عندما بدأ فيروس كورونا يغزو العالم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020، كان الأشخاص الأكثر تفاؤلاً يعتقدون أنه سيختفي بحلول منتصف العام، أو خلال فصل الصيف، في حين كان المتشائمون يرون أن نهايته ستكون في الربع الأول من العام الجديد.
مرت الشهور ثقيلة بين إغلاق، وحظر تجول، وقيود على الحركة والتنقل، تعرّض خلالها الملايين للإصابة، وعاش عشرات الملايين معاناة إصابة أو وفاة أفراد من العائلة أو الأصدقاء والزملاء، ورغم ذلك ما زال هناك بعض المنكرين لوجود الفيروس بعد نحو خمسة عشر شهراً من انتشاره.
شخصياً، لم أكن من بين المتفائلين حين تفشى الفيروس؛ ربما لم يخطر ببالي أن تكون تداعياته بهذه القسوة، لكني كنت أشعر بخطورته حين كان كثيرون يتعاملون معه باستخفاف، وبمرور الوقت تزايد عدد المتشائمين مقارنة بالمتفائلين.
قبل أيام، سألت صديقي الطبيب المتخصص في الفيروسات والأمراض المعدية عن توقعاته، خصوصاً بعد توسع حملات التلقيح، فقال إن كورونا سيواصل انتشاره لبضع سنوات قادمة، وإن الخبراء يتعاملون مع اثنين من السيناريوهات، أحدهما متفائل، والآخر متشائم.
رجوته أن يخبرني بالتفاصيل، وأن يبدأ بالسيناريو الأسوأ، فأكد أن التفاؤل ضرورة للمقاومة، وأن اليأس والإحباط يؤثران بشكل مباشر على مناعة الجسم، وهي السلاح الأول في مواجهة أي فيروس.
أصررت على معرفة السيناريو المتشائم أولاً، فأوضح أنه في حال واصل الفيروس تطوره الحالي، فإن انتشار السلالات الجديدة منه قد تجعل الفترة المتوقعة للسيطرة عليه أطول، وبالتالي عدد الضحايا أكبر، وهذا سيجعل التداعيات كارثية.
وبينما كنت أحاول تخيل التداعيات، عاجلني قائلاً إن المتفائلين يتوقعون السيطرة على الفيروس خلال السنتين المقبلتين، قبل أن يستدرك بأن السيطرة على فيروس تختلف عن القضاء عليه.
وأضاف الطبيب أنه عند السيطرة على الفيروس سيتمكن العالم من العودة إلى حياة شبه طبيعية، تندر فيها إجراءات مثل الحجر الصحي أو حظر التجول، ويعاد فتح غالبية القطاعات، وتخفف قيود السفر، مع الالتزام بقيود السلامة، مثل ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي.
وأكد أن الأمر قد يستغرق ما بين سنتين إلى خمس سنوات، يتم خلالها نشر منظومة التلقيح عالمياً، ويعتاد البشر خلالها على أسلوب حياة يدمج الإجراءات الاحترازية في كل الأنشطة اليومية. ولاحقاً سيتحول كورونا إلى واحد من الفيروسات الكثيرة التي يتعايش البشر معها، وستكون لقاحاته مثل لقاح الأنفلونزا الموسمية، أو لقاح الملاريا الذي يلزمك الحصول عليه حين تسافر إلى بعض الوجهات.