قياس ثاني أوكسيد الكربون مؤشّر لخطورة كورونا

12 فبراير 2021
توعية حول كورونا في واشنطن (سارة ل.فوازين/ Getty)
+ الخط -

في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أطلق أحد المطاعم في ولاية واشنطن الأميركية "Nick Crandall’s restaurant" حملة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب قرار سلطات الولاية إغلاق المطعم لأنه لا يُتيح تناول الطعام في الهواء الطلق في ظل القيود المفروضة للوقاية من تفشي فيروس كورونا، على الرغم من نوافذه الكبيرة التي تسمح بدخول الهواء.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، يقول صاحب المطعم: "لدي فضول لمعرفة السبب العلمي لتناول الطعام في الهواء الطلق". أصداء الحملة وصلت إلى الحاكم الديمقراطي للولاية جاي إنسلي. بدا الأمر وكأنه معركة مسيّسة في فترة تولي دونالد ترامب الرئاسة. لكن المعركة انتهت الآن بعدما اعتمدت الولاية سياسة جديدة تتعلّق بقياس مستويات ثاني أوكسيد الكربون كمؤشر رئيسي لمقدار الهواء النقي في الجو. 
نجح المطعم في إعادة فتح أبوابه أمام الزوار بعد تركيبه أجهزة لقياس غاز ثاني أوكسيد الكربون في المكان، على أن تبقى النسبة أقل من 450 جزءاً في المليون، أي أعلى بقليل من المستويات الموجودة في الهواء في الخارج، للحد من انتشار الفيروسات.
وبحسب خبراء الصحة، فإن الهواء يحمل معه الفيروس إلى مسافات بعيدة. وحتى تتمكن المطاعم والشركات من معرفة كمية الفيروسات الموجودة في الجو، عليها قياس كميات ثاني أوكسيد الكربون الذي يُعد مؤشراً لتحديد كيفية الحد من الفيروسات، أو على الأقل، يُعدّ مؤشراً على أن الهواء الذي يتم استنشاقه بات خطيراً. 
وتوضح الصحيفة أن قياس مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الجو يُعدّ المعيار الأدق للحد من كيفية انتشار كورونا، مضيفة أنّه يتم وضع الجهاز مع شاشة لقراءة معدلات الغاز في الهواء، بهدف الحفاظ على معدلات أقل من 450 جزءاً في المليون. وفي حال كانت المستويات أعلى من ذلك، فإن مخاطر انتقال الفيروس تكون أعلى.

ويرى الخبراء أن هذه السياسة تُعدّ جزءاً من الاستراتيجية الجديدة لإعادة فتح البلاد ومكافحة الفيروس. ويقول ريتشارد كورسي، خبير جودة الهواء الداخلي في جامعة ولاية بورتلاند (جامعة البحوث الحضارية لولاية أوريغون): "السبب في أهمية قياس ثاني أوكسيد الكربون هو أن هذه التقنية تعد مؤشراً واضحاً لمقياس مقدار الهواء الذي نتنفسه ويخرج منا". يضيف أن الخطورة تبدأ حين يتنشق الناس أنفاس بعضهم البعض في المساحة الداخلية نفسها، أي حين يصل التركيز الداخلي لثاني أوكسيد الكربون إلى 800 جزء في المليون، الأمر الذي يعدّ مقلقاً في ظل تفشي كورونا. 
بفضل هذه السياسة الجديدة في الولاية، ازدهرت مبيعات أجهزة مراقبة ثاني أوكسيد الكربون، لدرجة أن أحد الأنواع الشهيرة Aranet4 التي تبلغ تكلفتها 250 دولاراً، بيع بسرعة أكبر من قدرة الشركة على الإنتاج. ويقول مدير التسويق في الشركة توماس ريكتشا: "لم نتوقع هذا الارتفاع الكبير في حجم المبيعات". يضيف: "عمدنا إلى شرح أهمية هذه التقنية، وأطلقنا مؤخراً منتدى Aranet في محاولة لتوعية المستهلكين قدر الإمكان من خطر غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو".

خلال حصوله على لقاح كورونا (دايفد رايدر/ Getty)
خلال حصوله على لقاح كورونا (دايفد رايدر/ Getty)

لم يقتصر الأمر على الولايات المتحدة. ففي أستراليا، تمّ توثيق الأرقام بعد تركيب أجهزة قياس ثاني أوكسيد الكربون في المتاجر ومكاتب الأطباء والشركات للحد من انتقال الفيروس. في اليابان، يتزايد استخدام الأجهزة أيضاً، وقد اعتمدت خلال حفل موسيقي أقيم في مكان عام.  
إلى ذلك، توضح  الخبيرة في شركة "فيرجينيا تيك" المتخصصة بالتهوئة، لينسي مار: "هذه الآلية تمنح نظرة ثاقبة عن التهوئة بشكل عام، وهو أمر يصعب حقاً اكتشافه بخلاف ذلك". 
عادة ما يلجأ العلماء لقياس ثاني أوكسيد الكربون من خلال معدات علمية متطورة يمكن أن تصل كلفتها إلى آلاف الدولارات. لذلك، بدلاً من ذلك، أصبحت مجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار المحمولة أو القابلة للتركيب والتي تبلغ كلفتها نحو 100 دولار وما فوق، أمراً أسهل بالنسبة إلى المجتمع. 
بالإضافة إلى هذه التقنية، يلفت خبراء الصحة إلى أهمية الأجهزة التي تستخدم تقنية تسمى الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء، التي تعتمد على المبادئ الفيزيائية الأساسية نفسها التي تحرك ما يسمى بتأثير الاحتباس الحراري، سواء في الغلاف الجوي أو في غرفة صغيرة، والتي يمكنها قياس مستويات ثاني أوكسيد الكربون.

كوفيد-19
التحديثات الحية

نظرياً، بحسب الصحيفة، يمكن لمثل هذه التقينات قياس مستويات الغاز، وبالتالي تقليل المخاطر. ويقول الخبير في جامعة كولورادو، خوسيه لويس جيمينيز، الذي روج لاستخدام أجهزة الاستشعار: "من الجيد جداً أن يكون الوباء قد زاد من وعينا بشأن جودة الهواء داخل المباني، وهو موضوع تم إهماله لعقود".
في المقابل، يُحذّر علماء من حصول أخطاء بسبب هذه التقنية. على سبيل المثال، يُمكن لهذه الأجهزة أن تخطئ في قياس ثاني أوكسيد الكربون في ظلّ تداخل الوقود الأحفوري مع الغازات الدفيئة الأخرى (مثل بخار الماء). على الرغم من وجود هذه المخاوف، تقول مستشارة السياسات لحاكم ولاية واشنطن شيري سوير، التي شاركت بشكل مركزي في إصدار التوجيهات الجديدة بشأن "الهواء الطلق": "هناك عدد من الدراسات التي استخدمت مستويات ثاني أوكسيد الكربون كنوع من المعايير للحدّ من مخاطر فيروس كورونا. لذلك، يمكن أن يكون مفيداً بالنسبة للشركات، استخدام ذلك كأداة لمخاطر انتقال فيروس كورونا". 

المساهمون