يحدث انقطاع الطمث عند النساء بشكل طبيعي خلال أحد مراحل التقدم بالعمر، ويكون عادة ما بين عمر 45 إلى 55 سنة، ووفق التعريفات الطبية، لأنه يتم بشكل بيولوجي عندما يتوقف مبيض المرأة عن إنتاج الهرمونات، وبالتالي تتوقف الدورة الشهرية.
يعرّف أخصائي الأمراض النسائية، سليم أبي صالح، انقطاع الطمث بأنه مرحلة من التغيرات التي تطرأ على عمل الجهاز التناسلي للمرأة. ويقول لـ"العربي الجديد": عادة ما يظهر مفهوم انقطاع الطمث بعد انقطاع الدورة الشهرية لمدة تصل إلى 12 شهراً متصلة، قبل هذه الفترة تكون الدورة الشهرية متقطعة، وبالتالي تشعر المرأة بتغييرات فيزيولوجية، فتشعر بعض السيدات بارتفاع مستمر في درجات حرارة أجسامهن، وبعضهن يشعرن بالهبات الساخنة، والتقلبات المزاجية الحادة. خلال انقطاع الطمث، تضعف قدرة الجسم على إنتاج الأستروجين والبروجسترون، وهما هرمونان ينتجهما المبيضان".
يضيف أبي صالح: "لا يوجد سن محدد لانقطاع الطمث، كما أن هناك عوامل عديدة تتدخل في ذلك، من ضمنها النظام الغذائي، والوضع الصحي، والتدخين، وغيرها من العوامل التي تؤثر على صحة النساء، وعادة ما تختلف عوارض انقطاع الطمث من امراة إلى أخرى، فالبعض يواجهن تقلبات مزاجية حادة، فيما أخريات يتعرضن للأرق، أو زيادة الوزن، وتباطؤ التمثيل الغذائي".
يتابع: "يؤثر انقطاع الطمث على كل امرأة بطرق مختلفة، إذ يبدأ الجسم في استخدام الطاقة بشكل جديد، وتتغير الخلايا الدهنية، وقد تكتسب النساء الوزن بسهولة أكبر، وتواجه بعضهن تغييرات في صحة العظام أو القلب، وهو ما يتطلب وعياً من قبل المجتمع الطبي للتعامل مع هذه العوارض، وتسهيل هذه الفترة على السيدات".
وحسب المعهد الوطني للشيخوخة في الولايات المتحدة، فإن مرحلة ما بعد انقطاع الطمث لا تعني التوقف عن النشاطات اليومية المعتادة، إذ تختلف التأثيرات من سيدة إلى أخرى، لكن بشكل عام، هناك عوامل مشتركة بين جميع النساء، ومن بينها الهبات الساخنة، والتي يمكن أن تستمر لسنوات بعد انقطاع الطمث، وهي مرتبطة بتغيير مستويات هرمون الأستروجين، وتحدث بشكل مفاجئ، ويمكن أن يتبعها التعرق الشديد أو رعشة باردة، وبعض الهبات الساخنة تكون خفيفة، وبعضها قوية، وتستغرق ما بين 30 ثانية و10 دقائق، ويمكن أن تحدث عدة مرات في الساعة، أو عدة مرات في اليوم، أو في الأسبوع.
ومن بين الأعراض الشائعة فقدان السيطرة على المثانة الذي يسمى "سلس البول"، والذي يجعل لدى السيدة رغبة مفاجئة في التبول، أو قد يتسرب البول أثناء التمرين أو العطس أو الضحك، كما تبدأ بعض النساء في مواجهة صعوبات في النوم، فالبعض لا يمكنهن النوم بسهولة، أو لا يمكنهن الاستيقاظ مبكراً، فيما تعاني أخريات من الأرق، أو صعوبة في التنفس ليلاً.
بعد انقطاع الطمث يصبح المهبل أكثر جفافاً، مما يجعل الجماع غير مريح، وقد تشعر بعض النساء ببرودة تجاه العملية الجنسية. لكن رغم ذلك، هناك دراسات أجريت على العديد من النساء، تبين أن رغبتهن الجنسية لم تضعف بعد انقطاع الطمث، بل كن أكثر حرية و سعادة، إذ لم تعد تسيطر عليهن المخاوف من الحمل.
وقد تشعر السيدات بحالة مزاجية أو انفعالية في وقت قريب من انقطاع الطمث، ولا يعرف العلماء سبب حدوث ذلك. لكن من المحتمل أن يكون الإجهاد، أو التغيرات العائلية مثل نمو الأطفال، أو شيخوخة الآباء، أو وجود تاريخ من الاكتئاب هي سبب تلك التغيرات المزاجية.
المعتاد مع التقدم بالعمر أن تضعف مستويات هرمون الأستروجين، وبالتالي فإن التأقلم مع هذه المرحلة الجديدة يفرض نفسه على النساء، ولا يعني ذلك الاستسلام. تقول الرئيسة السابقة للجمعية البريطانية لانقطاع الطمث، الطبيبة هيذر كوري، لشبكة "بي بي سي": "هناك العديد من وسائل تقديم الدعم لمساعدة النساء على التعامل مع التغيرات الجسدية والعاطفية الناجمة عن انقطاع الطمث، ويعتبر العلاج بالهرمونات البديلة هو الأكثر فعالية".
وحسب هيئة الخدمات الصحية البريطانية، فإن العلاج بالهرمونات البديلة يعد من ضمن العلاجات الآمنة والفعالة لمعظم النساء اللاتي يعانين من انقطاع الطمث، وما قبل انقطاع الطمث، ويتضمن العلاج استخدام الأستروجين لتعويض مستوياته في الجسم، وهناك أنواع وجرعات مختلفة من العلاج التعويضي بالهرمونات، وعادة ما يؤدي استخدام الجرعة والنوع المناسبين إلى تحسن الأعراض.
ويستخدم الأستروجين على هيئة جل يوضع على الجلد، أو من خلال الحقن. ووفق هيئة الخدمات الصحية البريطانية، فإن الفائدة الرئيسية من العلاج بالهرمونات أنه يمكن أن يساعد في تخفيف معظم أعراض انقطاع الطمث، بما في ذلك الهبات الساخنة، وضباب الدماغ، وآلام المفاصل، وتقلبات المزاج، وجفاف المهبل، كما يمكن أن يقلل أيضاً من خطر الإصابة بالمشاكل الصحية المرتبطة بالهرمونات، بما في ذلك هشاشة العظام، وأمراض القلب.