يربط أطباء بالصحة العامة في بريطانيا، بين ظهور أمراض تتعلّق بالنظام الغذائي لدى الأطفال والمراهقين، وبين أزمة فيروس كورونا. إذ أفاد الأطباء بأنّ أقسام طوارئ المستشفيات، قد عجّت بأعداد كبيرة من الأطفال والمراهقين، الذين هم بحاجة للعناية من أجل إعادة الاستقرار البدني إليهم كما التغذية الصحية.
وبحسب تقرير صادر عن صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية، فإنه غالباً ما يشير المعلّمون وموظّفو المدارس إلى مخاوف بشأن فقدان الوزن أو عادات الأكل السيئة لدى الشباب، خاصة بعدما تسبّب الفيروس بإغلاق المدارس والفصول الجامعية والانتقال إلى الدروس عبر الإنترنت.
تتميّز اضطرابات الأكل، إمّا بالإفراط في تناول الطعام أو التقليل منه، الهوس بالوزن أو شكل الجسم، أو الإفراط في ممارسة الرياضة، أو اتباع نظام غذائي صارم و/ أو التقيؤ المتعمد بعد الأكل.
وحذّرت كارين ستريت، المسؤولة عن الصحة العقلية للأطفال في RCPCH "الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل"، الآباء والأمهات من أنّ العديد من الأطفال "لا يتأقلمون"، هذا العام، مع العادات الصحية بسبب الإغلاق.
يأتي التحذير هذا، في الوقت الذي أظهرت فيه أرقام حصلت عليها وكالة الأنباء "برس أسوسييشن"، أنّ دخول الأطفال الذين يعانون من اضطرابات الأكل إلى المستشفيات، قد ارتفع بشكل كبير في غضون عامين، وبنسبة الثلث تقريباً بين جميع الفئات العمرية.
إذ أظهرت بيانات NHS England "خدمات الصحة الوطنية"، أنّ هناك 21794 حالة استشفاء بسبب اضطرابات الأكل بين جميع الفئات العمرية في العامين 2019- 2020، بزيادة 13% عن العام 2018-2019 و32% عن 2017-2018.
كما أظهرت البيانات أنّ هناك ارتفاعا بنسبة 9 في المائة في عدد حالات دخول المستشفيات، لدى الأطفال ما دون 18 عاماً، بسبب اضطرابات الأكل.
ودعت الكلية الملكية للأطباء النفسيين، حكومة بوريس جونسون، ومركز خدمات الصحة الوطنية لمعالجة ما وصفته بأنه أزمة في الصحة العقلية للأطفال.
ويقول توم كوين، مدير الشؤون الخارجية في جمعية Beat الخيرية لاضطرابات الأكل، "إنّ ارتفاع حالات الدخول إلى المستشفيات على أساس سنوي، لا يعني بالضرورة أنّ المزيد من الأشخاص يعانون بشكل عام، ومع ذلك فإنّ الارتفاع المستمر على أساس سنوي لا يزال مقلقاً لأنه يشير إلى أنّ المرضى لا يتلقون العلاج المجتمعي بالسرعة الكافية".
وبحسب كوين، فإنّ الحكومة خصّصت المزيد من الأموال لخدمات تناول الطعام المضطرب، لكن من الواضح أنّ الوصول إلى الخطوط الأمامية غير كافٍ. ويتابع: "نعلم أيضاً أنّ الحاجة إلى الخدمات ستزداد على الأرجح بسبب الوباء، الذي تسبّب في قدر هائل من الكرب والقلق للأشخاص المتأثرين باضطرابات الأكل، وشهد الطلب على خدماتنا تضاعفاً عن العام الماضي".
من جهتها، ترى كلير مردوخ، مديرة الصحة العقلية في مركز الخدمات الصحية البريطانية، أنّ "الوباء قلب الحياة رأساً على عقب، وأصاب الشباب بشكل خاص. إنّ عدداً قياسياً من الشباب يتلقى الرعاية بسبب الاضطرابات بالأكل، ومن المؤسف أنّ هذه الحقيقة قد تكون من تأثير الوباء المحتمل على الشباب، الذين سيحتاجون إلى البحث عن دعم للصحة العقلية. لهذا السبب يوسّع مركز الخدمة الصحية، نطاق الرعاية كل عام، ويواصل تقديم التوعية، ورعاية المرضى عند الحاجة، مع توفير خيار الاتصال الهاتفي والاستشارة عبر الفيديو، والدعم عبر الإنترنت عند الحاجة".
وتقول مردوخ: "إنّ الشباب الذين يعانون من اضطراب الأكل سيستفيدون بشكل كبير من الوصول السريع المعلن عنه، والذي سيوفر التدخل المبكر والعلاج والدعم".
من جهتها، وصفت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية في تقرير لها، نُشر منتصف الشهر الحالي، الوضع الخاص باضطرابات الأكل، بأنه الأسوأ منذ عقود، حيث وصل عدد الشباب الذين يسعون للحصول على دعم طارئ في المجتمع لفقدان الشهية والشره المرضي، إلى أعلى مستوياته على الإطلاق. ويقول ممارسو الصحة العقلية، "إنّ اضطرابات الأكل تزدهر في العزلة التي يسبّبها فيروس كورونا، رغم ذلك، تمّ تخفيض العلاج المتاح بشكل أكبر، حيث إنّ معظم الخدمات اليومية إمّا مغلقة أو تعمل بأعداد مخفّضة بشكل كبير".
أظهرت بيانات مركز الخدمات الصحية، أنّ عدد الإحالات العاجلة للأطفال والشباب الذين يبدأون العلاج في المجتمع، قد وصل في الربع الأخير من العام إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، 625 شخصاً مقارنة بـ328 في بداية العام.
في جنوب إنكلترا - بما في ذلك أوكسفوردشاير وباكينجهامشير وويلتشير وبيركشاير - ارتفع عدد الإحالات إلى رعاية المرضى الداخليين، لدى جميع الأعمار، بنسبة 20% منذ انتشار الوباء. كما أنّ قرابة 70% من الإحالات كانت عاجلة أو طارئة، فـ20% من الحالات بينها أظهرت انخفاضاً في مؤشر كتلة الجسم إلى ما دون 13، وهو مؤشّر على سوء التغذية الذي قد يهدّد الحياة. بينما كان 40% منهم يعانون من سوء التغذية الشديد، الذي يتطلب علاجاً عاجلاً.