات "لمواجهة خطر المرض والمجاعة". وأكد لازاريني أنّ ثمّة خطراً حقيقياً باحتمال حدوث مجاعة أو سوء تغذية حاد مع اقتراب فصل الشتاء وضعف جهاز المناعة لدى السكان. يُذكر أنّ "أونروا" توفّر خدمات تعليمية وصحية ومساعدات لملايين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة والأردن ولبنان وسورية.
وتُعَدّ العلاقة متوتّرة بين وكالة أونروا وإسرائيل منذ فترة طويلة، لكنّها تدهورت بصورة كبيرة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين 2023، التي خلّفت 42 ألفاً و409 شهداء فلسطينيين إلى جانب 99 ألفاً و153 جريحاً بحسب ما أفادت بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الأربعاء. يُذكر أنّ ثمّة آلاف المفقودين في قطاع غزة، وقد أشارت الوزارة أخيراً إلى أنّ حصيلة الضحايا الذين سقطوا في العدوان الإسرائيلي لا تُعَدّ نهائية، إذ ثمّة آلاف الشهداء تحت أنقاض المباني المهدّمة حتى الآن، الذين لم تُنتشَل بعد جثثهم.
مصير "أونروا" على المحكّ
وقد وجّه المسؤول الأممي اتّهاماً صريحاً إلى إسرائيل، إذ قال إنّ "تفكيك أونروا صار هدفاً من أهداف الحرب (...) ومشرّعين إسرائيليين يعملون على إصدار قوانين لتفكيك الوكالة، ولا سيّما في الأراضي الفلسطينية المحتلة". وأضاف لازاريني: "أجرينا تحقيقاً مع 19 موظفاً بشأن علاقتهم بحركة حماس، وأظهرت النتائج أنّ الأدلة غير كافية وغير موثّقة". وتابع أنّ "200 من موظفينا قُتلوا في قطاع غزة، وتضرّرت بنانا التحتية بصورة كبيرة، وعلى الرغم من لجوء أناس كثر إلى مرافقنا للحصول على الحماية لكنّهم لم ينالوها".
وكان مسؤولون إسرائيليون قد زعموا في يناير/ كانون الثاني الماضي أنّ موظفين في وكالة أونروا تعاونوا مع حركة حماس في قطاع غزة، خلال عملية طوفان الأقصى، الأمر الذي دفع دولاً مانحة إلى تعليق تمويلها الوكالة الأممية. لكنّ "الدول كلها استأنفت مساهماتها المالية لدعم وكالة أونروا (إذ لم تثبت الادّعاءات الإسرائيلية)، باستثناء دولة واحدة"، بحسب لازاريني الذي أشار بذلك إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وإذ شدّد المفوض العام على أنّ "في حال التخلّص من الوكالة (أونروا) فإنّ ذلك سوف يضعف أكثر فأكثر الأدوات المتاحة للنظام العالمي"، وبيّن أنّ "وكالات أممية أخرى استُهدفت مثلنا، من بينها قوة اليونيفيل في لبنان". وفي الأيام الأخيرة، استهدفت القوات الإسرائيلية مقار وعناصر من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) أكثر من مرّة، الأمر الذي أثار انتقادات حادّة لتل أبيب.
"أونروا" تستنكر تطبيق القانون الدولي انتقائياً
ولم يخفِ المفوض العام لوكالة أونروا، في المؤتمر الصحافي نفسه في برلين، أنّ "ثمّة مشاعر متزايدة بأنّ القانون الدولي يُطبَّق بطريقة انتقائية، خصوصاً مع ما يحدث في قطاع غزة". وشرح أنّ "ما بين 60 و70% من البنى التحتية في قطاع غزة دُمّرت"، وأنّ "الوضع في قطاع غزة مروّع لعاملي الإغاثة المحترفين، وحجم الدمار غير مسبوق". كذلك أشار لازاريني إلى أنّ "سكان قطاع غزة بمعظمهم يتجمّعون في منطقة مكتظة لا تتجاوز 10% من مساحة القطاع كاملاً".
وتناول لازاريني "الاشتباكات في شمال قطاع غزة"، لافتاً إلى أنّ "نحو 400 ألف شخص عالقون هناك طُلب منهم الانتقال إلى الجنوب، لكنّهم ما زالوا في الشمال، والوصول إلى هؤلاء صار معقّداً جداً". يُشار إلى أنّ شمالي قطاع غزة، الذي يتألّف من محافظة غزة ومحافظة شمال غزة، سبق أن عُزل كلياً عن جنوبي القطاع ووسطه. ومنذ 12 يوماً، تنفّذ إسرائيل عملية برية دموية في الشمال، في سعيها إلى تهجير من تبقّى من سكانه، قبل أن تحتلّ الشمال كلياً وتفصله عن الجنوب.
وتحدّث لازاريني عن الفلسطينيين في قطاع غزة الذين "يعانون ويكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، ويواجهون الأمراض والأوبئة والجوع (...) الناس يتنقّلون بصورة دائمة وفقاً للعمليات العسكرية، وهذا دليل على ألا مكان آمناً حتى الآن". وكان مسؤولون أمميون قد راحوا يحذّرون، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، من أنّه لا يوجد مكان آمن فيه. وأكمل لازاريني أنّ "إسرائيل لا تسمح لوسائل الإعلام العالمية بالتوجّه إلى قطاع غزة، وبالتالي فإنّ المعلومات الواردة من هناك محدودة (...) وما يصلنا يكون من صحافيين محليين أو وكالات ومنظمات تعمل في القطاع".
من جهة أخرى، قال المفوض العام لوكالة أونروا إنّ الضفة الغربية المحتلة تشهد "حرباً صامتة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أسفرت عن مقتل أكثر من 700 شخص (...) ولولا ما يحدث في قطاع غزة لتصدّرت الضفة العناوين". وبموازاة حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، صعّد جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، الأمر الذي أسفر عن مقتل 756 فلسطينياً وإصابة نحو ستّة آلاف و250 آخرين، واعتقال أكثر من 11 ألفاً و200 شخص، وفقاً لمعطيات فلسطينية رسمية.
"أونروا": عدد القتلى في لبنان أكبر من حرب 2006
ولفت المفوض العام لوكالة أونروا إلى أنّ رقعة الصراع توسّعت، فامتدّت من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى لبنان وعاصمته بيروت، مضيفاً أنّ "اللبنانيين يحبسون أنفاسهم ويتساءلون: هل تتحوّل بيروت ولبنان إلى قطاع غزة جديد؟". وأفاد لازاريني بأنّ بعد نحو ثلاثة أسابيع من العدوان الإسرائيلي على لبنان، "ثمّة 1.2 مليون نازح (...) وعدد القتلى أكبر من حرب 2006". يُذكر أنّ البيانات اللبنانية الرسمية الأخيرة أفادت بأنّ العدوان الإسرائيلي تسبّب في استشهاد ألفَين و367 شخصاً، وإصابة 11 ألفاً و88 آخرين، في حين تخطّى عدد النازحين الذين هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية مليوناً و340 ألف نازح.
وتابع لازاريني أنّ "السكان يرون ألا مكان أمناً في لبنان، إذ من الممكن أن تكون أيّ قرية هدفاً (للقوات الإسرائيلية). وقد فتحنا مركز إيواء أمام النازحين اللبنانيين والسوريين" الذين هُجّروا أخيراً. فمنذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، صعّدت إسرائيل عدوانها على لبنان، ولا سيّما على الجنوب والبقاع (شرق) وضاحية بيروت الجنوبية، وقد خلّفت في ذلك اليوم وحده 492 شهيداً. يُذكر أنّ منذ الثامن من أكتوبر 2023، أي غداة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بدأت التوتّرات على الحدود الجنوبية للبنان المحاذية لشمالي فلسطين المحتلة. وفي 17 و18 سبتمبر الماضي، نفّذ العدو الإسرائيلي عملية ضخمة فجّر خلالها آلاف أجهزة المناداة (بيجر) وأجهزة الاتصال اللاسلكية، ما أدى إلى سقوط شهداء وكذلك أعداد كبيرة من الجرحى الذين يستدعي علاجهم عمليات معقّدة ووقتاً طويلاً للتعافي، إذ تضرّرت خصوصاً العيون والأصابع والأيدي.
(الأناضول، رويترز، العربي الجديد)