الكثير من الدلائل تشير إلى أن العالم قد يكون مقبلا على حرب عالمية ثالثة، تنخرط فيها مجموعة كبيرة من الدول، وقد تكون الحرب الروسية -الأوكرانية وتداعياتها إحدى هذه المؤشرات، ناهيك عن ملفات المناخ، والاضطرابات المعيشية العابرة للحدود التي تغذي إمكانية زيادة نسبة التوتر بين الدول.
هذه العوامل تجعل الكثير من الناس يسألون عن الأساليب التي يمكن استخدامها لمواجهة هذا السيناريو الأسود. فكيف يمكن أن تستعد البشرية لحرب عالمية ثالثة؟
طرحت مجلة "نيوزويك" الأميركية هذا التساؤل على المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع The Prepared، جون رامي، المتخصص بكيفية مواجهة الأزمات والتحضير لها، واعتبر أن الاستعداد لأي سيناريو قد يكون الأداة لمواجهة تأثيرات الحرب، ومن الناحية النظرية، فإن فرص الاستعداد، سواء النفسية أو الجسدية، قد تكون مهمة جداً لمواجهة سيناريو الحرب، ولكن من الناحية العملية، قد تكون هناك عدة أدوات يمكن استخدامها في هذا الإطار.
مواجهة نقص الغذاء
قد تكون مشكلة النظام الغذائي الصناعي الزراعي أول التهديدات التي تطاول البشرية في حال اندلاع حرب، لأن آليات الإنتاج ستوقف بشكل كبير، بحسب جون رامي.
في الحرب الأخيرة شرقي أوروبا، تعطلت آليات شحن الحبوب من الموانئ الأوكرانية والروسية، فارتفعت الأسعار، وأظهر مؤشر منظمة الأغذية والزراعة ارتفاع أسعار الغذاء إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2011، ونقلت صحيفة تايمز في بداية العام، عن العديد من الخبراء، أن ارتفاع أسعار الغذاء يضعف مستوى الدخل في البلدان الفقيرة، لا سيما في بعض الأجزاء من أميركا اللاتينية وأفريقيا، إذ ينفقون ما يصل إلى 50% أو 60% من دخلهم على الطعام.
أفضل الطرق لمواجهة نقص الغذاء، التسلح بالزراعة الذاتية سواء على مستوى الدول أو الأفراد
وبالتالي، فإن توسع رقعة الحرب لتصبح عالمية ستنعكس على الأمن الغذائي، ولذا، فإن أفضل الطرق لمواجهة هذا السيناريو هي التسلح بالزراعة الذاتية، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بمعنى أن تبدأ الدول والأفراد باتباع استراتيجية زراعية مستقلة لتأمين أمنهم الغذائي، وهو ما تثني عليه مؤسسة موقع Survivorjane.com، جين برايت، إذ ترى أن استغلال أي مساحة خارجية لزراعة الخضراوات والأعشاب سيساعد في مواجهة الأزمة المقبلة.
تحدي نقص الماء
يعد الحصول على الماء واحدة من أهم الأدوات التي يمكن للأفراد التسلح بها لمواجهة الحرب، لأن الماء سيمكنهم من البقاء على قيد الحياة. في المرحلة الراهنة، يفتقر 780 مليون شخص إلى الوصول إلى مياه الشرب الأساسية، أي أكثر من شخص من بين كل 10 أشخاص على هذا الكوكب يواجهون مشكلة تتعلق بالأمن المائي.
ووفق تقرير لمنظمة World Vision الخاصة بالأعمال الإنسانية، تقضي النساء والفتيات ما يقدر بنحو 200 مليون ساعة في نقل المياه كل يوم، وتضطر النساء بالمتوسط في المناطق الريفية، خاصة في أفريقيا، لأن تسير 6 كيلومترات يومياً لنقل المياه، حتى إن 90 في المائة من جميع الكوارث الطبيعية مرتبطة بالمياه.
90 في المائة من جميع الكوارث الطبيعية مرتبطة بالمياه
هذه الأرقام والحقائق تشير إلى أن سيناريو اندلاع حرب عالمية ثالثة سيؤثر بطبيعة الحال على إمدادات مياه الشرب النظيفة، كما أن تأمين المياه سيصبح مشكلة بالنسبة إلى الدول الفقيرة، ولذا قد تكون مواجهة تأثيرات المناخ والاهتمام بالبحيرات ومجاري الأنهار من الأساليب التي يمكن من خلالها مواجهة تأثيرات الحرب العالمية.
مهارات البقاء
صحيح أن الناس يحتاجون إلى المأكل والمشرب والمأوى لحماية أنفسهم من تأثيرات الحروب، لكن أيضاً يلعب التوجيه النفسي وإتقان مهارات البقاء دوراً أساسياً أيضاً في مواجهة تأثيرات الحرب.
بحسب رامي، فإن الهدف الأساسي للجميع هو كيف يمكنهم البقاء والحفاظ على أنفسهم، من دون سابق إنذار، ويعطي مثالاً على ذلك بحالة تعرف باسم "الانتقال إلى وضع السلاحف" وحبس الشخص نفسه في منزل مدة أسبوعين، من دون مرافق، ولا توصيلات ، وما إلى ذلك، فإن تمكن من ممارسة "تقنية السلاحف" مدة أسبوعين، فسيكون قادرًا على مواجهة الاضطرابات المحتملة.
وبحسب منظمة Suffolk Family Carers Ltd، وهي منظمة خيرية مقرها في المملكة المتحدة، فإن "تقنية السلاحف" تعرف بأنها أداة بصرية لمساعدة الأطفال على التحكم في عواطفهم. يستخدم تشبيه السلحفاة التي تنسحب إلى قوقعتها عند الشعور بالخطر أو التهديد، وتساعد هذه التقنية في تعليم الأطفال كيف يمكنهم البدء في التنظيم الذاتي لعواطفهم وسلوكياتهم وإدارة المشكلات اليومية الشائعة.
وضع خطة مسبقة
لمواجهة أي سيناريو يتعلق بالحروب والنزاعات، قد يكون من المهم، بحسب خبراء علم النفس، التحضير الجيد وفق خطة محكمة، والتي تبدأ أولاً، بتأمين الأدوية وبعض الأطعمة في المنزل، ومن ثم تخصيص جزء من الميزانية لتجهيز المنازل لمقاومة الحرب، ومن ثم وضع خطة طوارئ توضح كيفية الهروب وتحديد مكان آمن، ومن ثم التحضير لبناء شبكة أمان للبقاء على قيد الحياة.