ألقت تداعيات كوفيد 16 بآثارها على العملية التعليمية في الصومال، إذ تسبب توقف المدارس خلال فترات ذروة انتشار الفيروس في ضعف التحصيل العلمي، وهو ما دفع مجموعة من الشبان الصوماليين بإطلاق تطبيق يوفر للطلاب والمعلمين بيئة تعليمية إلكترونية، تساعد الطلبة على اجتياز اختبارات الفصول الإعدادية والثانوية العامة، إلى جانب رفع جودة المعلمين.
القائمون على منصة "قلم التعليمية عام 2020"، ابتكروا المشروع حفاظاً على استمرار قطار التعليم ولمحاولة إصلاح الضرر الذي لحق بالتعليم الأساسي والثانوي في البلاد بسبب الجائحة.
لقيت المنصة التعليمية رواجاً كبيراً منذ إطلاقها عام 2020، ويُقدر عدد متابعيها الذين يتلقون برامجها التعليمية بنحو 60 ألفا، أغلبهم طلاب في المراحل الأساسية والثانوية، وتقدم المنصة دروساً مسجلة لجميع المواد في المراحل الأساسية والثانوية، وفق المنهج الدراسي الحكومي في البلاد.
من مشروع مؤقت لمنصة تعليمية
جاءت فكرة مشروع "منصة قلم" بعد توقف التعليم وتعطيل الدراسة في البلاد عام 2020 بسبب الجائحة، بغية توفير منصة مؤقتة تعوض طلاب الثانوية العامة فترة انقطاع الدراسة.
جاءت فكرة مشروع "منصة قلم" بعد توقف التعليم وتعطيل الدراسة في البلاد عام 2020 بسبب الجائحة
يقول عبد العزيز ولي، مسؤول العلاقات في "منصة قلم"، إن المشروع جاء بديلاً تعليمياً عاجلاً، حفاظاً على استمرار قطار التعليم في البلاد عن بعد، وخاصة طلاب الثالث الثانوي والصف الثامن الذين كانوا يستعدون لدخول الامتحان النهائي الحكومي حينها.
وأضاف أنهم اكتشفوا أهمية توفير دروس مسجلة لمناهج الصفين الثالث الثانوي والثامن فقط، لكن لم تكن كافية لسد الفراغ الذي تركته الجائحة.
واستدرك: "بدأنا بتسجيل جميع المناهج الدراسية من الصف الأول ابتدائي إلى الثانوية، حيث استغرقت عملية التسجيل سنة كاملة".
وتابع: "عملية تسجيل منهج متكامل ليست سهلة، بل إيجاد مدرسين أكفاء في مادة دراسية معينة أصعب بكثير، لكن بحمد الله تمكنا من التسجيل وبأفضل المدرسين في البلاد، بعضهم كان لديهم خبرة 40 عاما في مجال التدريس".
بحسب المشرفين على المشروع، فإنه بعد تسجيل وتجهيز جميع المواد الدراسية من الابتدائية إلى الثانوية، وفق المناهج الدراسية، تحولت المنصة من مشروع مؤقت إلى منصة تعليمية متكاملة يستفيد منها الطلاب والمدرسون على مستوى البلاد.
نافذة علمية للطلاب
مع غياب سياسة حكومية للتعليم عن بعد، وضمان استمرار الدراسة أثناء انتشار الجائحة والمرحلة التي بعدها، تبقى المنصة نافذة علمية لآلاف الطلاب حيث يتابعها أكثر من 60 ألف طالب وطالبة في المراحل التعليمية المختلفة.
تقول سعادة عبدالله، إحدى طالبات الثانوية في مدرسة أدلت: "أنا محظوظة كوني عضوا في هذه المنصة، وتشكل بالنسبة لي فرصة لا تعوض ونافذة لمراجعة ما يصعب علينا في الدروس اليومية".
المنصة نافذة علمية لآلاف الطلاب حيث يتابعها أكثر من 60 ألف طالب وطالبة في المراحل التعليمية المختلفة
وأضافت سعادة أنها ونظيراتها في الفصل يستعددن لامتحان الثانوية العامة في العام الدراسي 2022 - 2023 دون ارتباك أو خوف من بعض المواد التي كانت تشكل عقبة للدفعات السابقة، موضحة أن "التطبيق يغنيك عن الذهاب واللقاء مع أصدقاء الفصل من أجل مراجعة الدروس، فكل شيء في متناول يديك، حيث يمكنك مراجعة الدروس وحل المسائل بنفسك".
ويمكن للطلاب تنزيل تطبيق "منصة قلم" من متجر أندرويد وأبل ستور في الهواتف المحمولة، لمتابعة جميع المواد الدراسية في المراحل الأساسية والثانوية وقتما يشاؤون مقابل دولارين في الشهر.
وهو مبلغ مساعد لأولياء الأمور الذين غالبا ما يعتمدون على إرسال أولادهم لمدارس التقوية (خصوصية) أو تنظيم دروس خصوصية في المنزل مقابل مبلغ يتراوح بين 50-100 دولار شهرياً.
تعزيز جودة التعليم
تعتبر منصة "قلم التعليمية" إضافة نوعية بحسب بعض المعلمين، حيث صارت مكانا يرجع إليه الطلاب للاستفادة من الدروس، كما تسهم في تعزيز نسبة استيعاب الطلاب في المواد التي يدرسونها.
يقول عبد الفتاح حسن، مدير مدرسة أدلت، إن إطلاق المنصة "يأتي في وقت كنا في أمس الحاجة إليها، نظرا للوضع التعليمي الذي يعاني من نقص الجودة في مجالات كثيرة".
وأضاف عبدالفتاح أن المنصة تلعب دورا كبيرا في رفع استيعاب الطلاب من الدروس، "كما توفر فرصة لمراجعة الدرس قبل المدرس، ما يقلص الوقت الذي كان يقضي فيه الطلاب فهم الدروس خلال الفصل".
وأردف: "مدة الحصة المدرسية 45 دقيقة وهذا لا يكفي للأستاذ أن يتابع المنهج، وفق زمن محدد، مع حرصه على فهم واستيعاب الطلاب، وهو ما كان يدفعنا في السابق إلى تنظيم حصص إضافية للطلاب في أيام العطلة".
المنصة ليست خاصة للطلاب بل حتى للمدرسين الجدد يعتمدون عليها لمراجعة بعض موادهم، حيث يستفيد المدرس من البرامج التعليمية للمنصة مقابل واحد دولار شهريا وهو ما يسهم في تمكنهم من المواد التي يُدرِسونها.
(الأناضول)