قررت السلطات العراقية عدم فرض حظر تجول شامل خلال أيام عيد الأضحى، رغم الموجة الثالثة من جائحة كورونا، لتواصل المتاجر والأسواق والمطاعم والحدائق ومدن ألعاب الأطفال في العاصمة بغداد وبقية المدن العراقية عملها بشكل طبيعي.
وحرم العراقيون من الاحتفال بعيد الأضحى بسبب زيادة تفشي كورونا الذي تزامن مع المخاوف الأمنية التي تزايدت بعد التفجير الإرهابي الذي تبناه تنظيم "داعش" في سوق شعبية بمدينة الصدر، وراح ضحيته 30 قتيلاً، معظمهم من النساء والأطفال.
ومن عادات العراقيين في عيد الأضحى التوجه صباحا إلى المساجد لأداء صلاة العيد، وتبادل التهاني والتبريكات، في حين تُعدّ النساء وجبة الفطور الصباحية التي تحتوي على القيمر مع الكاهي، وهي وجبة تُعَدّ من القشطة مع الرقائق المغمسة بالقطر، وتعتبر من المأكولات الأوسع انتشاراً في بيوت العراقيين بمناسبة الأعياد، بينما وجد كثير منهم هذا العام صعوبة في شرائها من جراء ارتفاع أسعارها بسبب انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، وتراجع القوة الشرائية لدى شرائح كثيرة، من بينها شريحة الموظفين في دوائر الدولة.
وتأخذ الزيارات العائلية حيزاً كبيراً في أيام العيد، نظراً لأهميتها ودورها في الترابط الاجتماعي وصلة الرحم، إلا أن تأكيدات محلية تشير إلى تراجع هذا الطقس خلال هذا العام.
وتؤكد وزارة الصحة أن الأيام الأربعة المقبلة لن تشهد أي إغلاق، سواء للمطاعم أو المقاهي أو دور السينما والمتنزهات وقاعات المناسبات، والمسابح والقاعات الرياضية وغيرها، شرط أن يلتزم العراقيون بشروط الوقاية من فيروس كورونا.
وتصدر العراق قائمة البلدان العربية من حيث تسجيل الإصابات والوفيات، كما أن المخاطر الأمنية والتهديدات التي تستهدف أماكن التجمع، والعاصمة بغداد تحديداً، تعد من بين أبرز الأسباب التي تمنع العراقيين من الخروج خلال أيام العيد.
ويقول علي طالب (32 سنة)، من حي الكرادة، إن "التفجير الأخير الذي استهدف المدنيين في مدينة الصدر تسبب في إلغاء كثير من النشاطات التي خططت لها الأسر البغدادية، وتحديداً المرتبطة بالتبضع، ومنذ لحظة الانفجار شهدت الأسواق تراجعاً ملحوظاً"، مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العراقيين باتوا يخشون اقتراب موعد الانتخابات، لأنه قبل كل انتخابات تحصل أعمال عنف وتفجيرات تستهدف البسطاء، بالتالي فإن تفجير مدينة الصدر كان بمثابة إنذار للأهالي كي يقللوا من تحركاتهم في أيام عيد الأضحى".
وتقول أم حسين، من حي اليرموك الراقي بجانب الكرخ من بغداد، إنها "تفضل احتفال الأسر العراقية في منازلها، والطبخ واستقبال الضيوف بدلا من الخروج إلى المطاعم أو المتاجر أو الحدائق، لأن الوضع الأمني متوتر، رغم أن الأشهر الماضية كانت هادئة، لكن يبدو أن الإرهاب استعاد نشاطه، ويريد منع العراقيين من التمتع بحياتهم الطبيعية".
وأضافت متحدثة لـ"العربي الجديد"، أن "فيروس كورونا هو الآخر من الأسباب المهمة التي تجعل الأسر العراقية أكثر حذراً في التنقل في الأماكن التجارية والترفيهية، لا سيما بعد تكرار أنباء عن إصابة أطفال بالفيروس، وهو ما سيؤدي إلى بقاء المواطنين في منازلهم".
وأشار الناشط الحقوقي حيان عمر إلى أن "إرهاب تنظيم داعش يقف إلى جانب المليشيات المسلحة في بغداد في ترهيب أهالي العاصمة، حيث يقوم داعش بتفجير أسواق المناطق البسيطة، وكأنه يرسل رسائل بأنه قادر على التوغل في كل الأماكن، فيما تعمل الفصائل على قتل الصحافيين والناشطين، وإضفاء السواد على بغداد، ومنع أي جانب من جوانب حرية التعبير والحريات العامة".
وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "القوات الأمنية في العراق عليها أن تتحمل مسؤولية حماية أرواح العراقيين، وعدم إهمال أي تسريبات تفيد باستهداف الأسواق ومناطق المزارات الدينية، مع ذلك فإن العراقيين تعودوا على هذه الحياة، وهم لا يتراجعون عن استمرار طقوسهم في أيام الأعياد".
بدوره، لفت رئيس لجنة الأمن في مجلس العاصمة بغداد سعد المطلبي إلى أن "كورونا سبب رئيسي لحرمان أهالي بغداد، والعراق عموماً، من الخروج والتبضع خلال أيام العيد، لكن الاضطراب الأمني وتراجع منظومة الاستخبارات في التعامل والتعاطي مع الأحداث، والإخفاقات الأمنية تدفع العراقيين إلى عدم الثقة في كثافة الانتشار العسكري، والانفجار الأخير في مدينة الصدر سيؤثر على كل العراقيين، وقد ينزع عن أيام عيد الأضحى الفرح والتمتع بالاحتفالات".
مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "داعش لا يزال يهدد العراقيين، وأن التنظيم الإرهابي يتعمد اختيار مواعيد ترتبط بمناسبات اجتماعية ودينية مهمة لدى العراقيين لتنفيذ عملياته الإجرامية، ليرهب الآمنين، لذلك لا بد للحكومة أن تتحمل مسؤلياتها".