كورونا: أعراس تونس مؤجلة

21 يوليو 2021
تفشّي الوباء حرمهما من الاحتفال (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

 

سُجّلت إصابات كثيرة بكوفيد-19 بين تونسيين شاركوا في حفلات زفاف، ما دفع إلى تأجيل الأفراح والمناسبات باختلافها. لكنّ ذلك أثّر على قطاع التجارة الخاص بها.

في المدينة العتيقة بالعاصمة التونسية، على مقربة من جامع الزيتونة، تنتشر أشهر المحال الخاصة ببيع لوازم الأفراح. وكان السوق يشهد في العادة حركة كبيرة واكتظاظاً على مدار العام، إذ يقصده التونسيون من مختلف الجهات لشراء ما يلزم لمختلف مناسبات الفرح من حفلات زفاف وخطوبة وختان وغيرها. والتونسيون ليسوا وحدهم قاصدي هذا السوق، فهو يجذب كذلك السيّاح الأجانب. لكنّ هذا كان في الماضي، إذ يُسجَّل اليوم ركود كبير بسبب تأجيل الحفلات بأنواعها، نتيجة الوضع الوبائي المتدهور في البلاد.

والأفراح في تونس، لا سيّما حفلات الزفاف والخطوبة، لطالما ارتبطت بأوقات معيّنة مثل الأعياد الدينية وفصل الصيف. لكنّ الوضع اختلف كثيراً هذا العام مع انتشار فيروس كورونا الجديد، خصوصاً في ظلّ تطبيق حظر التجوّل وإغلاق المحال وقاعات الأفراح. وهذا ما دفع كثيرين إلى تأجيل أفراحهم إلى حين تحسّن الوضع الصحي، في حين اختار آخرون إتمام  الزواج أو الخطوبة من دون احتفال أو تجمّعات مع الاكتفاء بعدد قليل من المدعوّين في المنزل وليس في قاعة. فيقتصر الأمر مثلاً على عقد القران وسط أفراد العائلة وعدد من الأصدقاء، مع التقاط صور لتوثيق المناسبة.

وبينما يوفّر ذلك مصاريف كبيرة على المقبلين على الزواج أو المحتفلين بمناسبة أخرى، فإنّ الضرر يطاول عاملين كثيرين في مجال الأفراح. فتلك المناسبات ترتبط بأنشطة تجارية عدّة، الأمر الذي يوفّر فرص عمل لآلاف الأشخاص ويمثّل مصدر رزق كبير للتجار. وإلى جانب أصحاب محال بيع لوازم الأفراح، يتأثّر كذلك أصحاب محال بيع الأثاث ومعارض فساتين الزفاف ومحال المجوهرات، وكلّ من يرتبط عمله بالأفراح بأنواعها.

الصورة
سوق الأفراح في تونس 1 (العربي الجديد)
النشاط تراجع وسط الأزمة الصحية (العربي الجديد)

والمحال المتخصصة في بيع لوازم الأفراح من حلويات وزينة وبخور وغيرها، تنتشر في معظم المدن التونسية، وتشهد على مدار العام نشاطاً كبيراً، لا سيّما في الأعياد والمناسبات المختلفة من قبيل المولد النبوي ورأس السنة الميلادية أو رأس السنة الهجرية، وعيدَي الفطر والأضحى. فالعائلات التونسية تربط مواعيد أفراحها بمناسبات دينية يكون في خلالها الناس في عطلة، علماً أنّ حفلات الأفراح تمتد عادة نحو أسبوع. لكنّ الأحياء التي تحتضن من تلك المحال باتت اليوم شبه خالية من الناس، بسبب تأجيل الحفلات، خصوصاً مع تفاقم الوضع الوبائي في كل الجهات بعد فتح الحدود في يونيو/ حزيران الماضي.

الصورة
سوق الأفراح في تونس 2 (العربي الجديد)
الإقبال خجول (العربي الجديد)

يشير محمد ضيف الله وهو أحد التجار في المدينة العتيقة بالعاصمة إلى أنّ "تجارتنا تراجعت بشكل كبير هذا العام، حتى أنّ بعضنا بات غير قادر على تسديد  إيجار المحال". وضيف الله يبيع الحلوى والزينة الخاصة بحفلات الحنة للشابات في إطار حفلات الزفاف، بالإضافة إلى لوازم قفة العروس وما تحتويه من مواد لا تغيب عن الأفراح التونسية. ويتابع ضيف الله لـ"العربي الجديد" أنّ "تجارتي لا تشهد في العادة ركوداً على مدار السنة، وتشهد خصوصاً نشاطاً كبيراً في فصل الصيف وفي المناسبات الدينية. لكنّها تعرف هذا العام ركوداً كبيراً بسبب منع حفلات الزفاف وتأجيلها إلى حين انتهاء كابوس هذا الفيروس. وحتى أولئك الذين لم يؤجّلوا أفراحهم، اكتفوا بأمور بسيطة بخلاف العادة".

الصورة
سوق الأفراح في تونس 3 (العربي الجديد)
موسم كاسد (العربي الجديد)

غير بعيد من محلّ ضيف الله، أعاد سيف الدين ترتيب بضاعته على الرفوف، من قبيل باقات الأزهار التي تتوسطها قطع حلوى ومكسّرات تُباع في العادة لحفلات الخطوبة. ويشير إلى أنّه "بين حين وآخر، أيع بعض الحلوى أو البخور بكميات قليلة، الأمر الذي لا يوفّر إلا مداخيل متواضعة لا تتجاوز 10 دولارات أميركية في اليوم". ويوضح سيف الدين لـ"العربي الجديد" أنّه "في السابق، خصوصاً في فصل الصيف، كنت أحقّق مداخيل يومية تصل إلى 100 دولار في اليوم. لكنّنا هذا العام بتنا غير قادرين حتى على تسديد بدلات إيجار محلاتنا، مع تراجع عدد زبائننا بشكل كبير". ولا يخفي أمله بانتهاء "هذا الوباء قبل نهاية السنة".

الصورة
سوق الأفراح في تونس 4 (العربي الجديد)
في انتظار التسوّقين (العربي الجديد)

من جهتها، تقول جميلة وهي صاحبة محلّ تأجير فساتين زفاف لـ"العربي الجديد" إنّ "الوضع الحالي أثّر على عملي بشكل كبير، إذ قلّ الطلب نتيجة إغلاق قاعات الأفراح وتأجيل حفلات الزفاف التي كانت مقرّرة هذا العام. وهو ما اضطرني إلى تقليص عدد العاملات في المحلّ. كذلك لم أعد أفتح المحل إلا قليلاً وأكتفي بتلقّي طلبات عبر الهاتف".

قضايا وناس
التحديثات الحية

في سياق متصل، يواجه أصحاب قاعات الأفراح كذلك ركوداً كبيراً في أعمالهم بسبب تأجيل المناسبات. وقد أقفلت بمعظمها أبوابها واستغنت عن عدد كبير من العاملين فيها. ويقول عبد الحميد الشافعي وهو واحد من أصاحب تلك القاعات لـ"العربي الجديد" إنّ "قاعتي كانت تستقبل 50 حفلاً تقريباً في السنة. لكنّنا لم ننظم إلا ستّ حفلات منذ بداية هذا العام، وذلك في الفترة التي استطاعت فيها تونس السيطرة على الوضع الوبائي".

المساهمون