كورونا يقلّص حوادث السير في روسيا

11 نوفمبر 2020
حادث سير في موسكو (سيرغي كاربوخين/ Getty)
+ الخط -

رغم التداعيات السلبية لتفشي جائحة كورونا على الاقتصاد والصحة العامة في روسيا، إلا أنه كان لهذا الوباء بعض الآثار الإيجابية، من بينها التراجع اللافت في معدّل الوفيات في حوادث الطرقات، في ظل بقاء عدد كبير من السكان في منازلهم بعد اعتماد نظام التعليم والعمل عن بعد، وتراجع حركة السفر بين المدن والأقاليم. 
وتكشف شركة "أفتودور" الحكومية الروسية، المعنية بإدارة الطرقات السريعة، أن الحوادث على الطرقات تراجعت خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي بنسبة 20 في المائة، كما انخفض عدد الإصابات بنسبة 22 في المائة، بالإضافة إلى انخفاض عدد الحوادث التي أسفرت عن وقوع وفيات بنسبة 19.4 في المائة. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وبحسب الإحصائيات، فإن الأسباب الرئيسية للحوادث تعود إلى مخالفة قواعد السير مثل الوقوف في الأماكن غير المخصصة لذلك (الطرقات السريعة)، وعبور المشاة الطرقات ليلاً بلا سترات عاكسة للضوء، وركوب سيارات فيها أعطال فنية، وغيرها.  
وفي الوقت الذي أشارت فيه "أفتودور" إلى تحسن الوضع والارتقاء بمستوى أمان حركة المرور، بما في ذلك الفصل بين الاتجاهين المعاكسين، وبناء جسور عبور للمشاة، يرى رئيس تحرير مجلة "دفيجوك" الإلكترونية المتخصصة في السيارات، إيليا أوغورودنيكوف، أن تراجع عدد الحوادث في روسيا يعود بالدرجة الأولى إلى تفشي جائحة كورونا، وإجراءات العزل الصارمة التي فرضتها البلاد منذ الربيع الماضي. 
ويقول أوغورودنيكوف لـ "العربي الجديد": "يعود تراجع عدد الحوادث بنسبة 20 في المائة دفعة واحدة إلى إجراءات الحجر الصحي التي استمرت بضعة أشهر وأسفرت عن تراجع كبير في حركة المرور في المدن الكبرى والطرقات السريعة، إذ ظلت السيارات، في الواقع، متوقفة".  
على الرغم من ذلك، تظهر الأرقام الصادرة عن وزارة النقل الروسية أن أعداد الوفيات في حوادث السير بدأت تتراجع قبل تفشي كورونا بوقت طويل. وأعلن وزير النقل الروسي، يفغيني ديتريخ، في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن عدد الوفيات في حوادث السير تراجع بمقدار الضعفين خلال السنوات العشر الماضية بشكل عام، ومقدار الثلث في أعوام 2012 - 2018، ما ساعد في إنقاذ أرواح 10 آلاف شخص.
ويقر أوغورودنيكوف أن حال الطرقات في روسيا شهد تحسناً كبيراً خلال السنوات العشر الماضية، قائلاً: "تم افتتاح عدد من الطرقات السريعة مثل الطريق الرابط بين موسكو وسانت بطرسبرغ، وصار معدل الوفيات يتراجع تدريجياً". 
وحول التحديات المتعلقة بمواصلة تحسين الوضع، يضيف: "يجب الاستمرار في تطوير البنى التحتية وإنارة الطرقات، وإبعاد الطرقات السريعة عن المناطق السكنية كما في أوروبا، وتوعية السائقين". 
وفي ظلّ سعي السلطات الروسية للحدّ من حوادث الطرقات، أُثيرت في الآونة الأخيرة نقاشات ساخنة حول تشديد المسؤولية في تجاوز السرعة المسموح بها، والإعفاء من الغرامة، ليصبح الحدّ الأقصى لتجاوز السرعة المسموح بها، الذي يمكن النظر في إعفائه، 10 كيلومترات في الساعة بدلاً من 20 كيلومتراً. والمقصود بذلك أنه لما كانت السرعة القصوى المسموح بها داخل المدن في روسيا تبلغ 60 كيلومترا في الساعة، يمكن للسائقين حالياً السير بسرعة تصل إلى 80 كيلومترا في الساعة من دون التعرض لأي غرامة مالية. ولكن في حال تمرير التعديل، سيصبح الحد الأقصى للسرعة داخل المدن 70 كيلومترا في الساعة، حتى مع الزيادة التي يمكن النظر في إعفاء مرتكبيها.
إلا أن أوغورودنيكوف يقلّل من تشديد الإجراءات في الحد من حوادث الطرقات، قائلاً: "تكشف التجارب السابقة أن سياسة العصا لا تؤدي بالضرورة إلى النتائج المرجوة. على سبيل المثال، لم يمنع استحداث المسؤولية الجنائية عن القيادة المتكررة في حالة السكر بعض السائقين من استقلال سياراتهم بعد شرب الكحول. يجب التركيز على حملات التوعية وليس تشديد العقوبات".  
وإذْ تشهد روسيا تراجع نسبة حوادث الطرقات التي تكون السيارات الخاصة طرفاً فيها، تواجه في المقابل زيادة في عدد الحوادث التي تكون سيارات الأجرة طرفاً فيها. وبحسب أرقام شرطة المرور، فإنّ 26 شخصاً لقوا مصرعهم في حوادث كانت سيارات الأجرة طرفاً فيها في موسكو وحدها خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، في مقابل أقل من 20 شخص في العام الماضي. أمر دفع مديرية النقل في العاصمة إلى الحديث عن ضرورة استحداث آلية قانونية لمساءلة تطبيقات طلب سيارات الأجرة عن تجاوز السائقين الحد الأقصى من الساعات المسموح العمل بها يومياً. 
وتعليقاً على الأمر، يقول أوغورودنيكوف: "تستعين تطبيقات استدعاء سيارات الأجرة بأعداد هائلة من السائقين، ويمكن لأي شخص يملك سيارة خاصة أن يحولها إلى سيارة أجرة بسهولة. وفي أحيان كثيرة، يأتي السائقون من الدول الأجنبية والأقاليم الروسية إلى المدن الكبرى، ويعجزون عن التكيف مع حركة المرور الكثيفة، وبعضهم شباب وطلاب يفقدون الخبرة في القيادة".  

وعلى الرغم من التراجع التدريجي في عدد حوادث السير في روسيا خلال السنوات الماضية، إلا أن الأرقام الحديثة ما زالت مخيفة. ولقي نحو 17 ألف شخص مصرعهم وأصيب أكثر من 200 ألف آخرين في حوادث الطرقات في روسيا في عام 2019، بحسب إحصائيات شرطة المرور الروسية.

المساهمون