قصر الأمراء... إرث تاريخي في تونس يوشك على الانهيار

25 يوليو 2024
قصر الأمراء في نابل (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تاريخ القصر ومعماره**: يقع قصر الأمراء في نابل، تونس، ويعود تاريخه إلى الفترة الرومانية. شهد القصر تغييرات معمارية خلال إقامة وسيلة بورقيبة، حيث جمع بين الطراز الروماني القديم والحديث. يتميز بشرفته العليا المطلة على البحر وأراضي الزيتون.

- **حالة القصر الحالية**: الطريق إلى القصر غير معبدة، والقصر مهدد بالسقوط بعد انهيار أسقفه وتصدع جدرانه. لم تحدث أي ترميمات منذ خروج وسيلة بورقيبة، وسُرقت محتوياته، مما جعله موضع شائعات خرافية.

- **أهمية القصر ودعوات الترميم**: القصر يتبع وزارة الثقافة ويشرف عليه معهد حماية التراث. يظل القصر ظاهرة معمارية يتوافد إليها الزوار، ويؤكد سكان المنطقة على أهمية ترميمه بسرعة لإنقاذه وجذب السياح.

على هضبة تُطل على شاطئ مرسى الأمراء بمدينة نابل في تونس، لا يزال بعض صخور قصر الأمراء، أو قصر وسيلة كما يسميه البعض نسبة إلى اسم زوجة الرئيس السابق الحبيب بورقيبة التي أقامت فترة في القصر قبل نهاية حكم زوجها، متماسكاً ويحافظ على معالم بناء لم يتفق المؤرخون على تحديد تاريخ تشييده. يقول بعض المؤرخين إن المنطقة سُميت تاكلسة، وهي كلمة أمازيغية تعني ما فوق المرتفعات، فيما يعتقد آخرون أن الاسم يعني منطقة التوت الذي كانت تشتهر المنطقة بإنتاجه. ورغم التوافق على أنّ التسمية أمازيغية، يبقى المعنى غامضاً مثل تسميات عدة لا تزال من دون تعريف أو تفسير. 
يقول البعض عن تاريخ القصر إنّه يعود إلى الفترة الرومانية، لكن المؤرخين لم يتفقوا على تاريخ تشييده، لا سيما أنّ وسيلة بورقيبة أحدثت فيه تغييرات حين أقامت فيه، إذ جمع المهندسون بين الطراز المعماري القديم للرومان والحديث على صعيد مواد البناء المستخدمة. ويختلف البناء المعماري للقصر عن قصور أخرى، إذ شُيّد على شكل حصن مثل تلك التي شيّدها الرومان سابقاً، وتطل شرفته العليا على امتداد البحر من واجهة القصر، وعلى امتداد أراضي أشجار الزيتون والمزارع من الجهة الخلفية. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وليست الطريق إلى القصر معبّدة بل رملية توجد على جانبيها أشجار وأشواك نادرة. ويوحي كل شيء حالياً بأن الموقع خراب بخلاف السابق حين كان يعج بزوار راغبين في اكتشاف القصر. وتجعل لافتة منع الدخول المعلقة على المدخل الخارجي للقصر كثيرين يعدلون عن المغامرة بزيارة القصر ومحيطه، فقد أصبح شبه متداعٍ ومهدد بالسقوط بعد انهيار أسقفه وبعض جدرانه وتصدّع برجه. 
وفي آخر الطريق المؤدية إلى القصر، توجد فسحة خارجية كبيرة تطل على البحر في شكل دائري. ويقول سكان المنطقة إن وسيلة بورقيبة نظمت سهرات خلال إقامتها في القصر، كما يقولون إن عائلة وسيلة تملك القصر، لكنه بات يتبع وزارة الثقافة حالياً، ويشرف عليه معهد حماية التراث. وبعد سنوات من الإهمال، سُرقت كل محتوياته، وانتشرت شائعات خرافية عنه، لكنه يظل ظاهرة معمارية يتوافد إليها كل من يزور تاكلسة، لا سيما أنّه قريب من البحر حيث يصطاف كثيرون. 

قصر مهدد بالسقوط (العربي الجديد)
قصر مهدد بالسقوط (العربي الجديد)

ويتضمن القصر قاعة فسيحة تطل على البحر تتمركز في أحد أركانها مدفأة من حجر، يقول حارس القصر إنّها شيّدت خلال إقامة وسيلة بورقيبة فيه، والتي شهدت أيضاً تركيب النوافذ والإضاءة والأرضية التي تحتوي على رخام وجليز وإصلاح السقف والجدران، أما اليوم فبات كل شيء مهترئاً والنوافذ مكسورة. 
ويحتوي القصر على عدة غرف في الطابق الأرضي، وكذلك في الطابق العلوي الذي يتطلب الصعود إليه توخي الحذر في كل خطوة، لأن السلالم الخشبية مكسورة والفوهة الكبيرة مغطاة ببعض الخشب التي يوفر ممراً بسيطاً للصعود. ولم تحدث أي ترميمات منذ خروج وسيلة بورقيبة من القصر. 
وتطل كل الغرف الصغيرة في الطابق العلوي على البحر، خصوصاً تلك في أعلى البرج الذي يبدو كأنه برج مراقبة لكل منافذ البحر. ويتضمن القصر ممرات صخرية قيل أنّها كانت مخصصة لرسو السفن في المكان، خصوصاً سفن الأمراء الذين لم يتحدث المؤرخون عن هوياتهم.

شُيّد قصر الأمراء على شكل حصن (العربي الجديد)
شُيّد قصر الأمراء على شكل حصن (العربي الجديد)

لا توجد في القصر أي محتويات أثرية قديمة أو أثاث، إذ سُرقت كل محتوياته، ولم يعرف مصيرها. ولا يختلف الشكل العام للقصر عن أي بناء روماني قديم، وشكل البرج الدائري يشبه الأبراج التي شيّدها الرومان، وهو مغلق ولا يمكن أن يصعد أحد إليه لأنّه متصدع ومهدد بالسقوط، خاصة بعدما انهار جزء كبير منه. ويقول حارس القصر: "إنه معلم تاريخي يتطلب تدخل معهد حماية التراث بسرعة لترميمه، خصوصاً أنّه كان يجلب السياح، أما اليوم فيُمنع دخول عامة الناس إليه بسبب خطورته". 

وبات القصر موضع دراسة من خبراء وباحثين كثيرين في التاريخ والآثار، خصوصاً أنّه بني باستخدام الحجارة نفسها التي شيّدت بها الحصون الرومانية في عدة مناطق بتونس. ويقول عبد الغفار (81 عاماً)، أحد سكان تاكلسة: "تحتوي المنطقة على آثار كثيرة على غرار الساعة المحفورة بالأرقام الرومانية على أحد جدران القصر الذي يتضمن دهاليز لم تكشف. وهناك حجارة وصخور وقطع أثرية يجب أن يدرسها خبراء التاريخ والآثار لإنقاذ ما بقي من القصر الذي كان يحدث حركة سياحية كبيرة في المنطقة، سواء من تونسيين أو أجانب يتوافدون إلى شاطئ المنطقة ويكتشفون القصر الذي لم يعرّف كثيراً في الكتب والمراجع. 

المساهمون