قلوب لبنانيين تحترق مع سوق النبطية: ليس مجرد مربع إسمنت

13 أكتوبر 2024
أكوام أنقاض في سوق النبطية (عباس فقيه/ فرانس برس)
+ الخط -

صباح الأحد، بدا سوق النبطية التجاري في جنوب لبنان أشبه بمنطقة منكوبة بعدما استهدفته غارة إسرائيلية حوّلت المحال إلى أكوام ركام تصاعدت من أنحائها أعمدة دخان. وعاين سكان الدمار وبكوا قلب مدينتهم النابض وذكرياتهم.

وصف طارق عبد الأمير صدقة ما شاهده حوله بأنه "زلزال حلّ بسوق النبطية الذي دمّر بالكامل. وحتى الزاوية التي كنا نجلس فيها لاحتساء القهوة صباحاً دمّرت". يضيف: "يعجز اللسان عن التعبير. لم نعد نقوى على الكلام. أنا باقٍ هنا ولن أغادر النبطية لأنها أمّنا. من المحزن أنّ أرزاق الناس دُمّرت".

عملت جرافة لرفع حجارة جعلت التنقل شبه مستحيل في المكان المستهدف، وبدت واجهات المحال مدمّرة، ولم تنج إلا بضع لافتات كانت مرفوعة عليها. أيضاً تهشمت واجهة مبنى من ثلاث طبقات، وبدت جدرانه سوداء جراء الدخان، بينما تقطعت كابلات الكهرباء وتدلت في أماكن عدة.

ويشكل سوق النبطية التجاري منذ عقود مقصداً لسكان المدينة وروادها من البلدات التي تقع في محيطها، ويكتظ بمحال ومؤسسات متنوعة بينها متاجر ثياب ومجوهرات وحلويات. وتقع مدينة النبطية، وهي مركز محافظة تحمل الاسم نفسه، على بعد نحو 13 كيلومتراً من أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل، وتضم مؤسسات رسمية وتجارية كبرى ومستشفيات عامة وخاصة إضافة الى جامعات رسمية وخاصة. وسبق أن وجهت إسرائيل منذ بدء التصعيد مع حزب الله قبل عام ضربات محدودة طاولت شققاً في المدينة، من دون أن تخلّف دماراً واسعاً.

بدوره، تحسّر الرجل المسن حلمي جابر على تدمير السوق، وقال: "كانت هذه أجمل منطقة وأفضل سوق فيها. نحن خائفون ودماؤنا على أيدينا، ونخشى ضربات جديدة، لأن الإسرائيليين لا يستثنون أحداً ويريدون أن يجعلوا النبطية أرضاً محروقة". ويسأل: "هل هناك نكبات أكبر؟ أريد أن أغادر، لكن من سيأخذني الآن وأنا عاجز عن التحرك؟". يتابع: "من سينظر في حالنا؟ نوابنا الذين يسافرون ويقيمون في الفنادق؟ هل سيأتي أحد لتفقدنا؟".

وقال محمود خرابزيت: "مرت حروب كثيرة علينا، واستُهدفنا بالقصف، لكننا لا نزال صامدين، واستهداف إسرائيل المدينة لن يدفعني إلى مغادرتها. النبطية روحي. وعندما تذهب الروح تكون قد انتهت". وشبّه الشيخ علي طه السوق بمنزله. وقال: "أشعر أن منزلي تعرّض لقصف. ترعرعنا هنا، وتعرّف هنا الناس بعضهم إلى بعض". 

وفي منشور على "فيسبوك"، عدّدت الكاتبة بادية فحص أسماء محال حفظتها مع أسماء مالكيها في السوق المستهدف: "مكتبة ومحل حلويات وألبسة وأحذية وفلافل وبهارات وصيدلية ومحل بيع أسطوانات كان يطرب بموسيقاه رواد السوق. وختمت منشورها الذي لقي تفاعلاً واسعاً: "هذا قلبنا الذي احترق وليس مجرد مربع إسمنت".

(فرانس برس)

المساهمون