يخشى لاجئون فلسطينيون في لبنان على مصيرهم، في حال نفاد تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ويقيم 250 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، معظمهم موزعون على 12 مخيماً أقيمت تباعاً إثر النكبة الفلسطينية في العام 1948.
منذ سماعها نبأ تعليق دول مانحة دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والقلق يعتري فخرية العلي، العاجزة من دون مساعدة المنظمة الأممية عن استكمال رحلة علاجها من سرطان الثدي.
وتقول العلي (50 عاماً) القاطنة في مخيم البداوي للاجئين في شمال لبنان لوكالة فرانس برس: "حياتي كلها مأساة وأنا في أمسّ الحاجة إلى أونروا"، وتضيف: "من دونها أموت، شعب بأكمله يموت، خصوصاً مرضى السرطان".
وأعلنت دول عدّة، بينها جهات مانحة رئيسية مثل الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة والسويد، تعليق تمويلها للوكالة عقب اتهام إسرائيل 12 من موظفي الوكالة الإقليميين البالغ عددهم 30 ألفاً بالتورط في عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وأثار قرار تعليق الدعم انتقادات حادة من الفلسطينيين ومنظمات غير حكومية، في وقت قررت أونروا فسخ عقود 12 من موظفيها، وأعلنت أن أنشطتها مهددة نتيجة ذلك بالتوقف "بحلول نهاية فبراير/ شباط".
والعلي هي واحدة من 600 لاجئ فلسطيني في لبنان مصابين بالسرطان، من إجمالي خمسين ألف مريض، تتكفل وكالة أونروا بعلاجهم.
وتقول مديرة الوكالة في لبنان دوروثي كلاوس لـ"فرانس برس": "من دون أونروا، لن يكونوا ربما قادرين على تحمّل تكاليف العلاج الباهظة".
وتنبّه كلاوس إلى أنّه "ما لم يتم التراجع عن القرار قبل نفاد التمويل لدى الوكالة في نهاية مارس/ آذار، فستكون لذلك عواقب وخيمة على عمليات أونروا وعلى جميع هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على خدماتنا".
ويستفيد نحو 80% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من خدمات الوكالة، وفق كلاوس التي توضح أنّ "العدد يتزايد مع تفاقم الأزمة الاقتصادية" التي تعصف بلبنان منذ أكثر من أربع سنوات.
ويمكن لنحو 5,9 ملايين فلسطيني مسجّلين لدى الوكالة حول العالم الاستفادة من خدماتها التي تشمل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والبنى التحتية للمخيّمات والتمويلات الصغيرة والمساعدات الطارئة، بما في ذلك خلال الفترات التي تشهد نزاعاً مسلّحاً.
"إعدام"
على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق في لبنان، بات 80% من اللاجئين الفلسطينيين تحت خط الفقر ويعيشون في ظل ظروف إنسانية صعبة مع افتقار المخيمات لأبسط مقومات الحياة والخدمات الأساسية.
وتزداد المعاناة لدى اللاجئين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى لبنان بعد فرارهم من الحرب في سورية منذ العام 2011 والمقدّر عددهم بنحو 23 ألفاً.
وتصف نجاح الظاهر التي لجأت الى لبنان عام 2019، قرار وقف التمويل بأنه "إعدام للشعب الفلسطيني"، مضيفة: "كما يقتلون (الإسرائيليون) الشعب في غزة، يقتلوننا اليوم ببطء".
وتبدي الظاهر قلقها على مستقبل أولادها الذين يكافح والدهم من أجل توفير لقمة عيشهم. وتسأل "هل يبقى أولادنا من دون تعليم؟".
وتضيف: "يمكن لابني أن يصبح جاهلاً، أمياً. ما هو مستقبله، أن يجمع القمامة؟" معربة عن اعتقادها أن ما يجري هدفه "مسح الوجود الفلسطيني".
ويتلقى نحو 40 ألف طالب فلسطيني التعليم المجاني عبر 62 مدرسة تابعة لأونروا وموزعة في مناطق عدة. وتقدم أونروا مساعدة شهرية بقيمة نحو 300 دولار لعائلة نجاح. وتتلقى شقيقتها ماجدة التي لا يبدو وضعها أحسن حالاً المساعدة ذاتها.
وتعيش ماجدة مع طفليها وزوجها المثقل بالديون في غرفة داخل مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين قرب بيروت مقابل بدل إيجار بقيمة ستين دولار شهرياً.
وتقول لـ"فرانس برس": "زوجي عاطل عن العمل، ومن خلال مساعدة الأونروا، أدفع إيجار البيت واشتراك المولّد الكهربائي. لدي طفلان، هل أتركهما من دون مدرسة؟".
"تضييق"
بخلاف حال الفلسطينيين في سورية حيث يتمتّعون بحقّ العمل، وفي الأردن حيث يحظون بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها المواطنون، يمنع لبنان اللاجئين الفلسطينيين من العمل في 39 مهنة. كما يُمنع عليهم التملّك، خشية من أن يشكل ذلك مقدّمة لتوطينهم ويحول دون حقّ عودتهم إلى أراضيهم.
ومع الأزمة الاقتصادية، بات الأفق مسدوداً لكثر منهم.
ويقول هيثم الجشي إن "مستلزمات الحياة صعبة للغاية. وفي ظل الظروف القائمة، باتت فرص العمل محدودة جداً". ويتابع: "إنها محاولة تضييق على الفلسطينيين".
ويبدو المشهد قاتماً بالنسبة إلى يوسف دهوك (40 عاماً) الأب لأربعة أطفال. ويوضح "كأن الحياة انتهت، فإذا كانت الأساسيات غير متوفرة، فماذا يتبقى لنا"؟ ويتابع: "إذا أرادوا وقف المساعدات، فليعيدوا حينها أرضنا لنا".
(فرانس برس)