بدأ الوضع الوبائي في الجزائر يتعقّد ويتأزّم أكثر، بعد تصاعد قياسي لمعدلات الإصابات بفيروس كورونا، والنقص الحاد في الأوكسجين، إذ تواجه المستشفيات أزمة حادة في هذه المادة الحيوية، على الرغم من التطمينات التي أطلقتها الحكومة بشأن توفيرها.
أعلنت مصادر طبية مسؤولة وفاة أكثر من 11 شخصاً في مستشفى سطيف، كبرى مدن الشرق الجزائري، بسبب نقص الأوكسجين في المستشفى، ونشر مدير قسم الإنعاش في المستشفى، نبيل مصباح، تغريدة قال فيها، إنّ سلطات المستشفى كانت على علم بعدم توفّر الأوكسجين، ولم تبلّغ الأطقم الطبية بذلك.
فيما وجّهت جمعية الأمان لحماية المستهلك نداءً عاجلاً إلى السلطات العليا، لمعالجة الخلل في توزيع الأكسجين، وطالبت بفتح تحقيق أمني لاكتشاف حقيقة الأزمة، ودعت إلى التحرك من أجل إنقاذ ولاية سطيف، في ظلّ الانتشار الرهيب لوباء كورونا. كما أعلنت الجمعية أنّ "ولاية سطيف في حالة كارثية، إذ سُجل أكثر من 40 وفاة خلال الـ24 ساعة الأخيرة، وذلك بسبب عدم الالتزام بالوقاية وبسبب سوء التسيير المركزي والمحلي للأزمة".
وفتحت السلطات الصحية تحقيقاً عاجلاً في الحادث لمعرفة الأسباب وتقدير المسؤوليات، خاصة أنّ وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد، كان قد حثّ قبل يومين مسؤولي المستشفيات والمراكز الصحية على ضرورة الاحتراز وأخذ الاحتياطات اللازمة بشأن توفير الأوكسجين، إذ تعاني الجزائر منذ أيام من أزمة في هذه المادة.
وفي السياق ذاته، وجّهت المستشفيات نداءات استغاثة وطلبت من جميع الأطقم الطبية والمتربّصين في المجالات الصحية وطلبة المعاهد الطبية، الالتحاق بها للمساعدة في مواجهة الأزمة الوبائية والتكفّل بالمرضى. كما وجّهت إدارة مستشفى الشطية بالشلف، غربي البلاد، "نداءً إلى الأطقم الطبية المتقاعدة في قطاع الصحة وخريجي المدارس الخاصة للشبه الطبي، من أجل الالتحاق بمصلحة كوفيد-19 لتقديم المساعدة في إطار التطوع الإنساني، للحيلولة دون انهيار المنظومة الصحية بفعل الانتشار الكبير للعدوى".
وفي منطقة تلمسان، أقصى غربي الجزائر، بات المستشفى المركزي للمدينة غير قادر على استقبال المزيد من المرضى مع نقص الأكسجين، حيث تنفذ أسطوانات الأوكسجين في المستشفى بسرعة، في ظلّ الارتفاع القياسي للإصابات. وهو ما دفع النشطاء ومنظمات المجتمع المحلي، إلى دعوة المحسنين وأرباب الأموال للمساعدة في اقتناء أجهزة الأوكسجين.
وقال المدير الولائي للصحة والسكان لولاية تلمسان، منصور بوخيار، في تصريح صحافي أنّ "الوضع في تلمسان أصبح خطيراً وينذر بكارثة حقيقية إذا لم يعِ سكان الولاية خطورته، والأمور لا تبشر بالخير".
وإزاء هذه التطورات، تسارع السلطات الجزائرية للسيطرة على الوضع عبر توسيع عمليات التلقيح في المساجد والفضاءات العامة، ومن دون تسجيل مسبق. وتسلّمت الجزائر مساء أمس، 2.4 مليون جرعة لقاح إضافية، قدمت من الصين على متن طائرة نقل تابعة للقوات العسكرية الجوية، على أن تلي هذه الشحنة شحنات أخرى من اللقاح خلال الأيام القليلة المقبلة.
وفي السياق، تواصل الجزائر ترتيبات إنتاج اللقاح الصيني، سينوفاك في الجزائر، والمقرر أن يبدأ من شهر سبتمبر/ أيلول المقبل. ووصل أمس الجمعة، وفد الخبراء الصينيين إلى الجزائر، لتفقد التجهيزات والمعدات الخاصة بإنتاج اللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19، في مصنع تابع لشركة صيدال الحكومية، في منطقة قسنطينة شرقي الجزائر. وأفاد بيان لوزارة الصناعة الصيدلانية، أنّ الوفد سيقدم خبرات تقنية على مستوى الوحدة الإنتاجية.